احتفالات رأس السنة الميلادية في بغداد/إرفع صوتك
احتفالات رأس السنة الميلادية في بغداد/إرفع صوتك

بقلم علي قيس:

بحلول عام 2017، كادت أماني العراقيين أن تكون واحدة: عسى العام الجديد أن يكون عام سلام وأمان، رغم أن هذه الأمنية كانت حاضرة مطلع كل السنوات الماضية لكنها لم تتحقق.

ويعزو الإعلامي ريناس علي سبب عدم تحقق تلك الأمنية إلى "اختلاف السياسيين حول مصالحهم حصرا، وهو سبب عدم استقرار الأمن في هذا البلد"، موضحا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "لأن التحالفات مبنية على أساس تقسيم الحصص وليس على أساس بناء دولة العدل والقانون".

دولة حقيقية تعني لا سلاح خارج سلطتها

ومن نتاج الخلاف السياسي غياب تطبيق القانون الذي أدى إلى بروز مظاهر تهدد الاستقرار في البلاد، منها المظاهر المسلحة وانتشار السلاح خارج سلطة الدولة.

"ثقافة حمل السلاح في العراق ازدادت بعد 2003 بسبب غياب تطبيق القانون بحصر السلاح في يد الدولة"، يقول علي، مضيفا "أنا كمواطن عندما أشعر أن الدولة لا تستطيع أن تحميني سأضطر إلى وضع قطعة سلاح أو أكثر في بيتي تحسبا لأي طارئ".

ويرى الإعلامي أنه "لو كانت الدولة تعمل بالقانون لن يكون هناك أي تصرف سلبي وليس فقط انتشار السلاح خارج سلطتها، لأن مرتكبه سيردع".

ويواصل حديثه "هناك معادلة تقول، مع وجود دولة حقيقية لا يوجد سلاح (خارج سلطتها)، ومع غياب الدولة الحقيقية سيكون هناك سلاح"، مشددا على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة بعد "إنهاء وجود داعش".

بدوره يستبعد الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن يكون عام 2017، سنة الخلاص من المظاهر المسلحة.

ويوضح في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن "تجاهل الحكومة لمسألة تقييد ومعالجة ظاهرة السلاح السائب في بغداد والمحافظات المستقرة ينبع من مبدأ (لا نستطيع فتح صِدام مسلح)، ولذا لن نرى أي معالجة حازمة من رجل الأمن تجاه تلك الخروقات الواضحة".

السلاح السائب يعادل سلاح الدولة؟

ويتابع الهاشمي "حجم السلاح السائب لم يعد على ما كان عليه من سلاح خفيف ومتوسط، بل أصبحت هناك مخازن ومشاجب في بغداد والمحافظات بحجم تلك التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية"، مضيفا "وغالبا هذه غير خاضعة لتفتيش الجهات المعنية بسبب سريتها وصعوبة مداهمتها وتفتيشها لرغبة القوات الأمنية بعدم الصِدام".

وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي قد قرر في أكثر من مرة إنهاء المظاهر المسلحة، ونزع السلاح من بعض المناطق، كان آخرها عقب تفجيرات الكرادة وسط بغداد تموز/يوليو 2016، إلا أن الهاشمي يستبعد تنفيذ القرار خلال العام الحالي، موضحا "أظن أن الدكتور العبادي يتريث في اتخاذ أي قرار يسمح بنشوب اقتتال داخلي طيلة عام 2017، وخاصة أن معظم السلاح السائب يتبع لفصائل لها الدور الكبير والمهم في عمليات مكافحة إرهاب داعش منذ عامين".

الانتصارات الأمنية تحتاج تقدما سياسيا؟

المتحدث السابق باسم قيادة عمليات بغداد العقيد المتقاعد ضياء الوكيل يؤكد من جانبه أن الحكومة جادة في مسألة حصر السلاح تحت سلطة القانون، موضحا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "أحد الأسباب الرئيسية لمساهمة الحكومة في تشريع قانون الحشد الشعبي هو أن يكون السلاح تحت سلطة الدولة، وهذا لا يتم إلا من خلال التفاهم والتعاون السياسي بين جميع الأطراف فالقرار ليس أمنياً فقط بل سياسي أيضا".

ويتابع الوكيل "حصر السلاح بيد الدولة يعود بالنفع على الجميع، أي انتهاك أو ممارسة خارجة عن القانون تكون واضحة أمام الجميع، هذا يحتاج إلى تنسيق بين المؤسسات الأمنية وهيئة الحشد الشعبي".

ويبدي العقيد المتقاعد تفاؤله بأن الوضع الأمني في عام 2017 سيكون أكثر استقرارا، ويقول "القوات العراقية أحرزت تقدما كبيرا في حربها ضد تنظيم داعش خلال عام 2016، خلال هذا العام التنظيم خسر الكثير من الأراضي ومصادر التمويل، لذلك باعتقادي هذا العام سيحسم ملف الحرب ضد داعش".

ويشير الوكيل إلى أن الانتصارات الأمنية تحتاج إلى تقدم في المسار السياسي، مضيفا أن هذا ما يعمل عليه التحالف الدولي، كما يأتي ضمن قرارات مؤتمر قاعدة أندروز الجوية الذي عقد في 20 تموز/ يوليو 2016 في الولايات المتحدة بمشاركة وزراء دفاع وخارجية التحالف.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.