أربيل - بقلم متين أمين:
تخشى سمية أحمد (17 عاما) النازحة من الموصل أن تعود إلى مدينتها فتواجه نفس ما واجهته من خوف ورعب خلال الأشهر الماضية. فبعد أن تطلقت من زوجها في محكمة من محاكم التنظيم (التي يُطلق عليها التنظيم إسم المحكمة الشرعية) في الموصل قبل انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المدينة بنحو شهر واحد، حاول مسؤولون في محكمة التنظيم أن يزوجوها من مسلحيهم لكن والدتها سارعت إلى إخفائها خوفا من تزويجها بالقوة.
سمية تعتبر نفسها محظوظة لأنها لم تظل مختبئة كثيرا فالقوات العراقية بدأت، في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016، عمليات "قادمون يا نينوى" لتحرير الموصل من داعش.
وتقول الفتاة لموقع (إرفع صوتك) "اختبأت في المنزل لأن مسلحي التنظيم طالبوا أمي أن تزوجني إياهم، لكن لم يمض سوى شهر وحررت القوات الأمنية منطقتنا، فتحررت أنا أيضا ونجوت".
تعيش سمية وطفلها أحمد مع والدتها في خيمة واحدة في مخيم حسن شام شرق الموصل بعد هروبهم منذ أقل من شهرين من القصف العشوائي للتنظيم الذي كان يستهدف حي الزهراء الذي كانت تسكنه سمية وأهلها في الجانب الأيسر من الموصل.
قوانين داعش
منذ احتلال التنظيم لمدينة الموصل، في حزيران/يونيو من عام 2014، فرض العديد من القوانين التي قيدت حرية المرأة، منها ارتداء الخمار والغطاء الثالث ومنع إظهار أي جزء من جسد المراة وحرمهن التنظيم من التعليم والعمل.
أما بالنسبة للتسوق فقوانين داعش منعت المرأة من الخروج إلى خارج المنزل من دون أن يرافقها رجل من ذويها، فظلت النساء والفتيات الموصليات في البيوت خوفا من التعرض لعقوبات التنظيم وللتحرش من قبل مسلحيه فأصبن بحالات من الكآبة. أما النساء اللاتي كن يخالفن تعليمات داعش وقوانينه، فتعرض للعض والجلد والرجم والسجن والغرامة من قبل نساء الحسبة (الشرطة النسوية للتنظيم) وجلد أزواجهن وسجنهم وعقوبات أخرى فرضها التنظيم.
ليث أديب شاب من الموصل روى لموقع (إرفع صوتك) كيف رجم مسلحو التنظيم إمرأة موصلية بعد أن جمعوا الأهالي في منطقة قريبة من سوق المدينة. يقول إن سيارتين من نوع بيك آب توقفا ونزل منهما نحو سبعة مسلحين من مسلحي التنظيم كان من بينهم عرب وأجانب إضافة إلى مسؤولهم الذي كان عراقي الجنسية. وكان برفقتهم امرأة، ومن ثم أتوا بسيارة حمل تحمل كمية من الأحجار، وتحدث العراقي عبر مكبر الصوت عن هذه المرأة من دون أن يذكر اسمها وقال إنها متهمة بالزنى ويجب أن ترجم.
ويمضي ليث بالقول "دفع إثنان من المسلحين المرأة فوقعت على الأرض وبدأوا جميعهم برجمها بالحجارة لكنها تمكنت من الهرب، فأمسكوا بها وأعادوها إلى نفس المكان وراحوا يرجمونها مرة أخرى إلا أنها نجت وهربت مرة أخرى بعد إصابتها بجروح بليغة. لكنهم طاردوها بالسيارة وأتوا بها وبدأوا يرجمونها من جديد".
ويشير إلى أن المرأة لم تفارق الحياة بعد كل هذا الضرب، لذا اتصل عناصر داعش بالقاضي الذي حضر وكانت الدماء تسيل من جسم تلك المرأة، فحكم عليها بالموت وأمرهم بضرب رأسها بحجارة كبيرة حملها ثلاثة من المسلحين. "عندها قُتلت تلك المسكينة".
ذاكرة الموصلين
ذاكرة الموصلين سجلت الكثير من المشاهد والأحداث المروعة، فتنظيم داعش يبتكر بين الحين والآخر وسائل جديدة لتعذيب المناوئين له والذين يخالفونه. وتعد العضاضة الحديدية التي استخدمها التنظيم لتعذيب النساء وبحسب شهادات الموصليات الأخطر من بين وسائل تعذيب التنظيم حيث وصفن هذه الأداة بأنها ذات أسنان حادة تشبه مصيدة الحيوانات تترك آثار مخيفة على الجسم وألما كبيرا.
وتروي المواطنة النازحة من الموصل أم طَي لموقع (إرفع صوتك) قصة صديقتها التي تعرضت للتعذيب بالعضاضة من قبل شرطة داعش في الموصل. وتقول إن قوة من الحسبة النسائية في تنظيم داعش اعتقلت إحدى صديقاتها لأنها لم تلبس الجوارب أثناء خروجها من المنزل برفقة زوجها، فسجنوها مع عدد كبير من النساء الأخريات في سجن تابع للتنظيم في الموصل.
وتردف أم طَي بالقول "عناصر الحسبة النسائية عذبوها بالعضاضة الحديدية حيث ضغطوها على لحم أسفل ذراعها من جهة الإبط ضغطا قويا بحيث اقتطعوا جزءا من لحم ذراعها فأغمي عليها، ومن ثم سلموها لزوجها الذي نقلها إلى المستشفى الجمهوري للعلاج، وظلت تعاني من آثار العضاضة وألمها حتى وقت قريب من الآن".
وتحتل النساء النازحات من الموصل نسبة 51 في المئة من عدد النازحين في مخيمات حسن شام الأول والثاني والخازر وديبكة الواقعة شرق وجنوب شرق الموصل. وتحتاج النساء النازحات من الموصل مع انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المدينة إلى إعادة تاهيل وعلاج نفسي للتخلص مما الحالات النفسية التي يعانين منها.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659