المدون العراقي تحسين الزركاني/إرفع صوتك
المدون العراقي تحسين الزركاني/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

منذ اللحظة الأولى لإعلان تنظيم داعش سيطرته على مدينة الموصل، اختار المدون والصحافي العراقي، تحسين الزركاني، الفكر المعتدل والمتحرر لمحاربة التنظيم الإرهابي وكشف زيفه، متخذا من صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر التي اجتاز عدد متابعيها 3000 متابع منصة لمحاربة التنظيم فكريا.

فأطلق خلال العامين الماضيين من الحرب ضد التنظيم في العراق ما يقارب المئة وسم (هاشتاغ) التي يؤكد أنها حققت أهدافها في تضعيف إعلام التنظيم وكسر أعمدته الواحد تلو الآخر.

ويرى المدون تحسين الزركاني أن استغلال تنظيم داعش منصات التواصل الاجتماعي لبث  الإشاعة والرعب، أوجب على الجميع العمل على مواجهته فكريا من خلال هذه المنصات.

كشف حقيقة داعش

ويوضح الزركاني لموقع (إرفع صوتك) أن ترويج داعش لعملياته الإجرامية على مواقع التواصل الاجتماعي، "دفعنا إلى السعي لكشف ما نشره عبر حسابات تويتر وصفحات فيسبوك وقنوات يوتيوب من تلاعب وتزييف بتحليل الفيديوهات والصور، من خلال عدة برامج ومواقع إلكترونية تسهل علينا ذلك".

خطوات الزركاني لم تتوقف عند الكشف عن التزييف الذي يمارسه التنظيم عبر ماكينته الدعائية بل تعداها إلى إنشاء موجة مضادة للتصدي للأفكار الإرهابية.

ويردف الزركاني أن الخطوة الثانية تمثلت في إطلاق عدة حملات باستخدام الوسوم المستهزئة بالتنظيم وفكره وإضافة ما يستخدمه داعش من تلك الوسوم ليطلع متابعيها "على ما ننتجه من مواضيع مناهضة لفكر داعش الإرهابي".

ويرى الزركاني أن النجاح في محاربة التنظيم فكريا يتكلل من خلال مجابهة مشاهد القتل والذبح والإرهاب التي يبثها باللوحات الفنية والقصائد الشعرية والعروض المسرحية والمهرجانات الفنية. ويُشدد بالقول "نحن نريد أن نخلق فكرا يرى في الإنسان إنسانيته لا دينه ومذهبه وقوميته".

محاربة داعش

منذ بداية ظهوره في سورية، في شهر نيسان/أبريل عام 2013، اعتمد تنظيم داعش على ماكينة إعلامية اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لعرض عملياتها الإرهابية في سورية والعراق وذلك من خلال بث أشرطة مصورة وبيانات وصور تهدف إلى نشر الرعب في نفوس سكان المناطق التي يخطط لمهاجمتها قبل أن يتحرك باتجاهها عسكريا.

وتمكن التنظيم من النجاح في ذلك بادئ الأمر واستطاع من خلال هذه الماكينة احتلال مساحات واسعة من الأراضي في سورية والعراق، خاصة أنه استغل عدم وجود حرب فكرية ضده لتنفيذ أهدافه.

لكن وبعد مرور نحو عامين من ظهوره تمكنت مجموعات من الشباب المدونين والمهتمين بمحاربة الإرهاب فكريا في العراق من خلال مبادرات مختلفة من إيقاف ماكينة التنظيم الإعلامية وشن هجمات منظمة عليها أسفرت عن تدمير نسبة كبيرة منها.

وتزامنت هذه الهجمات الفكرية بهجمات عسكرية من قبل قوات التحالف الدولي والقوات الأمنية العراقية ومن ضمنها قوات البيشمركة والحشد الشعبي أدت إلى إضعاف إعلام داعش والكشف عن قوته الزائفة على الأرض التي كان يخيف بها مناوئيه.

وشهدت الحملات والهاشتاغات التي أطلقها تحسين الزركاني من خلال صفحته الشخصية على تويتر تفاعل عدد كبير من الصحافيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان ليس في العراق وحسب بل أيضاً في دول عربية وأجنبية.

الأكثر تفاعلا

ويشير الزركاني الذي يعمل عضوا في مجلس أمناء الشبكة العراقية للاعلام المجتمعي "insm" (أول شبكة تعنى بالمدونين في العراق) إلى أكثر هاشتاغاته تفاعلا، قائلا "كثيرة هي اللحظات والمواقف البارزة ومنها ما حققناه من تفاعل في حملة #الشهيدة_اشواق_النعيمي (المعلمة التي أعدمها داعش في الموصل لرفضها تدريس مناهجه الإرهابية)، وردود الأفعال المحلية والأجنبية التي تفاعلت مع هذا الهاشتاغ، وحملة #جيشنا_عزنا، وحملات تحرير محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار والفلوجة والموصل، وتفاعلنا مع الحملة التي أطلقها مرصد الحريات الصحافية #كونوا_بخير، والأثر الذي حققته بمشاركة صحافيين عرب وأجانب مع الصحافيين العراقيين المشاركين بتغطية المعارك في المناطق المحتلة".

إصرار على المواجهة

ويُعرب الزركاني عن إصراره على مواصلة الحملة ضد تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الاخرى، مؤكدا "حملتنا مستمرة وبعدة مراحل حتى بعد النصر على داعش والخلاص منه بتحرير جميع الأراضي العراقية وجميع البلدان، سنستمر بها لنحارب الفكر بالفكر ونفضح زيف ادعاء داعش وتطرفه واستباحته لدماء الناس ورغبته الدموية في القتل".

الطريق الذي يسلكه تحسين الزركاني ورفاقه من المدونين والصحافيين الذين أخذوا على عاتقهم محاربة داعش بالفكر محفوف بالمخاطر والتهديدات التي يطلقها إرهابيو التنظيم والمتعاطفون معه.

وفي هذا السياق يروي الزركاني ما يواجهه من تهديدات يومية مشيرا إلى تعرضه للكثير من رسائل التهديد التي تصل حسابه على فيسبوك أو تويتر، "لكنني أتعامل معها على أساس أنها حافز قوة لقياس مستوى التأثير وكنت أوصي باقي الشباب بأن يكثفوا جهودهم في محاربة التنظيم كلما تلقينا واحدة من هذه الرسائل".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.