تعرضت أغلب القنوات الدينية المتشددة للتوقيف أو الإنذار على الأقل مرة واحدة/Shutterstock
تعرضت أغلب القنوات الدينية المتشددة للتوقيف أو الإنذار على الأقل مرة واحدة/Shutterstock

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"من يتابع القنوات الفضائية هذه الأيام يجد أغلبها مليئة برجال الدين، وكأنهم يعملون فيها"، يقول وليد حسن، 34 عاماً، الذي يرى أن برامجهم تقدم خطابات دينية تستخدم فيها كلمات عنيفة مثل العذاب والعقاب والحرق وغيرها.

"إنهم يقدمون لنا صورة مخيفة عن القصاص في الدين".

منابر للمتشددين؟

ويضيف وليد، الذي يعمل في محل لتصليح السيارات بالحي الصناعي ببغداد وحاصل على شهادة جامعية من كلية الهندسة، في حديثه لموقع (إرفع صوتك)، "القنوات الفضائية رسخت في ذهني صورة لا أحبها عن الدين".

ولعل هذا الخطاب بنظر وليد وراء انتشار الأفكار الدينية المتطرفة. "بعض هذه القنوات صارت منابر للمتشددين دينياً".  

ويتساءل الشاب "لماذا يدفعني هذا الخطاب إلى مقاطعة الذي لا يصلي؟". ويجيب نفسه "أليست هي مسؤولية الخالق؟".

حياتنا العصرية

وقد بدأ عدد من القنوات الشيعية والسنية، التي تقدم نفسها على أنها نوافذ للحوار مع الآخر، في الظهور على الساحة العربية خلال السنوات القليلة الأخيرة. إلا أنها تبث في الكثير من الأوقات الخطابات العدائية والتحريضية.

تعرضت أغلب القنوات الدينية المتشددة للتوقيف أو الإنذار على الأقل مرة واحدة. رغم ذلك، ما زالت تبث إلى حدود اليوم. وفي العراق، قررت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية تعليق رخص 10 قنوات فضائية لاتهامها بـ"التحريض على العنف والطائفية"، بينها قناة الأنوار 2. لكن القناة عادت إلى البث مجدداً.

ويعتقد إياد القيسي، 51 عاماً، في حديثه لموقع (إرفع صوتك)، أنّ ما يحدث في البلاد اليوم هو أن الخطاب الديني الموجه لا يتناسب مع حياتنا العصرية.

ويضيف "عليهم إبعاد الدين عن السياسة والتعليم والثقافة لأن محاولات تطبيقه في هذه المجالات صار يؤثر كثيرا على جوهره أو الغاية منه".

ويشير إياد الذي يعمل سائق سيارة أجرة ببغداد إلى أن الدين صار لصيقا للسياسة القتل والدمار. "هم يفسرون الدين وفق ما يجدونه مناسباً لمصالحهم السياسية".

جوهر الإسلام 

ويرى علي القريشي، 57 عاماً، أن المجتمع العراقي يتأثر كثيرا بالخطاب الديني وبمنابر التبليغ. ويقول لموقع (إرفع صوتك) إن "رجال الدين يصنعون ثقافتنا وطبيعة حياتنا ويحددون علاقتنا بالآخرين من حيث الاعتدال أو التعصب".   

ويشير علي الذي يعمل في محل نجارة ببغداد إلى أن الخطاب الديني على تماس بالخطاب السياسي بطريقة أو بأخرى. "رجال الدين يتدخلون بكل شيء يتعلق بالسياسة والحكم، بل إن الكثير من السياسيين يدخلون إلينا عبر خطابات دينية لا علاقة لها بجوهر الإسلام".

علي الذي كان يحرص على متابعة خطب المنابر الدينية في السابق، يرى ذلك جليا في أحاديث من يلتقي بهم خلال العمل أو عند جلوسه في المقهى. "القليلون من الناس يثقون اليوم برجال الدين".

ويشير إلى أن هناك حاجة كبيرة لتقليل أعداد المساجد في البلاد وتغيير الخطاب الديني والسيطرة عليه "لأنه تشوه كثيرا بسبب المصالح السياسية، وصار العنف والمعاداة صفة من صفاته".

قيم التسامح

أما عباس فاضل، وهو طالب في كلية الإعلام فيرى أن "الخطاب الديني يشير بكل صراحة إلى دعم العنف والإرهاب".  

ويضيف عباس، 21 عاماً، أنه لا خيار لإحلال السلام "إلا بالتخلص من الخطاب الديني المتطرف".

ويقول لموقع (إرفع صوتك) إن الأحزاب السياسية الحاكمة "تستغل منابر الخطاب وتدعمها من خلال قنواتها الفضائية الموجهة لتحقق مكاسب سلطوية".

ويشير إلى أنه حتى يتخلص المجتمع العراقي من الصراعات السياسية عليه أولا إحداث التغيير في الخطاب الديني سواء في المساجد أو في القنوات الفضائية مما يعزز قيم التسامح والحريات المدنية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

من عروض مسرح الدمى في الموصل
من عروض مسرح الدمى في الموصل

تسعى مؤسسة "السلام المستدام" وهي مؤسسة عراقية غير حكومية، عبر استخدام مسرح الدمى الى إعادة تأهيل الأطفال في الموصل وتخليص أذهانهم من الاثار النفسية للحرب والدمار.

