يترقب الناس في مختلف دول العالم حلول منتصف الليل في 31 كانون الأول/ديسمبر / Shutterstock
يترقب الناس في مختلف دول العالم حلول منتصف الليل في 31 كانون الأول/ديسمبر / Shutterstock

بقلم إلسي مِلكونيان:

يترقب الناس في مختلف دول العالم حلول منتصف الليل في 31 كانون الأول/ديسمبر من كل عام حين تطوى صفحته، لتبدأ أخرى وسط احتفالات بـ"عيد رأس السنة" تختلف بين مجتمع وآخر. لكن كثيرين يعتبرونه فرصة للاحتفال والخروج مع الأصدقاء  لحضور عشاء راقص حتى ساعات الصباح الأولى.

ما أصل هذا العيد ولماذا تحتفل به الدول العربية سنوياً في الأول من كانون الثاني/يناير وتعتمده عطلة رسمية؟

دلالات دينية

يوجد لهذا العيد دلالة دينية وأخرى إدارية يشرحها المطران أوغسطينوس كوسا مطران الأرمن الكاثوليك في الإسكندرية وسائر أفريقيا لموقع (إرفع صوتك) قائلاً "اعتبار الأول من شهر كانون الثاني بداية لعام جديد لا علاقة له بالدين المسيحي. فهذا أمر يتعلق بالتقويم أو الرزنامة التي اعتمدتها الدول حول العالم لأسباب إدارية. أما دينياً تحتفل الكنيسة بهذا اليوم لأنه عيد تسمية يسوع، حيث طلب الملاك من أبيه يوسف تسميته بهذا الاسم وهو يعني المخلص".

ويوضح المطران أن هذا العيد يكون مسبوقاً بيوم الميلاد أو "الكريسماس" في 25 كانون الأول/ديسمبر لأنه يوم ميلاد السيد المسيح بالجسد، حسب الكنيسة الكاثوليكية والأسقفية (الأنجليكانية) والسريانية إضافة إلى الروم الأرثوذكس، بينما يعتبر السادس من كانون الأول/ يناير هو يوم ظهور السيد المسيح معمداً.

وتقيم الكنائس في هذا اليوم قداديس احتفالية تقام فيها الصلوات على نية السلام والخير للبشرية كلها. 

دلالة نصب الشجرة

وغالباً ما يرافق هذا الحدث نصب شجرة خضراء مزينة بكرات ملونة وبنجمة، تحمل كل جزئية منها رمزاً معيناً، حسب توضيحات المطران. 

-لون الشجرة الأخضر يرمز إلى الاستمرارية في الحياة وضرورة مشاركة الناس لبعضهم البعض العطايا والنعم التي يمنحها الله لهم.

-الضوء: إضاءة الشجرة ترمز إلى أن "يسوع نور العالم" وهو من قال للناس "أنتم نور العالم" ليكونوا بأعمالهم نوراً لبقية الناس

-الكرات الحمراء ترمز للفداء.

-الكرات البيضاء ترمز للنقاوة والطهارة.

-الكرات الصفراء ترمز للهدوء.

-النجمة الزرقاء تشير إلى زرقة السماء لكي تقرب البشر من الله تعالى.

لماذا تحتفل الدول العربية بهذا العيد؟

وتعتمد مجمل الدوائر الرسمية وشركات القطاع الخاص في الدول العربية الأول من كانون الثاني/يناير عطلة رسمية. وتعتمد التقويم الميلادي أيضاً كأساس لدفع الرواتب وإقرارا الموازنة وأمور إدارية أخرى عديدة أسوة بباقي دول العالم. 

ويعلق أستاذ التاريخ السياسي في جامعة تونس، عبد اللطيف الحناشي، على هذا الأمر في حديث لموقع (إرفع صوتك) بقوله "تعتمد الدول العربية التقويم الميلادي لأنها الموضوع يرتبط بالدورة الاقتصادية والمؤسسات المالية العالمية وعلاقة الشرق بالغرب وموازين القوى والتي تميل لصالح الغرب حالياً".

ويضيف المؤرخ التونسي أن تاريخ اعتماد التقويم الميلادي في الدول المغاربية يعود إلى فترة الانتداب الفرنسي واستمر هذا النهج بعد الاستقلال. وفي تونس، يتم الإشارة إليه بـ"السنة الإدارية الجديدة" وذلك للابتعاد عن الصفة الدينية والتجاذبات التي حدثت بين الإسلاميين وغير الإسلاميين بخصوص اعتماد التسمية.

أما في دول المشرق العربي فقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم منذ نهاية حكم الدولة العثمانية لأنه "يوم عالمي متفق عليه" حسب توضيح الصحافي والكاتب عادل العرداوي لموقع (إرفع صوتك).

ويقول العرداوي "في العراق مثلاً بدأ الاحتفال به منذ العهد الملكي في 1921 وتعتمده كافة الدول العربية الإسلامية، لأن الاحتفال برأس السنة لا يحمل انتقاصاً لقيمة أو لدين آخر ولا يضر بأحد. فقد جاء في القرآن "إنا خلقناكم جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".   

ويؤكد الحناشي والعرداوي أن غالبية الناس في الدول العربية تستعد لاستقبال العام الجديد قبل حلوله بعدة أيام. حيث تجهز قوالب الحلوى وأطعمة أخرى مخصصة للمناسبة. ويحتفل بالمناسبة كلٌ حسب إمكانياته، فيحتفل ميسورو الحال مثلاً في المطاعم والفنادق الفخمة بحضور مطربين عرب وأحياناً أجانب.

من جهة أخرى، تأثرت المناطق التي وقع سكانها تحت سيطرة الجماعات الإرهابية كداعش في سورية والعراق والمناطق الحدودية بين تونس وليبيا من قدرتهم على الاحتفال بهذا العيد، بسبب استهداف المسيحيين فيها.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.