بقلم حسن عبّاس:
فنّانو كاريكاتير عراقيون كثيرون قرّروا الإضاءة على مشاكل مجتمعهم، وأبرزها التطرّف بأشكاله المختلفة، بالأسلوب الذي يبرعون فيه: الرسوم الكاريكاتيرية. وقد نجحوا في إثارة سجالات هامة على صفحاتهم.
كيف يقيّم هؤلاء الفنانون تجاربهم في ما خص رسوماتهم التي تحمل رسائل ضد التطرّف؟ ما رأيهم بتفاعل الناس مع رسوماتهم؟ ما أكثر ما علق في أذهانهم من واقع تجربتهم خلال الفترة الماضية؟ وكيف ينظرون إلى أدوارهم في المستقبل؟
ناصر إبراهيم... لا تراجع
يعتبر الفنان العراقي ناصر إبراهيم أن الكاريكاتير "أقوى من النص من حيث التلقي والسهولة في اختصار الفكرة ونشرها".
وقال لموقع (إرفع صوتك) إن "تفاعل الجمهور مع الرسومات يفوق التصور"، لافتاً إلى أنهم "ليسوا فقط متابعين لرسوم محاربة التطرف بل مطالبين بهكذا رسومات"، ومعتبراً أن "رأي الجمهور وتفاعلهم هو ما يمدّنا بالطاقة للاستمرار".
لا يحبّ إبراهيم المفاضلة بين رسوماته. "كلهم مثل أولادي"، يقول.
لكن هنالك رسومات أثارت سجالات أكثر من غيرها، نظراً لارتباطها بموضوع سجالي يحتلّ مساحة واسعة من اهتمامات الناس.
يتذكّر رسمه بعيد اغتيال الكاتب الأردني ناهض حتّر على يد متطرف، ويقول إنه "أثار سجالاً لا يمكن نسيانه".
أكثر ما لفت انتباه إبراهيم في التعليقات على الرسم المذكور هو كيف أن "البعض يؤيد أو يلتمس الأعذار للقتل".
أما أكثر ما أحبّه بين رسوماته رسمان، الأول عن الفتاوى والنصوص التي تبيح القتل "وهي أم المشاكل "، برأيه.
والثاني هو عن "سذاجة البعض في فهم دينهم، وهو نتاج استغفال المتطرفين لهم"، كما علّق.
"إننا في حرب ولا بدّ أن ننتصر"، قال إبراهيم عن نيّته للاستمرار في عمله في المستقبل مؤكداً "أكيد سأستمر، وبقوة، وضد كل أنواع التطرف بدون استثناء، وذلك حتى يتوقف قتلنا أو نُقتل".
أحمد فلاح... تأثير في زمن الكسل
بدوره، اعتبر الفنّان العراقي أحمد فلاح أن "الصورة اليوم لها سحرها، وسهولة تلقيها"، مشيراً إلى أن "الصورة تصل بسرعة، وهي سهلة لأنها لا تحتاج إلى جهد كبير في التلقي مثل النص".
لكنّه قال لموقع (إرفع صوتك) "إن الصورة والنص يسيران جنباً إلى جنب، ولا يمكن أن يلغي أحدهما الآخر".
يؤمن فلاح بإمكان أن تُحدث الصورة "فارقاً في وقت الكسل هذا أكثر من نص"، ويؤكد أنها "تجعل الإنسان يفكّر ويشكك باليقينيات التي يصدرها المجتمع"، ويضيف أن "خلخلة الصورة لهذه اليقينيات تظلّ دائماً بحاجة إلى النص من أجل أن يشرح ويفرد الوقائع ويحللها، فالصورة ليس باستطاعتها الشرح والتحليل مثلما يفعل النص".
تشهد رسومات فلاح التي تحارب التطرّف والتي يصفها بأنها "تدعو إلى الاعتدال والاهتمام بالإنسان بوصفه إنساناً بمعزل عن هويته"، تفاعلاً كبيراً.
وعن ذلك قال "أخذ التفاعل يكبر خلال العام الأخير، لا سيما وأن نقد الإسلام المتطرف والإسلام السياسي أخذ بالاتساع في الشارع. وبات جليّاً أن الرسامين والكتاب والمدونين الداعين إلى الاعتدال ونبذ التطرف يؤتي عملهم أكله".
إلا أنه أكّد "أن المهمة ليست سهلة، وهناك مشاق عديدة في المستقبل بانتظار كل مَن يعمل ضد المشاريع والأفكار المتطرفة".
من أعماله التي يحبّها جدّاً رسم "يشبّه بعض سياسيي الإسلام السياسي بصدّام حسين". وعنه يقول "هو من بداياتي. لقد أثار سجالاً طويلاً، وأجج بعض الجهات المسلحة ضدي ودفعها إلى تهديدي، إلا أنه أيضاً وجد رواجاً كبيراً".
أما أكثر كاريكاتير رسمه مؤخراً وأحبّه فهو "لوحة الشهيد مصطفى العذاري وهو يساعد النازحين". وقد رسمها بعد تحرير الفلوجة.
وقال "لقد ضحّى الرجل بنفسه من أجل الخلاص من التطرّف والظلام، وهذا ما تحدّث عنه والده، ولا أعتقد أنه كان يريد أكثر من مساعدة سكّان المدن، فكيف بالنازحين الذين وضعته معهم في لوحة واحدة؟".
والعذاري هو جندي عراقي ألقى عليه داعش القبض في الفلوجة وأعدمه عام 2015، ونشر صور قتله.
"سأظل أرسم لأني أعتقد أنه واجب"، يؤكد فلاح استمراره في ما يقوم به، ويقول "التطرّف لم ولن ينتهي، إذا كان اليوم تطرّفاً إسلامياً، فإنه في المستقبل قد يكون عنصرياً، أو جندرياً. نحن نعيش في بلد تدمّر فيه كل شيء، وهو يحتاج إلى النقد والسخرية لإعادة ترتيب نفسه والخلاص من الظواهر الرجعيّة".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659