بقلم إلسي مِلكونيان:
"لم يجد طفلاي، فهد وهاجر، صعوبة في التأقلم مع حياتهما الجديدة في المدرسة العربية في أربيل منذ أن قدموا إليها في عام 2011. وعلى الرغم من أن المدرسة بعيدة فعلاً عن المنزل، لكنها خيارنا الوحيد لأن المدارس القريبة تدرس باللغة الكردية وهذا أمر صعب بالنسبة للعرب".
بهذه العبارات تحكي أم مروة، عمة فهد وهاجر، لموقع (إرفع صوتك) قصتها والجهود التي بذلتها لتعليم أولاد أخيها. ونزحت العمة، بعد وفاة والد الطفلين، من الموصل إلى أربيل، حيث كانا صغيرين جداً أحدهما في الأول الابتدائي والآخر يتحضر لدخول المدرسة الابتدائية.
وتضيف السيدة الموصلية أن هذا شأن العديد من النازحين والنازحات مثلها والذين أتوا إلى أربيل منذ عدة سنوات، فلا خيار لديهم إلا دراسة المنهج الكردي المترجم إلى اللغة العربية ضمن هذه المدارس.
النازحون الجدد (أي في الفترة التي تلت ظهور داعش في 2014) حالهم مختلف، فهم يرتادون مدارس النازحين الموجودة في مناطق مختلفة من الإقليم ويدرسون المنهج العربي المتبع من حكومة بغداد. لكن ماذا عن مستقبل هؤلاء الطلبة النازحين بين المناهج المختلفة؟
من داخل مدرسة للنازحين
وأقيمت مدارس نزوح في مختلف أنحاء الإقليم يدرسون فيها باللغة العربية ليتمكنوا، في حال العودة إلى مناطقهم المحررة، من مواصلة تعليمهم في مدارسهم كالسابق.
ولا توجد إحصاءات رسمية حول العدد الحالي لمدارس النازحين في الإقليم أو عدد الطلاب فيها. لكن عروبة مجيد الكبيسي، مديرة ثانوية الرصافي للبنات، تؤكد لموقع (إرفع صوتك) وجود 250 مدرسة للنازحين، أقيمت قرب المناطق التي يتركز تواجدهم فيها، يرتادها حوالي 120 ألف طالب.
تقول الكبيسي "لكن غالبية هذه المدارس تعاني من مشكلة عدم انتظام الدوام بسبب عدم وجود كادر تدريسي كافي".
في المقابل، توجد هناك 19 مدرسة تعمل بتمويل من "مؤسسة الخنجر" العراقية للتنمية والتي يمولها رجل الأعمال العراقي المعروف خميس الخنجر وتستوعب 21 ألف طالباً نازحاً.
تقول الكبيسي "نعمل في مدارس الخنجر بدوام منتظم وأملك كادراً تدريسياً كاملاً يساعدني على تعليم الطلبة النازحات واللواتي وصلن إلى المدرسة بمستويات تعليمية مختلفة. كما يوجد ضمن المدرسة أخصائية اجتماعية تسعى لحل المشاكل النفسية والاجتماعية التي تعاني منها الطالبات".
تحديات ومستقبل تعليمي مقلق
ويبقى التحدي الأبرز في موضوع تعليم النازحين السابقين والجدد في كردستان هو اختلاف المناهج التي يدرسونها بين المنهج الكردي المترجم أو العربي في مدارس لا تعمل بشكل جيد.
وقد يكون التفكير بمستقبل هؤلاء، إن طالت فترة المعارك وإعادة بناء المناطق المحررة، مقلقاً. إذ يتعرض إقليم كردستان إلى ضغوط كثيرة تجعل استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب النازحين أمراً صعباً.
ويشرح أيدن معروف، عضو لجنة التربية والتعليم في برلمان إقليم كردستان في حديث لموقع (إرفع صوتك) وجود مجموعة إضافية من التحديات، قائلاً إن موجة النزوح هذه تؤثر سلباً على التعليم في الإقليم بشكل عام. "نحن نواجه أزمة مالية، خاصة بعد أن قطعت حكومة بغداد حصة الإقليم من النفط (منذ حوالي عامين). كما نواجه أيضاً قلة في عدد المدرسين، مما يؤثر سلباً على التعليم في الإقليم وعلى النازحين على حد سواء".
من جهة أخرى، تستعد الهيئات المسؤولة عن التعليم في الحكومة الاتحادية وخاصة في المناطق المحررة لإعادة استقبال النازحين في كردستان وسط تحديات مختلفة، تشرحها لموقع (إرفع صوتك) انتصار الغريباوي، عضوة لجنة التربية النيابية في الحكومة الاتحادية.
تقول انتصار إن السلطات العراقية قد شكلت لجاناً تعليمية متخصصة في المحافظات لمتابعة هذه القضية. "لكن التحدي الأبرز هو الحاجة ماسة إلى هيئات دولية لتعمل على تأهيل الحالة النفسية لهؤلاء الطلاب وإعادتهم إلى الحياة الطبيعية بعد مشاهد الحروب التي شهدوها".
وعلى الرغم من التحديات، تضيف المسؤولة العراقية أن الوزارة تبذل جهداً لتغيير المناهج الدراسية لتكون مواكبة للتغيرات التي تشهدها البلاد، فهي تسعى إلى تغيير كتاب العلوم للصفين الرابع والخامس الابتدائي في العام المقبل وتضمين اللغة الإنكليزية منذ المراحل التعليمية الأولى.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659