بقلم إلسي مِلكونيان:
"لو أعطينا صلاحيات لرجال الدين لسن القوانين لكانت كارثة على المجتمع". هذا كان رأي أحد متابعي صفحة (إرفع صوتك) على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حيال سؤال أثرناه حول دور وزارات الأوقاف في الحد من انتشار التطرف والإرهاب في المجتمعات العربية.
وتفاعل المتابعون من خلال 446 تعليقاً على هذا السؤال في محاولة لتحديد التقصير من قبل وزارات الأوقاف في الفترة السابقة والدور الذي يمكن أن تلعبه لتكون رسولاً في "نشر الوسطية والخطابات المعتدلة ومحاربة الخطابات الطائفية المتشنجة (ومن في حكم الترويج لها)"، حسب ما يقوله متابع آخر.
وطرح آخرون أيضاً قضية مسؤولية الوزارات وواجباتها حيال المؤسسات الدينية التي تخضع لها، إذ يتوجب عليها مواكبة التطورات التي حلت بالمجتمعات العربية ومنها "تجديد الخطاب الديني" من على المنابر.
وفي هذا الإطار، قد تعتبر المناطق المحررة من داعش في العراق الآن بأمس الحاجة إلى مؤسسات مسؤولة عن الأوقاف تكون فاعلة في منع عودة التطرف إلى تلك المجتمعات من جديد. فما الذي يحاول المسؤولون عن هذه المناطق فعله في هذا الصدد؟
تغيير الخطاب الديني
على غرار باقي الدول العربية، كان في العراق وزارة للأوقاف والشؤون الدينية لتعنى بأمور المؤسسات والمنشآت الدينية في كافة أنحاء البلاد بغض النظر عن انتماءاتها المذهبية. لكن هذا الأمر تغير في عام 2003 حيث تم حل الوزارة وتقسيمها إلى ديوان للوقف السني وآخر للوقف الشيعي وآخر للديانات المسيحية والأيزيدية والصابئة المندائية، ويعتبر رئيس كل منها بمثابة وزير يعين باقتراح من قبل مجلس الوزراء.
وتخضع المناطق المحررة من سيطرة داعش إلى الوقف السني وهو يعمل بدوره على إعادة ترتيب مؤسسته الدينية والمساجد التابعة له لإبعاد أفكار التطرف عن المجتمع ككل.
ويشرح الشيخ قتيبة عماش، وهو مدير عام في ديوان الوقف السني لموقع (إرفع صوتك) وجود خطة يعمل عليها الديوان وهي تركز على الأمور التالية:
أولاً- إعادة تأهيل الخطاب الديني وفق الثوابت والضوابط الشرعية المحددة له ليكون خطاباً ناجحاً يحاكي المجتمع بالاستناد إلى الحديث النبوي "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك".
ثانياً- تصحيح بعض المفردات في الخطاب الديني التي تضم في طياتها معانٍ تدعو للتطرف. إلى جانب ذلك، يجري العمل على "تنقية" المناهج الدينية في المدارس الدينية وهذا جهد قام به ديوان الوقف السني على مدى أكثر من 15 شهراً الماضية.
يقول الشيخ قتيبة أن هذا كله تم في إطار حملة أطلقها الوقف باسم "الحملة الوطنية لمناهضة الغلو والتطرف" وتقوم على "برنامج منهجي واضح يسلط الضوء على الأمور التي تكون تدعو إلى نشر الإرهاب ويضع الحلول لمعالجتها بمشاركة منظمات المجتمع الديني ومؤسسات التوجيه الديني".
وكان الوقف السني قد أقام مؤتمره الأول لإطلاق هذه الحملة سنة 2015.
لكن على الرغم من كل هذه الجهود، فإن الحد من انتشار الأفكار المتطرفة لن يتم بشكل فاعل إلا إن كان لجميع الأطراف والمؤسسات الحكومية دوراً أكبر يتم بالتنسيق مع ديوان الوقف السني.
إبعاد الخطباء التكفيريين
من جهة أخرى، تبذل العشائر السنية جهداً مماثلاً لتوعية المجتمع وذلك من خلال عقد ندوات وتوزيع منشورات حول محاربة الإرهاب في كافة المناطق المحررة في محافظة الأنبار.
ويشرح الشيخ رافع عبد الكريم، رئيس مجلس العشائر المتصدية للإرهاب في الأنبار، في حديث لموقع (إرفع صوتك) وجود خطة مجتمعية للحد من التطرف والإرهاب. لكن لا يمكن تحديد وقت محدد لتفعيل هذه الخطة بسبب وجود مشاكل عدة تمنع تنفيذها بالسرعة المطلوبة.
يقول الشيخ رافع "المعوقات هي من قبل مجلس المحافظة. إننا نطلب منه أن يتعاون معنا على تطبيق خطة مجلس العشائر. وما يعيق تفعيلها فعلاً هو وجود مصالح للكتل السياسية قد تتعارض مع مصلحة المجتمع، إضافة إلى وجود تقصير من قبل الحكومة الاتحادية لأنها لا تقدم الدعم الكافي للحشد العشائري ولا تساعدهم على تعيين القادة الفاعلين في المكان المناسب".
ومع ذلك، يشير الشيخ رافع إلى أن الحشد العشائري عازم على التعاون مع الوقف السني لتعيين الخطباء المناسبين وتقويم الخطاب الديني ضمن المساجد وإبعاد الخطباء التكفيريين عن منابره وإعادة ترتيب الجوامع وإعادة ثقة الناس فيها. كما يأمل إلى أن تتضافر هذه الجهود لتشمل كافة المناطق المحررة في كل أنحاء العراق.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659