أربيل - بقلم متين أمين:
يصطحب عمار الموصلي (34 عاما)، النازح في مخيم بحركة شمال شرق أربيل، ابنه محمد البالغ من العمر خمس سنوات معه يوميا لبيع الفول (الباقلاء باللهجة العراقية)، بعد أن تمكن وبمساعدة بعض أقاربه وأصدقائه من شراء عربة ومعدات إعداد الفول، وبيعه لسكان المخيم الذي يبلغ تعداد النازحين فيه نحو 42 ألف نازح غالبيتهم من سكان مدينة الموصل وأطرافها.
يقول عمار لموقع (إرفع صوتك) وهو يتجول بين كرفانات والخيم وينادي مروجا لبضاعته إنّه وولده يخرجان من المنزل يوميا من الساعة الثامنة صباحا ويستمران ببيع الباقلاء المسلوقة حتى بعد الظهر. ويتراوح دخلهما اليومي ما بين 10 إلى 15 ألف دينار عراقي (8 إلى 13 دولار أميركي). ويقول الأب "أوفر بالمبلغ حاجيات العائلة وأشتري بالباقي ما يلزمني من المواد لليوم التالي من باقلاء وقنينة الغاز".
ويضيف عمار الذي كان يعمل في الزراعة وتربية الحيوانات قبل احتلال مدينته من قبل تنظيم داعش في حزيران/يونيو من عام 2014 إن الوضع المادي للنازحين صعب جدا، "لذا لا يمكنني أن أعد كميات كبيرة من الباقلاء، لأنها ستبقى ولا يمكن بيعها في اليوم التالي".
ويتمنى الرجل العودة إلى الموصل العام القادم كي يعاود ممارسة عمله كمزارع في أرضه "فقد اشتقت إليها".
ويُبين أسباب اصطحابه لابنه معه بالقول "هو متعلق بي ويحب أن يأتي معي، سيدخل المدرسة العام القادم وحينها لن يأتي".
يُعتبر عمار محظوظا فيما إذا قُورن وضعه بغيره من النازحين الذين يجلسون لساعات طويلة منتظرين الحصول على عمل داخل المخيمات، فالعمل خارج المخيمات أمر صعب في كافة المدن العراقية التي تحتضن النازحين لأنه يحتاج إلى العديد من الموافقات التي قد تستغرق شهورا. وبعد إتمامها، لا يجد النازح فرصة عمل مناسبة فالعيش خارج المخيم في ظل الأزمة الإقتصادية وإرتفاع أسعار الإيجارات يثقل كاهل النازح أكثر مما هو عليه داخل المخيم.
طه داوود شاب موصلي (22 عاما) يتقن اللغة الإنكليزية لكنه منذ هروبه من الموصل قبل نحو شهرين من الآن لم يفلح في الحصول على عمل دائم ليعيل به عائلته. يوضح طه لموقع (إرفع صوتك) "قبل نحو 15 يوميا طلبت منظمة اليونيسيف شخصا يتقن الإنكليزية قراءة وكتابة، فذهبت إلى مقر المنظمة داخل مخيم حسن شام (شرق الموصل) وبدأت العمل معهم لتسجيل أسماء الأطفال من أجل إفتتاح مدرسة لهم في القريب العاجل، وبعد إنهاء العمل أعطوني مستحقاتي المالية وشكروني لكنه أبلغوني أن العمل مؤقت وليس دائما".
رغم فرحة طه بما حصل عليه من مبلغ مالي إلا أن التفكير في إيجاد فرصة عمل دائمة تؤمن القوت اليومي عكر مزاجه كما يقول. "سجلت إسمي في العديد من المنظمات كي أعمل كمتطوع أيضا إلا أنني لم أتلق أي رد حتى الآن".
فقدوا كل شيء
غالبية النازحين الموصليين الذي بدأوا بالنزوح بعد إنطلاقة عمليات تحرير الموصل في تشرين الأول/أكتوبر الماضي فقدوا كل ما كانوا يمتلكونه من أموال ومقتنيات ثمينة خلال أكثر من عامين ونصف من سيطرة التنظيم على مناطقهم، لأن التنظيم مارس سياسة التجويع ضدهم وكان يستولي وبحسب شهادات النازحين على أموال المواطنين ومجوهراتهم ومنازلهم. فكان المواطن يبيع أغراض منزله الرئيسية لتوفير لقمة العيش اليومي له ولعائلته. ومعظمهم يفضل العمل على الجلوس وانتظار المساعدات.
يقول والد الشاب طه إنّه قبل احتلال داعش للموصل، كان أعمل في إحدى معامل المدينة مقابل أجر يومي كان يتعدى الخمسين دولارا في اليوم أي ما يعادل 65 ألف دينار عراقي. لكن عندما سيطر التنظيم على الموصل أوقف العمل في هذه المعامل وفككها ونقل مكائنها ومحتوياتها إلى سورية، على حد قول الرجل الذي عرّف عن نفسه بـ"أبو طه" فقط، "فأصبحت عاطلا عن العمل وبعت خلال المدة التي سيطر فيها التنظيم على المدينة كافة حاجيات المنزل حاجة تلو الأخرى حتى أصبح المنزل فارغا، وأصبحت أوضاعنا صعبة إلى أن حررت القوات الامنية منطقتنا وخرجنا إلى المخيم لأننا كنا نعاني من الجوع والعوز".
لا نريد أن نبقى عاطلين
من جهته يقول المواطن صالح الجبوري (28عاما) لموقع (إرفع صوتك) "مضى أكثر من شهر ونحن هنا في مخيم الخازر، لم نحصل على أي فرصة عمل. نحن لا نريد أن نبقى عاطلين ونعيش على المساعدات، نريد أن نعمل بأجر يومي لنلبي احتياجات عوائلنا".
لكن المواطن عامر أحمد (30 عاما) يؤكد أنه وأصدقائه تلقوا وعودا بإيجاد فرص عمل لهم قريبا، ويردف لموقع (إرفع صوتك) "سجلنا أسماءنا في أكثر من منظمة وتلقينا وعودا بالعمل، لذا أتوقع أن نباشر بعمل مناسب قريبا، نحن متحمسون للعودة إلى مناطقنا والعمل على بنائها وهذه من أولوياتنا".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659