أبرمت شركات فيسبوك ومايكروسوفت وتويتر ويوتيوب اتفاقاً لتسريع عملية كشف أي مادة بمحتوى إرهابي الطابع على منصاتها/Shutterstock
في سنة 2014، كان داعش يمتلك أكثر من 46 ألف حساب في تويتر/Shutterstock

بقلم خالد الغالي:

أدار تنظيم داعش، خلال سنتي 2014 و2015، معركة مواقع التواصل الاجتماعي ببراعة. ولم تمض أكثر من ستة أشهر على إعلانه الخلافة، في نهاية حزيران/يونيو 2014، حتى كان يمتلك أكثر من 46 ألف حساب مؤيد له على موقع "تويتر" وحده. لكنه بدأ يخسر المعركة ابتداء من 2016، خاصة عندما شرع فيسبوك وتويتر، أشهر موقعين للتواصل الاجتماعي، في شن حملة واسعة ضده.

وفي العراق، انتصبت صفحات عراقية لمجابهة داعش والتصدي لدعايته. موقع (إرفع صوتك) اختار من بين هذه الصفحات أربعة ظهرت من بين الأكثر تأثيرا.

"عين الموصل".. مع العدو في عقر داره

هي إحدى أكثر الصفحات، حول مدينة الموصل، دقة وموثوقية. أسسها "مؤرخ مستقل" أخذ على نفسه "نقل الأحداث اليومية لما يجري في الموصل، دقيقة بدقيقة، لباقي العالم"، كما تعرف الصفحة نفسها.

يتابع "عين الموصل" أكثر من 130 ألفا على فيسبوك و14 ألفا على تويتر. وتتميز ​عن غيرها أنها تنقل الأخبار من داخل المدينة. فصاحبها، كما قال في حوار مع مجلة ”النيويوركر" الأميركية، يخالط مقاتلي داعش، يحادثهم ويحضر دروسهم في المساجد.

وهو في الواقع يغامر بحياته. "أستيقظ أحيانا في منتصف الليل لأغير المكان الذي خبأت فيه ملفاتي"، يقول المؤرخ المجهول للمجلة الأميركية. عندما سألناه في (إرفع صوتك) ليحكي قصة التهديد الذي تلقاه سنة 2015 من داعش، كان جوابه "وهل يمكن أن أنساه؟ في منتصف 2015، نشرت تفاصيل لأول مرة عن نظام داعش الإداري والاقتصادي والعسكري والأمني، فوصلتني رسالة تهديد قالوا فيها (ستتمنى لو أنك أحرقت مثل معاذ الكساسبة، سنقتلك بطريقة لم تكتشفها البشرية بعد)".

 

"عين العراق".. الخبر ضد داعش

انطلقت صفحة "عين العراق" في تشرين الأول/أكتوبر 2015 كصفحة مختصة في أخبار الحرب ومكافحة التطرف. يديرها الكاتب العراقي المعروف هشام الهاشمي. هدفها، حسب ما يوضح الهاشمي لـ(إرفع صوتك)، "التشجيع على صناعة أكثرية مدنية عراقية تعمل على التسامح والتساكن والتعايش، وذلك بنشر هاشتاغات داعمة لهذه الثوابت".

بالموازاة مع معركة الموصل، تقدم الصفحة "نشرة يومية مفصلة عن جغرافية التحرير ومتابعة أخبار خلية الإعلام الحربي.. بالإضافة إلى نشرة أسبوعية لتقدير الموقف وسير المعركة"، يضيف الهاشمي الذي يؤكد أنه يحتاج يوميا إلى ساعتين لمتابعة الأخبار وتدقيقها ونشرها.

ويتابع الكاتب العراقي "نقدم أيضا تحليلا لمعطيات وتعقيدات المعارك والميدان، وننشر بعض الفيديوهات الخاصة برفع المعنويات وتكذيب إشاعات داعش والتركيز على حماية المواطن ومحاولة إرشاده بتعليمات عسكرية وامنية وإغاثية". يتابع "عين العراق" أكثر من 326 ألفا على فيسبوك.

 

​"أعماق الخليفة برهوم".. حمقى معهم أسلحة

رغم عدم مضي وقت طويل على تأسيسها، اكتسبت صفحة "أعماق الخليفة برهوم" على فيسبوك شهرة واسعة. ويتابعها حاليا أكثر من 270 ألف شخص. تعتمد الصفحة على نشر شريط رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد ساخر وقصير لا تتجاوز مدته ثلاث دقائق. هدف الصفحة، كما كتب في خانة التعريف الخاصة بها، هو "إظهار داعش كما هم. حمقى مع أسلحة".

تنشر الصفحة بشكل دوري برنامج "The Big Dady Show". شخصياته الرئيسية هي أبو بكر البغدادي ومساعدوه أبو قتادة وأبو جندل وصهيب، إضافة إلى شيماء زوجة "الخليفة".

يرفض منتجو البرنامج الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية بالأساس، مكتفين بالتأكيد أنهم من جنسيات مختلفة. وفي تصريح سابق لـ(إرفع صوتك)، أكد أحدهم أنهم فضلوا الطريقة الساخرة لأن "التحليلات والأبحاث المعمّقة لا تُقرأ كثيراً في العالم العربي ولا يتفاعل معها الناس. بينما بالعكس نراهم يتفاعلون مع الكوميديا".

 

صفحة "بغداد".. مع الحياة ضد الطائفية

هي إحدى أكبر الصفحات العراقية على موقع فيسبوك، يتابعها أكثر من مليون ونصف شخص. تأسست سنة 2009، على يد شاب كردي اسمه أحمد. كان هدف أحمد "أن يجمع العراقيين ليحبوا بعضهم بعيدا عن الطائفية والعنصرية.. تقديرا لهدفه قررت أن أدير الصفحة نيابة عنه"، تقول مديرة الصفحة زينب في تصريح لموقع (إرفع صوتك)، مفضلة الإشارة إلى اسمها واسم زميلها الأول فقط.

تنشر الصفحة كل ما يتعلق بالحياة في العاصمة العراقية بغداد، لكنها تنشر أيضا أخبار المعارك ضد تنظيم داعش. تقول مديرة الصفحة "دورنا في كل الأحداث اللي تحصل بالعراق ليس فقط نشر الأخبار عن  فقط داعش ومعارك التحرير. هذا في الحقيقة دور غير مخطط له. لكنه نابع من كوننا عراقيين عشنا في العراق أيام عزه وخيره وما زال طعم تلك الأيام في مخيلتنا، ونحاول ألا نلوثه بكل الصفات البذيئة الكريهة الدخيلة علينا".

​​يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.