بقلم علي عبد الأمير:
منذ زلزال الحرب العراقية الايرانية في العام 1980، وبلاد الرافدين لا تعرف إيقاعا طبيعيا في حياتها، فلا الآمال هي آمال بحياة هانئة وعيش رغيد، إنما بسوء أقل وموت وحزن وخوف أقل.
وما أن انتهت تلك الحرب الرهيبة وانفتح باب صغير للأمل، سرعان ما أغلقه زلزال جديد، هو غزو الكويت الذي خلّف عقوبات هي الأقسى في التاريخ المعاصر. ليصبح الجوع والمرض والشظف جنبا إلى جنب مشاعر الخوف والرعب التي خلفتها الحروب، ومن ثم موجة كبيرة من الهجرة هربا من بلاد صارت بين سندان الحكم الدكتاتوري ومطرقة الحصار الدولي.
وجاء زلزال ثالث تمثل بموجات الإرهاب التي ضربت العراق بعد العام 2003 وأدخلته في حرب أهلية واسعة وانقسام مجتمعي حاد. وهو ما جعل قيام دولة عادلة بعد عقود من حكم جائر أمرا في غاية الصعوبة.
الخلافات السياسية.. ضد الأمل؟
وعن اللحظة العراقية الراهنة بكل ما فيها اجتماعيا وإنسانيا، يرى الكاتب والناشط الشاب في الشأن العام العراقي أحمد الشيخ ماجد أن الأحداث السياسية والتي تمر بالعراق، خصوصا ما حملته سنة ٢٠١٦، كانت زاخرة بالخلافات بل معمقة لها، موضحا في مداخلة مع موقع (إرفع صوتك) أن هذه الخلافات ستظهر واضحة في ٢٠١٧ خصوصا في فترة التمهيد للانتخابات القادمة. "فربما سنشهد فورة واضحة بين الأحزاب، ستلقي بظلالها على المواطن، من خلال التجهيل والتضليل، خصوصا وأنها قادمة بعد حرب، وفي وجود أحزاب وكتل ظهرت في المعركة كأطراف منتصرة. وهذا ما سيفرز طرفا منتصرا وطرفا منهزما في الصراع الانتخابي".
وفضلا عن التأثيرات التي تسببها الخلافات السياسية لجهة زعزعة ثقة الناس بمستقبلهم، يشارك عراقيون كثر اعتقاد الشيخ بأن سنة 2017 ستكون متعبة اقتصاديا "بسبب التقشف الذي تعتمده الدولة"، حسب قوله. متمنيا أن "تتخذ الدولة منهجاً يخفف من الأزمة، التي تخلق نتائج كارثية اجتماعيا وسياسياً".
كنس الشوائب التي تركها داعش
كما يشاركونه أيضا الإحساس "ربّما سنشهد نهاية داعش هذا العام في العراق"، وبما ينهي كل خلاف سياسي أدى سابقا إلى داعش وقد يؤدي إلى أمثالها. وهو ما يخشاه ناشط وإعلامي عراقي شاب آخر، هو مهند الغزي الذي يبدو حديثه إلى موقعنا طافحا بالآمال، ومنها:
الأمل الأول: وهو الأكبر لكل العراقيين وبشكل شخصي هو انتهاء كابوس داعش المستمر منذ سنتين ونصف تقريبا. فانتهاء هذا الكابوس يعني عودة آلاف النازحين إلى منازلهم ومناطقهم، ويعني أيضا اعادة اعمار المناطق التي دمرتها الحرب وكنس كل الشوائب التي تركها داعش فينا.
الثاني: ضبط السلاح والسيطرة على الانفلات الأمني الواضح وفوضى السلاح، وأن يرجع القانون هو السيد فوق الجميع فلا خوف من جهة مسلحة ولا من قائد متنفذ.
الثالث: رفع جميع السيطرات التي تخنق رئة بغداد وتعرقل التنقل بين أحيائها بسهولة.
الرابع: عودة جميع المقاتلين العراقيين في سورية إذ لا حاجة لنا في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل. ولسنا بحاجة لمواكب جديد من الجنائز من أجل أيديولوجيا دينية.
الخامس: أن تكون نتائج الانتخابات القادمة مغايرة لما أفرزته السابقات من طبقة سياسية، في أغلبها هي طبقة فاشلة وفاسدة. فلا منطق لضياع مليارات إضافية تستقر في بطون الفاسدين ولا لنا قدرة على ضياع ثلث العراق من جديد على يد تنظيمات إرهابية جديدة.
أما الأمل السادس والأخير عند الغزي فهو: أن تدور عجلة الاقتصاد بدلا من الركود الكبير الذي يهدد العراق بالذهاب إلى أيام الحصار القاسية 1990-2003.
لن يغيّبوا بغدادنا
والشباب العراقيون الذين "فطنّا على القتل والعنف المذهبي وإلغاء الآخر" كما يقول الصحافي والمترجم أحمد علاء لموقع (إرفع صوتك) يتطلعون للعيش في "حياة مدنية هادئة، نقيض اللحظة العراقية التي تعتبر فشلا تاما نتيجة تصدر أحزاب فاسدة للسلطة وتلاعبها بمؤسسات الدولة فضلاً عن نشاط جماعاتها المسلحة المتنفذة التي غيّب الحياة وعملت على تصدير الكراهية".
وما يجعله قلقا اليوم "ارتفاع حالات التضييق على الحريات واستهداف الصحافيين والناشطين المدنيين إلى الدرجات القصوى، ناهيك عن الاعتداءات الممنهجة على النوادي الاجتماعية وسرقة عقارات الأقليات وسن قوانين هدفها تهميش الآخر".
وفيما تبدو أمنيات أحمد علاء بسيطة، إلا أنها تكاد توحد ملايين يأملون رؤية شوارع العاصمة العراقية "بلا سيطرات، تلك الحواجز الأمنية التي دمرت أعصاب العراقيين الأبرياء انتظارا وإذلالا".
وإذ ينتهي الكاتب والمترجم الشاب إلى القول "طموحنا سرقه الفاسدون"، لكنه يستدرك "سنبقى لهم سكين خاصرة، ولن يغيّبوا ليل بغدادنا".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659