بقلم خالد الغالي:
أدار تنظيم داعش، خلال سنتي 2014 و2015، معركة مواقع التواصل الاجتماعي ببراعة. ولم تمض أكثر من ستة أشهر على إعلانه الخلافة، في نهاية حزيران/يونيو 2014، حتى كان يمتلك أكثر من 46 ألف حساب مؤيد له على موقع "تويتر" وحده. لكنه بدأ يخسر المعركة ابتداء من 2016، خاصة عندما شرع فيسبوك وتويتر، أشهر موقعين للتواصل الاجتماعي، في شن حملة واسعة ضده.
وفي العراق، انتصبت صفحات عراقية لمجابهة داعش والتصدي لدعايته. موقع (إرفع صوتك) اختار من بين هذه الصفحات أربعة ظهرت من بين الأكثر تأثيرا.
"عين الموصل".. مع العدو في عقر داره
هي إحدى أكثر الصفحات، حول مدينة الموصل، دقة وموثوقية. أسسها "مؤرخ مستقل" أخذ على نفسه "نقل الأحداث اليومية لما يجري في الموصل، دقيقة بدقيقة، لباقي العالم"، كما تعرف الصفحة نفسها.
يتابع "عين الموصل" أكثر من 130 ألفا على فيسبوك و14 ألفا على تويتر. وتتميز عن غيرها أنها تنقل الأخبار من داخل المدينة. فصاحبها، كما قال في حوار مع مجلة ”النيويوركر" الأميركية، يخالط مقاتلي داعش، يحادثهم ويحضر دروسهم في المساجد.
وهو في الواقع يغامر بحياته. "أستيقظ أحيانا في منتصف الليل لأغير المكان الذي خبأت فيه ملفاتي"، يقول المؤرخ المجهول للمجلة الأميركية. عندما سألناه في (إرفع صوتك) ليحكي قصة التهديد الذي تلقاه سنة 2015 من داعش، كان جوابه "وهل يمكن أن أنساه؟ في منتصف 2015، نشرت تفاصيل لأول مرة عن نظام داعش الإداري والاقتصادي والعسكري والأمني، فوصلتني رسالة تهديد قالوا فيها (ستتمنى لو أنك أحرقت مثل معاذ الكساسبة، سنقتلك بطريقة لم تكتشفها البشرية بعد)".
"عين العراق".. الخبر ضد داعش
انطلقت صفحة "عين العراق" في تشرين الأول/أكتوبر 2015 كصفحة مختصة في أخبار الحرب ومكافحة التطرف. يديرها الكاتب العراقي المعروف هشام الهاشمي. هدفها، حسب ما يوضح الهاشمي لـ(إرفع صوتك)، "التشجيع على صناعة أكثرية مدنية عراقية تعمل على التسامح والتساكن والتعايش، وذلك بنشر هاشتاغات داعمة لهذه الثوابت".
بالموازاة مع معركة الموصل، تقدم الصفحة "نشرة يومية مفصلة عن جغرافية التحرير ومتابعة أخبار خلية الإعلام الحربي.. بالإضافة إلى نشرة أسبوعية لتقدير الموقف وسير المعركة"، يضيف الهاشمي الذي يؤكد أنه يحتاج يوميا إلى ساعتين لمتابعة الأخبار وتدقيقها ونشرها.
ويتابع الكاتب العراقي "نقدم أيضا تحليلا لمعطيات وتعقيدات المعارك والميدان، وننشر بعض الفيديوهات الخاصة برفع المعنويات وتكذيب إشاعات داعش والتركيز على حماية المواطن ومحاولة إرشاده بتعليمات عسكرية وامنية وإغاثية". يتابع "عين العراق" أكثر من 326 ألفا على فيسبوك.
"أعماق الخليفة برهوم".. حمقى معهم أسلحة
رغم عدم مضي وقت طويل على تأسيسها، اكتسبت صفحة "أعماق الخليفة برهوم" على فيسبوك شهرة واسعة. ويتابعها حاليا أكثر من 270 ألف شخص. تعتمد الصفحة على نشر شريط رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد ساخر وقصير لا تتجاوز مدته ثلاث دقائق. هدف الصفحة، كما كتب في خانة التعريف الخاصة بها، هو "إظهار داعش كما هم. حمقى مع أسلحة".
تنشر الصفحة بشكل دوري برنامج "The Big Dady Show". شخصياته الرئيسية هي أبو بكر البغدادي ومساعدوه أبو قتادة وأبو جندل وصهيب، إضافة إلى شيماء زوجة "الخليفة".
يرفض منتجو البرنامج الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية بالأساس، مكتفين بالتأكيد أنهم من جنسيات مختلفة. وفي تصريح سابق لـ(إرفع صوتك)، أكد أحدهم أنهم فضلوا الطريقة الساخرة لأن "التحليلات والأبحاث المعمّقة لا تُقرأ كثيراً في العالم العربي ولا يتفاعل معها الناس. بينما بالعكس نراهم يتفاعلون مع الكوميديا".
صفحة "بغداد".. مع الحياة ضد الطائفية
هي إحدى أكبر الصفحات العراقية على موقع فيسبوك، يتابعها أكثر من مليون ونصف شخص. تأسست سنة 2009، على يد شاب كردي اسمه أحمد. كان هدف أحمد "أن يجمع العراقيين ليحبوا بعضهم بعيدا عن الطائفية والعنصرية.. تقديرا لهدفه قررت أن أدير الصفحة نيابة عنه"، تقول مديرة الصفحة زينب في تصريح لموقع (إرفع صوتك)، مفضلة الإشارة إلى اسمها واسم زميلها الأول فقط.
تنشر الصفحة كل ما يتعلق بالحياة في العاصمة العراقية بغداد، لكنها تنشر أيضا أخبار المعارك ضد تنظيم داعش. تقول مديرة الصفحة "دورنا في كل الأحداث اللي تحصل بالعراق ليس فقط نشر الأخبار عن فقط داعش ومعارك التحرير. هذا في الحقيقة دور غير مخطط له. لكنه نابع من كوننا عراقيين عشنا في العراق أيام عزه وخيره وما زال طعم تلك الأيام في مخيلتنا، ونحاول ألا نلوثه بكل الصفات البذيئة الكريهة الدخيلة علينا".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659