بغداد – بقلم دعاء يوسف:
رغم الظروف الصعبة التي يعاني منها النازحون، إلا أن أبناءهم الطلبة توفقوا في الدراسة داخل المخيم، حسب قول حميد محمد حميد، مدير مدرسة المجمع التدريسي في مخيم (التكية الكسنزانية) على أطراف العاصمة بغداد.
ويضم المجمع، الذي تم إنشاؤه من قبل وزارة التربية العراقية وبالتعاون مع اليونيسف في آذار/مارس من العام 2015، نحو 16 قاعة دراسية مشيدة من "الكرفانات" الجاهزة. ويضيف حميد لموقع (إرفع صوتك) أنّ بعض هذه القاعات الدراسية يدرس فيها 48 طالبا وطالبة، "بسبب كثرة أعداد الطلبة النازحين الذين بلغ تعدادهم بعد رجوع العائلات النازحة إلى مدن محافظة الأنبار المحررة (535) طالبا وطالبة".
ملاكات تدريسية
وبحلول العام الدراسي الحالي، أصبح المجمع التدريسي في مخيم التكية الكسنزانية يستقبل الطلبة بلا ملاكات تدريسية. وفي هذا الشأن، يقول مدير المدرسة حميد، وهو نازح من قضاء بلد في العام 2014، إن المجمع قبل استعادة السيطرة على بعض مدن الأنبار من داعش ، كان قد استقبل 1226 طالبا وطالبة أشرف على تدريسهم 16 محاضراً كانوا قد نزحوا من الرمادي وصلاح الدين والموصل واليوسيفية.
وبحسب حميد، فإنه لم يتبق من هؤلاء المحاضرين إلا واحداً بسبب عودة بعضهم إلى مدنهم التي تحررت. "بينما اضطر البعض الآخر إلى تركنا لأنهم قضوا مدة التدريس دون أن تخصص لهم أي رواتب أو أجور مالية".
وهذا الأمر بنظر حميد "غير مألوف لأنهم كانوا يتكبدون عناء المهمة طيلة الشهور الماضية".
أما اليوم، فقد نجح حميد بتوفير ستة محاضرين يشرفون على تدريس الطلاب الـ535 في مرحلة الابتدائية.
"استطعت إقناع معلم كان نازحاً من محافظة صلاح الدين، وآخر يسكن في مدينة الطارمية بالانضمام إلى الملاكات التدريسية".
الدراسة خارج المخيمات
ويعتقد حميد أن التحديات التي يواجهها طلبة المخيمات لا تختلف كثيرا عمّا يواجه أقرانهم من خارج المخيم، مثل ارتفاع تكاليف اللوازم المدرسية والقرطاسية، وضغوط أخرى تتعلق بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والأمنية.
لعل من أبرز هذه التحديات ضعف رغبة الطلبة في الدراسة بسبب معاناتهم من النزوح. ويشير إلى أن هؤلاء الطلبة لديهم قدرة كبيرة تؤهلهم على متابعة الدراسة خارج المخيمات "فالمناهج الدراسية نفسها والقوانين نفسها. التغيير الذي حصل لهم أنهم يكملون دراستهم داخل هذا المخيم".
ويشير إلى أن إدارة المدرسة قد زودت الطلبة الذين عادوا مع عوائلهم إلى محافظة الأنبار بكتب نقل إدارية ومجازة رسمياً من وزارة التربية.
ظروفهم الاقتصادية والنفسية
وفي الساحة التي تحيطها صفوف المدرسة يتجمع الطلبة حول راية العلم العراقي لأداء مراسيم بدء الدوام اليومي. وحولهم تصطف الخيام على امتداد البصر.
وتصف معاونة المدير هناء خميس لموقع (إرفع صوتك) كيف يقوم طلبة المرحلة الابتدائية من الذكور للعمل بعد انتهاء الدوام من أجل شراء المواد الغذائية لعائلاتهم، وكيف أن أغلبهم ليس لديهم معيل.
"هناك آباء لا عمل لهم، فيضطر الكثير من الطلبة الذين لم تتجاوز أعمارهم الثمانية أعوام إلى بيع السجائر أو قناني المياه أو الحلوى".
وحمل صوت هناء نبرة انتقاد لأوضاع أولياء أمور الطلبة النازحين. وأشارت إلى معاناة إدارة المدرسة بسبب ظروفهم الاقتصادية والنفسية التي تضطرهم إلى إهمال تدريس أطفالهم.
وترى أن هذا الإهمال يعاني منه الكثير من الطلبة، وينعكس على سلوكياتهم في التعامل بحيث يتمردون، أو يتشاجرون فيما بينهم بطريقة عنيفة.
أبي يرفض المساعدات
ويعاني والد قصي أحمد وهو أحد تلاميذ المدرسة من عوق في أطرافه السفلى، كما أنه عاطل عن العمل. ونظراً لظروفهم المالية الصعبة في المخيم، قرر قصي الذي يدرس في مرحلة الخامس الابتدائي بيع قناني المياه لأهالي المخيم بعد الخروج من المدرسة، لتوفير قوت عائلته.
ويقول قصي الذي نزح مع عائلته من محافظة صلاح الدين عام 2014 لموقع (إرفع صوتك) "إنني أعمل بأي شيء، لأن أبي يرفض المساعدات والمعونات التي يقدمها الناس لنا".
وتثير هذه الحالات مخاوف إدارة المدرسة من أنها قد تدفع بالطلبة إلى إهمال الدراسة والامتناع عن الدوام.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659