عملة عراقية/Shutterstock
عملة عراقية/Shutterstock

بقلم إلسي مِلكونيان:

أقرّ البرلمان العراقي موازنة عام 2017 في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي بإيرادات تبلغ 79 تريليون دينار عراقي (حوالي 68 مليار دولار) ونفقات تبلغ 100 تريليون دينار عراقي، أي بعجر يصل إلى 21 تريليون (نحو 18 مليار دولار).

وفي ظل تحرير العديد من المناطق من قبضة داعش، يبقى السؤال الأبرز الذي يشغل الكثير من العراقيين الآن هو أن تتضمن هذه الموازنة مخصصات كافية تسهل عودتهم إلى مناطقهم وتحل مشكلة النازحين في إقليم كردستان وتخلق فرص عمل لتشغيل الشباب.

فما هي التفسيرات التي أفاد بها المختصون لموقع (إرفع صوتك) لتوضيح نص الموازنة المنشور على موقع مجلس النواب العراقي؟  

خطة إعمار المناطق المحررة

تعرض العراق لخسائر جسيمة في العامين الأخيرين بسبب ما ألحقه تنظيم داعش من أضرار بالبنى التحتية والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها. وبينما تجري معارك لتحرير الموصل وهي أكبر معاقل التنظيم في العراق، يتم الآن التخطيط لإعادة إعمار المناطق المحررة من قبضة التنظيم ورصد 500 مليار دينار لذلك.

ولهذا السبب تختلف موازنة هذا العام عن سابقه بتحويل الأموال التي كانت مخصصة لأجل الحرب ضد داعش والتي تشكل 30 في المئة من الموازنة، لأغراض إعادة الإعمار، حسب توضيح عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط لموقع (إرفع صوتك).

وتتألف مرحلة الإعمار حسب الهنداوي من مرحلتين: الأولى هي إعادة الاستقرار للمناطق المحررة، وتتراوح من شهر إلى ستة أشهر لإعادة الخدمات الصحية والتعليمية إليها، والثانية هي مرحلة الإعمار وهي تتطلب أموالاً هائلة.

الحل في الاقتراض

ويقول الهنداوي "العراق عاجز في الفترة الراهنة على التمويل الذاتي لكافة احتياجاته، ولذلك فهو يسعى للاقتراض من جهات مانحة دولية". ومثال على ذلك، النقود التي جمعت في شهر تموز/يوليو الماضي، حين تم جمع ملياري دولار في مؤتمر للمانحين حضره وزراء دفاع وخارجية 24 بلدا في واشنطن لمساعدة العراق على جمع المال لحشد المعركة ضد التنظيم، حسب وكالة رويترز للأنباء.

ويقول الهنداوي "هناك توجه لعقد مؤتمر دولي آخر للحصول على منح وقروض جديدة للقيام بمرحلة الإعمار، كما تهدف هذه القروض إلى سد العجز في الموازنة وخلق إمكانية لتمويل المشاريع المتوسطة والتي يبلغ عددها 4500 مشروع مهددة بالتوقف بعد أن تم إنفاق أموال طائلة عليها حتى تصل إلى مستويات متقدمة في الإنتاج".

سبب الامتعاض الكردي

إلى ذلك يواجه إقليم كردستان الآن تحديات كبيرة لتأمين متطلبات النازحين من المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش إلى الإقليم. ولتجاوز هذه التحديات تحتاج البلاد إلى طاقات تمويلية كبيرة.

ويوضح عزت صابر رئيس اللجنة المالية في حكومة إقليم كردستان لموقع (إرفع صوتك) وجود حوالي مليون ونصف المليون لاجئ في الإقليم، تخصص لهم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية أموالاً لتغطية النفقات المتعلقة بهم، لكن هذه النفقات لا تكفي لتغطية كافة احتياجاتهم من خدمات صحية وتعليمية وماء وطاقة، فيتحمل الإقليم أيضاً تكاليف كبيرة لمعالجة المشكلة.

ويقول عزت "صوّت النواب الأكراد على الموازنة الإتحادية بهدف إقرارها فقط. لكن المشكلة هي حصة الإقليم المتفق عليها وهي 17 في المئة من إجمالي النفقات الفعلية. والإقليم فعلياً لا يتحصل على هذه النسبة بسبب تذبذب أسعار النفط وأموال المجهود الحربي ضد داعش وعوامل أخرى كثيرة قد تقلل هذه الحصة إلى 10 في المئة، وبرأيي قد يدفع هذا الإقليم إلى تصدير نفطه دون الرجوع إلى حكومة بغداد، لأن ذلك قد يزيد حصته من الإيرادات".

أين حصة الشباب؟

يرى خبراء أن الموازنة العام الحالي لا تختلف عن الموازنات السابقة. لأن القسم الاستثماري للموازنة ضعيف. فالإيرادات هي 69 تريليون من الريع النفطي و11 تريليون من الضرائب، حسب توضيح الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطون لموقع (إرفع صوتك).

ويبقى للشباب الحصة الأقل. يقول أنطون "يدخل سوق العمل سنوياً أكثر من 450 ألف مواطن عراقي منهم 150 ألف خريج من جامعات ومعاهد ولا توجد فرص لهم للحصول على وظائف حكومية".

وينوه الخبير العراقي الى أن يكف الشباب بحثهم عن وظائف ضمن دوائر الدولة لأنها "باتت متخمة بأكثر من أربعة ملايين ونصف موظف إلى جانب الفساد والمحسوبية".

وينصحهم بالتوجه لإنشاء مشاريعهم الخاصة بالاستفادة من التدريب التي باتت توفره الجامعات حالياً وبالاعتماد على قروض صغيرة توفرها وزارة العمل وبنوك تنموية أخرى.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.