أطفال عراقيون/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال عراقيون/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"هؤلاء الأطفال يتشاجرون بأسلوب قاسي. إنهم يقتصون من الخصم بمحاصرته ورميه بالحجارة في تقليد واضح للرجم"، يقول شاكر حمدان، 47 عاماً، في حديث لموقع (إرفع صوتك).

يقلدون جماعات داعش

شاكر الذي نزح مع ستة من أفراد عائلته من بينهم زوجته وأمه من مدينة الرمادي في نهاية العام 2014 إلى مخيم التكية الكسنزانية يرى أنّ الأطفال في المخيم يتصرفون بشكل مرعب وعنيف مع بعضهم البعض.

ويضيف ما إن تحدث مشاجرة فيما بينهم، حتى يبدؤوا باستخدام أساليب وسلوكيات مؤذية. ويستغرب من هذا الأمر الذي يثير مخاوفه من أن يتأصل بداخلهم ويصبح العنف من صفات هؤلاء الأطفال وتوجهاتهم.

ويشير إلى أنه في إحدى المرات حاول منع طفله من اللعب مع بعض من أطفال المخيم لأنهم كانوا يسحبون جسده الممدّد على الأرض من أطرافه العليا والدوران معه غير عابئين بخطورة هذه اللعبة. "خطر ببالي ساعتها أنهم يقلدون عناصر داعش وهم يسحبون رهينة ما على الأرض".

تعاملون بسوء مع أطفالهم

أما معاونة مدير مدرسة ابتدائية في مخيم التكية الكسنزانية هناء خميس فتقول "لن تكون الأمور على ما يرام إذا لم نحاول انقاذ هؤلاء الأطفال"، في إشارة إلى أن العنف بدأ يسيطر على أفكار الأطفال في المخيم وتصرفاتهم.

وتضيف أن هؤلاء الأطفال عالقون بين ما شاهدوه من صور قاسية قبل خروجهم من مدنهم وخلال رحلة النزوح وما يتلقونه الآن من معلومات عبر أحاديث الكبار أمامهم.

"يتحدث الأهالي عن الصراعات والحرب بكثرة، كما أنهم يتعاملون بسوء مع أطفالهم"، تقول هناء لموقع (إرفع صوتك).

وتروي قصة عن طفلين تشاجرا داخل مدرسة المخيم الابتدائية حتى ضرب أحدهم الآخر وتلفظ بكلمات بذيئة إلى درجة اتهام خصمه بالانتماء لداعش وغيرها من الأمور.

وتتابع السيدة "بعد أن تدخلنا وهدأت الأمور، فوجئنا بأحد أولياء الأمور يدخل المدرسة في اليوم التالي ويضرب الطفل الذي تشاجر مع ابنه بطريقة مرعبة، متجاهلا إدارة المدرسة وملاكاتها".

"غالباً ما يتدخل أهالي في المشاجرات التي تحدث بين الأطفال ويتبعون الأساليب العشائرية ذاتها ويهددون ويتوعدون بالقصاص أو الانتقام"، تقول هناء.

ورش تثقيفية

هناك بعض الجهود في المخيمات لمساعدة الأطفال في تخطي ما تعرضوا إليه. لكن هذه الجهود لا تكفي وينقصها الكثير من الموارد. ويقول حميد محمد وهو مدير مدرسة ابتدائية في مخيم التكية الكسنزانية "قمنا بدورات تدريبية وقدمنا محاضرات وورش تثقيفية للأطفال وأهاليهم في المخيم، لأننا اكتشفنا حاجتهم الكبيرة للتأهيل النفسي والاجتماعي".

ويضيف حميد الذي يشرف أيضاً على إدارة مشروع محو للأمية للنازحين أنهم يستغلون هذا المشروع في توعية وتأهيل الأهالي بضرورة الابتعاد عن العنف في تصرفاتهم لأنها تؤثر على الأطفال بشكل سلبي وخطير.

ويشير إلى أنهم يواجهون تحديات كبيرة في هذا الشأن، لأن مسألة التأهيل تحتاج لظروف معيشية مناسبة. "إن الأهالي قد فقدوا أي صلة بمعاني الأشياء الجميلة بسبب سيطرة داعش على مدنهم ومعاناتهم في النزوح وقسوة الحياة في المخيم. وهذا ما ينعكس على أولادهم في التربية".  

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.