وأطلقت المؤسسة في 5 سبتمبر الحالي مبادرة "مسرح الدمى" التطوعية عبر عرض مسرحي للدمى بالتعاون مع المخرج عادل العمري، بمشاركة أكثر 50 طفلاً تراوحت أعمارهم ما بين 5-12 عاما، وشملت المبادرة التي نظمت في الجانب الأيمن من الموصل تقديم مجموعة من النشاطات الفنية للأطفال المشاركين وجميعهم من وجميعهم من جانب المدينة، الذي مازال يعاني من دمار الحرب.

ويقول مدير مكتب مؤسسة "السلام المستدام" في مدينة الموصل، مهند حازم محمد، لـ"ارفع صوتك" أن فكرة المبادرة هي لـ"نشر السلم المجتمعي والتماسك المجتمعي عن طريق البذرة الأولى وهي الأطفال، لذلك هذه المبادرة تعمل على تنمية قدرات الأطفال وتوعيتهم عبر الاهتمام بالبيئة التي يعيشون فيها بشكل عام والاماكن المخصصة للعب بشكل خاص"، مشيرا الى أن المؤسسة تهدف الى صناعة مسرح ثابت للدمى داخل مقرها أو مقر مركز قليتا للتنوع الثقافي، التابع للمؤسسة الواقع في الجانب الأيمن من الموصل.

وعاش أطفال الموصل أوضاعا إنسانية صعبة في ظل الخوف والجوع  خلال أكثر من 3 سنوات من سيطرة تنظيم داعش على مدينتهم، ومازالت مخيلة الأطفال الذين عاصروا التنظيم تحتفظ بمشاهد القتل والتعذيب، الذي كان مسلحو داعش ينفذونها في الموصل ضد أهالي المدينة والمناهضين لـ"داعش"، الى جانب عمل التنظيم الإرهابي  عبر مكاتبه الإعلامية التي كانت منتشرة في احياء المدينة  على نشر فكره بين الأطفال وغسل ادمغتهم، ولم تتوقف مأساة الأطفال هنا، بل زادت عمقا وسط الدمار الذي خلفه التنظيم والمعارك التي شهدتها المدينة للتخلص منه. وكانت للموصل القديمة من اعمال التدمير حصة الأسد لأن المعارك النهائية لتحرير المدينة تركزت فيها.

فريق مسرح الدمى في مؤسسة "السلام المستدام"

ويوضح محمد أسباب تركيز المبادرة على الموصل القديمة، "استهدفت المبادرة المدينة القديمة وتحديدا حي سوق الشعارين المحاذي لجامع النبي جرجيس لان هذه المنطقة عانت ما عانته من دمار ولا توجد فيها ساحات أو مناطق مخصصة للعب الأطفال. تحتوي فقط شوارع، وغالبا أطفال هذه المنطقة يلعبون في الشوارع، لذلك ركزنا على موضوع لعب الأطفال في الأماكن الآمنة".

وتستعد المؤسسة حاليا لتنظيم 3 عروض مسرحية أخرى ضمن مبادرة مسرح الدمى، يشمل الأول التوعية بالنظافة الشخصية، والثاني موضوع القلم والممحاة الذي يحتوي على رسائل حول اهمية الكتابة والقراءة بالنسبة للطفل، واما الثالث سيكون عن النزوح وتأثيره على تنشئة الأطفال وفهم أهمية الاهتمام بالآخرين والاهتمام بالعائلة والقيم وبر الوالدين.

 وتعمل المؤسسة على ترسيخ ثقافة السلم المجتمعي من خلال عرض مسرحيات دمى، التي تهتم مواضيعها بالتعايش السلمي والسلم المجتمعي ونبذ خطاب الكراهية والعنف.

ويضيف محمد "نخطط لمسرح ثابت بأدوات ثابتة وبالتعاون مع أكاديميين متخصصين في مجال مسرح الدمى لتوعية هذا الجيل كي نبدأ بداية صحيحة للنهوض بواقع المدينة وحماياتها من أي فكر يؤذيها ويدمرها".

ويؤكد محمد على أن مشروع المسرح الثابت سيتضمن تصوير مسرحيات الدمى التي تعرض، ومن ثم نشرها على الانترنت ليشاهدها الأطفال في كافة أنحاء العالم وليس فقط الموصل، و"يرى العالم أن هذه المدينة التي كانت منكوبة قادرة على الرجوع لدورها الأساسي".

وفي منتصف يوليو عام 2017 عندما كانت معارك تحرير مدينة الموصل تقترب من الانتهاء، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسف" في بيان أن "جراح الأطفال الجسدية والنفسية العميقة سوف تستغرق وقتاً أطول لتلتئم. وقد تكبد نحو 650,000 طفل من الصبيان والبنات الذين عاشوا كابوس العنف في الموصل، ثمناً باهضاً وعانوا الكثير من الأهوال على مدى 3 سنوات".

وتؤكد المتخصصة في علم النفس هاجر العبدالله الزبيدي، على أن مبادرة مسرح الدمى ولعب الأطفال يعززان من قدرة الطفل على فهم البيئة المحيطة به.

وتضيف الزبيدي لـ"ارفع صوتك": "لهذه النشاطات تأثير كبير جدا يُسهم في تقوية ثقة الطفل بنفسه وبقدرته على حلّ المشاكل التي يمكن أن تعترض سبيله لوحده من خلال مساعدة دميته والتفاعل مع البيئة التي يعيش فيها".

وتشير الزبيدي الى حاجة أطفال الموصل للدعم والمساعدة من أجل التخلص من الصدمات التي تعرضوا لها والتخلص من الماضي واثاره وهذا يكون "عبر إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع عبر مجموعة من الوسائل كممارسة الألعاب ومنها الدمى ومشاهدة المسرحيات وغيرها من الوسائل الترفيهية".