مخيم التكية الكسنزانية/إرفع صوتك
مخيم التكية الكسنزانية/إرفع صوتك

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"لن نستطيع العودة إلى مدينتنا قبل أن تتدخل الجهات الحكومية والأمنية لحل المشاكل العشائرية".

هذه كانت أولى العبارات التي تحدث بها نعيم سعد عن اضطرارهم للبقاء في مخيم التكية الكسنزانية رغم استعادة قوات الجيش العراقي ناحية يثرب في صلاح الدين من سيطرة داعش.

الصراعات العشائرية

ويضيف الرجل في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "بسبب الثأر الذي طالبت به عشائر الناحية واتهامهم لبعض النازحين بأنهم كانوا على صلة بداعش، صرنا نخاف أن نكون ضحية الصراعات العشائرية".

على مشارف العام 2017، مشاعر القلق التي تنتاب نعيم، 43 عاماً، بسبب الثارات العشائرية لا تختلف عن مشاعر مئات النازحين في مخيم التكية الكسنزانية.

نعيم الذي نزح من محافظة صلاح الدين في العام 2014 إلى بغداد ومكث في مخيم التكية الكسنزانية، يقول "كنت أنتظر العودة إلى بيتي للعيش بأمان مع زوجتي وأطفالي الثلاثة. بعد أن تم تحريرها من سيطرة داعش. لكن يبدو أمل العودة ضعيفا".

المستقبل، كما يراه، مجهول. "لا نشعر بالأمل أو الاستقرار بسبب صعوبة الحياة داخل المخيم".

لم يتبق شيئاً

ويعتقد باسم رعد، 46 عاماً، أنّهم "قد تحملوا الكثير من المصاعب والشدائد بسبب سيطرة داعش عن مدنهم ونزوحهم منها، ولم يتبق الكثير من الوقت على انتهاء هذه المحنة".

باسم الذي نزح في العام 2014 من الرمادي برفقة زوجتيه الأولى والثانية وأطفالهما السبعة بعد سيطرة داعش، يشعر أن عودتهم قريبة جداً.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن غالبية العائلات النازحة من الأنبار قد عادت بعد تحرير مدينتهم. "وسيأتي اليوم الذي نعود فيه أيضا. وأظنه قريباً جدا".

فرصة عمل مناسبة

ويعاني حارث عبد الجبار، 54 عاماً، من قلة فرص العمل ببغداد، إذ بالكاد استطاع العمل في البناء مقابل أجور زهيدة توفر قوت يوم عائلته.

يعتقد حارث الذي اضطر في العام 2014 إلى النزوح من منزله في قضاء بلد جنوب تكريت مع زوجته وأطفاله الستة بسبب داعش، أن العودة إلى مدينته ليست بهذه السهولة. ويقول إنّ "أعضاء تنظيم داعش قد هدموا منزله بالكامل".

ويضيف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "تبدو عودتنا الآن صعبة للغاية، وتحديداً بعد أن فقدت المنزل الذي ورثته عن أبي".

إحلال السلام في المدن التي تم استعادتها من سيطرة داعش بنظر حارث لا يكفي لعودتهم إليها. فالنازحون، كما يقول، بحاجة لفرصة عمل مناسبة ومنازل تأوي عائلاتهم.

أشعر بالمهانة

وتتزايد المعاناة داخل مخيم التكية الكسنزانية مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء إذ أنّ أغلب النازحين ينتظرون وزارة الهجرة والمهاجرين وكذلك القائمين على إدارة المخيم لتقديم المساعدات التي من ضمنها وقود التدفئة.

وتقول ميادة محمد، 47 عاماً، إنّه قد تم ادراج عائلتها المتكونة من أمها وهي امرأة طاعنة في السن وأطفالها الأربعة الذين قتل والدهم إثر نزوحهم من مدينة القائم أحد أقضية مدينة الرمادي  في العام 2014 من ضمن العوائل التي لا معيل لها.

وتضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "أبحث عن وضع اقتصادي مريح لأطفالي. سئمت المساعدات وأشعر بالمهانة كلما يتم شطب أسمي وعدد أفراد عائلتي عند استلامها".

وتتابع "أحلم بالعودة، لكن العودة تتسم بخطورة كبيرة، وخاصة بعد أن خسرت كل شيء ولم يعد يربطني أي شيء بالمدينة التي قتل زوجي فيها".

فرحة الأهالي

وإذا كان الوضع الإنساني والخدماتي للذين عادوا لمدينة الأنبار بعد أن قامت قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي باستعادتها من سيطرة داعش صعباً للغاية، فإن مكوثهم داخل مخيم التكية الكسنزانية لن يكون أقل صعوبة بنظر ليث عبد الله، 29 عاماً، حيث يرابط المئات في ظروف قاسية في انتظار العودة.

يقول ليث الذي نزح مع زوجته وطفله الذي لم يتجاوز الخمسة أعوام من عمره في العام 2014 من مدينة الرمادي "كنت أشاهد فرحة الأهالي النازحة بخبر عودتهم، كانوا لا ينامون في ليلتهم الاخيرة بالمخيم ويقضونها بالغناء والمرح استعداداً لرحيلهم عند الفجر".

ويأمل ليث في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن يحل السلام بمدينة الرمادي ليستطيعوا العودة إليها.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.