الكاهن مارتن بني في بلدة كرمليس/إرفع صوتك
الكاهن مارتن بني في بلدة كرمليس/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

بعد نحو أسبوع من تحرير بلدته كرمليس (بلدة تابعة لقضاء الحمدانية في منطقة سهل نينوى شرق مدينة الموصل) من تنظيم داعش في 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، توجه الشاب المسيحي العراقي مارتن بني، الكاهن في أبرشية الموصل الكلدانية، برفقة نحو 30 شابا آخر من أبناء بلدته من مدينة أربيل إلى البلدة وأطلقوا حملة واسعة لتنظيفها من المخلفات التي تركها مسلحو تنظيم داعش في مبادرة جديدة ضمن مبادرات مارتن الهادفة إلى محاربة التنظيم والفكر المتطرف.

استطاع مارتن وفريقه وعدد من العائلات بعد نحو شهر من العمل الدؤوب أن ينظفوا مساحات واسعة من بلدة كرمليس.

ويقول مارتن لموقع (إرفع صوتك) إنهم يعملون على شكل فرق متعددة من المتطوعين والمتطوعات الشباب الذين وصل عددهم إلى نحو 30 متطوعا. "استطعنا أن ننظف الكنائس والشوارع في بلدتنا ومعالجة عدد من الأنفاق والمساهمة في تنظيف البيوت. هدفنا هو إعمار هذا البلد".

كرمليس بعد التحرير

كرمليس هذه المرة لم تكن كاللحظة الأولى من تحريرها مليئة بالأنقاض ومخلفات تنظيم داعش. شوارعها كانت نظيفة حيث تمكنا أن نتجول في أحيائها بسيارتنا، فالأنقاض رُفعت والشوارع أصبحت نظيفة، بالرغم من أن آثار التدمير الذي خلفه التنظيم الإرهابي على المباني فيها ما زالت ظاهرة إلا أن العمل من جانب فرق الشباب ودائرة البلدية في البلدة مستمر.

مبادرة تنظيف البلدة من مخلفات التنظيم ليست الأولى لمارتن، فقد اختار هذا الشاب الذي يبلغ من العمر 25 عاما توعية الشباب بشكل خاص والنازحين بشكل عام من مخاطر التطرف والتشدد سلاحا ضد تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى. وأطلق مبادراته هذه من داخل مخيم النزوح الذين كان يعيش فيه في أربيل منذ صيف 2014 بعد احتلال تنظيم داعش لبلدته.

ويقول مارتن إن حملات التوعوية التي قام بها مع شباب آخرين ركزت على كيفية مساعدة النازحين في إجتياز هذه المرحلة الصعبة من حياتهم وكيفية التعاون فيما بينهم، وزرع الأمل لديهم.

الحملات التي أطلقها مارتن خلال السنوات الماضية اعتمادا على جهوده الشخصية لم تتوقف حتى هذه اللحظة واتخذت أشكالا متعددة منها محاضرات التوعية للشباب وحملة واسعة تحت عنوان "حرروا الموصل" وحملات عمل جماعي لتنظيف المناطق المحررة في سهل نينوى وتهيئتها لتكون حاضرة لإستقبال سكانها العائدين مستقبلا.

ويقول مارتن لموقع (إرفع صوتك) "سأواصل إطلاق الحملات التي تهدف إلى محاربة الفكر المتطرف، لدي الكثير من الأفكار التي هي في طور الإعداد والترتيب كي تكون حاضرة للتنفيذ".

حملات أخرى

مبادرات مارتن المتتالية تختلف عن المبادرات الأخرى لمحاربة داعش فكريا، ونقطة الاختلاف تكمن في أن مارتن اختار المخيم الذي يسكنه في مدينة أربيل مركزا لإطلاق مبادراته.

ويقول الشاب "عملت خلال العامين الماضيين من خلال مجموعة من المحاضرات على توعية النازحين الموجودين في مجمعات ومخيمات أربيل على أن الفكر المتطرف لا يصلح لأي مجتمع أو ديانة".

ويتابع "يجب أن نتبنى الفكر المعتدل في هذا البلد. كان هناك إقبال كبير على هذه الحملات التوعوية وتجاوب من قبل المواطنين النازحين".

قبل بدء معركة تحرير الموصل "قادمون يا نينوى" بنحو شهرين، أطلق مارتن حملته الأكثر تفاعلية حملة "حرروا الموصل". الحملة انطلقت من مجمع "عيون أربيل" الذي يحتضن نحو 130 عائلة مسيحية ويقع في ناحية عينكاوه شمال مدينة أربيل.

ويوضح مارتن أن الحملة تمثلت بتعليق أوراق كُتب عليها "حرروا الموصل" على جدران المباني والمحلات التجارية والمطاعم في أربيل. ومن ثم انتشرت الحملة في غالبية محافظات ومدن العراق. 

وقد بدأت القوات العراقية بكافة أنواعها وصنوفها وتشكيلاتها ومن ضمنها قوات البيشمركة والحشد الشعبي في تشرين الأول/أكتوبر 2016 عملية عسكرية موسعة بإسناد من طيران التحالف الدولي لتحرير الموصل وأطرافها من تنظيم داعش، وما زالت العملية مستمرة حتى الآن. واستطاعت هذه العملية وبعد أكثر من شهرين ونصف أن تحرر سهل نينوى بالكامل. وتمكنت القوات العراقية من تحرير مساحات واسعة من مدينة الموصل وما زالت تتقدم لتحرير ما تبقى من الأراضي من تنظيم داعش.

ويضيف مارتن "من أهداف الحملة الإسراع في عملية تحرير الموصل وعودة النازحين إلى المناطق المحررة والحفاظ على حقوقهم، وتوفير الحماية لهم، وإعادة ممتلكاتهم التي سلبها تنظيم داعش". 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.