مهند فالح جميل مع إحدى الدمى/إرفع صوتك
مهند فالح جميل مع إحدى الدمى/إرفع صوتك

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"تعالوا شوفوا اللعّابه تحجي (الدمى تتكلم) وتقفز وتلعب"، هذه العبارة دائما ما يطلقها الأطفال وهم يتابعون الدمى وهي تتحرك في برامج يعدها ويقدمها الشاب مهند فالح جميل.

بدأ عشق مهند لفن تحريك الدمى حينما كان صغيراً يتابع برامج الفنان العراقي وليد حبوش لاستعراض الدمى المتحركة. وعلى الرغم من أنه قد حقق نجاحا كبيراً في مجال صناعة الدمى المتحركة في العراق، إلا أنه يعاني من عدم اهتمام المجتمع بالأمور التي يحبها الأطفال وتحديدا الدمى.

عائلة من الدمى المختلفة

قبل ذلك بسنوات طويلة، في العام 2005، وأثناء عمله سائق في سيارة أجرة، حصل مهند على عمل في شركة للإنتاج الفني بعدما أعاد حقيبة نسيها المدير عند نزوله من سيارته وتحتوي على كاميرا سينمائية ذات قيمة كبيرة.

يقول الشاب، الذي يبلغ حالياً 33 عاماً من العمر ويعيش في العاصمة بغداد، إنّ ثمنها كان يساوي أضعاف ثمن سيارتي التاكسي فرجعت الى الشركة وسلمتها له. "شكرني وطلب مني أن أكون مساعده في العمل".

وبعدها دخل أجواء الشركة وتعرّف على مخرج اسمه بشار "أعجبه عملي وصدقي وطلب مني العمل كمساعد مخرج"، يضيف الشاب.

ويشير إلى أنه قد تبنى قدراته السريعة على التعلّم. وتدرّب مهند على الإخراج والزوايا واللقطات والخدع السينمائية وغيرها.

"ومن ثم اقترحوا عليّ أن أتعلم فنون الدمى بعدما اكتشفوا اهتمامي بها".

بدأ عندها مهند بمتابعة مسلسلات وبرامج استعراض الدمى الأميركية ليتعلم كيفية تحريكها. وبعد وصول الدمى بأربعة أيام، أتقن تحريكها وقام بتصوير الشخصيات الأساسية والثانوية. 

وبدأ مهند العمل لحساب شركة تصنع دمى الأطفال خارج البلاد . "أصبح لديّ عائلة من الدمى التي قمت بتصنيعها"، حسب الشاب.

وحصل بعد ذلك على فرصة عمل في قناة "سبيس تون" الإماراتية وغيرها من القنوات مثل العراقية التي تهتم بعرض برامج الأطفال.

ويشير مهند إلى أنه سينتهي من وضع اللمسات الأخيرة لمسلسل طاهر الذي سيعرض قريباً في قناة كربلاء الفضائية.

تقليد حركات الدمى

ويشعر مهند من خلال تجربته في تحريك الدمى أنّ بمقدوره إيصال كل ما يريده للأطفال، وخاصة المفاهيم التي رسخت في نفسه حب الوطن والتعايش السلمي، وهذا المحتوى الذي يسعى دائماً لتسويقه.

"أبتعد عن تقديم مشاهد العنف والكراهية للأطفال. لذا فكل الدمى التي صنعتها بملامح مبتسمة وجميلة أو ممتعضة بشكل ساخر لكن ليست عنيفة... والحكايا التي أرويها هادفة"، على حد قوله. 

وساعد استمراره بهذا المشروع ونجاحه على تعزيز إقبال الأطفال وحبهم للدمى. ويشير إلى أن الأطفال يتفاعلون مع الدمى بشيء غير متوقع وكأنهم في الأحلام. بابتسامة عريضة يبدون عدم قدرتهم على تصديق ما يشاهدونه ويصرخون "أنظروا! الدمية تتكلم معنا".

ويقول الطفل أوس علي، ثمانية أعوام، أنه كان يتابع مسلسل "جاسم شو " لأن لأحداثه تجعله يضحك كثيراً.

ويعد مسلسل "جاسم شو" من مسلسلات تحريك الدمى الكوميدية. ويضيف أوس لموقع (إرفع صوتك) "عندما نلعب نبدأ بتقليد حركات الدمى وطريقة التحدث مع بعضها البعض".

لا للعنف لا للسلاح نعم للسلام

ولأن الكثير من أطفال العراق يعيشون في أجواء يهيمن عليها القتل والخراب. فقد قدم مهتّد أعمالاً تلفزيونية كثيرة تحمل رسالة واحدة وهي (عراق واحد، أحب أخي، لا للعنف لا للسلاح... نعم للسلام) وتحديداً على قناة العراقية.

يشعر مهند أن نجاح مشروعه يصطدم بعقبات ناجمة عن عدم الاهتمام بالطفل وتجاهل هذا الفن.

"عند مقابلة مسؤول عن قناة فضائية ما لغرض العمل معهم، يبدأ حديثه بالسخرية أو المزاح من مهمة صناعة الدمى أو الاهتمام بها ودائما ما يستخدم عبارة - أبو اللعابات – وهي عبارة تطلق باللغة الدارجة على الدمى"، يقول مهند. 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.