أطفال عراقيون من الفلوجة يعانون من ويلات الحرب والنزوح/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال عراقيون من الفلوجة يعانون من ويلات الحرب والنزوح/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

لم تمنع الظروف الصعبة التي يعشيها المقيمون في مخيمات النزوح والتي تفتقر لأدنى مستلزمات الحياة الكريمة، من استمرار كثير من الأزواج في الإنجاب، وهو ما أكدته وزارة الصحة العراقية التي أشارت إلى صعوبة تحديد أعداد دقيقة لتلك الحالات.

ويقول المتحدث باسم وزارة الصحة أحمد الرديني لموقع (إرفع صوتك) "نحن كوزارة وفرنا سيارات الإسعاف والفرق الميدانية للتعامل مع حالات الولادة بالسرعة الممكنة"، موضحا "لا توجد احصائيات دقيقة لتلك الحالات بسبب أن عدد النازحين غير ثابت، كما أن أماكن تواجدهم متغيرة باستمرار".

ويتابع الرديني أنه "أحيانا يحصل الحمل خارج المخيم، لكن بسبب الظروف المفاجئة التي تواجه المرأة الحامل تضطر للولادة داخل المخيم، وفي أحيان أخرى يجري الحمل والولادة داخل المخيمات".

مفارقات داخل المخيمات

وعلى أرض الواقع يروي الناشط علي أغا (33 عاما) وهو متطوع في منظمة غوث "صادفتنا الكثير من حالات الحمل والولادة خلال حملات توزيع المساعدات في مخيمات النازحين"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الكوادر الطبية العاملة ضمن منظمة غوث تحاول باستمرار توعية النساء الحوامل وحث الرجال على تأجيل موضوعة الإنجاب بسبب الظروف الصعبة، لكن الثقافة القبلية السائدة تحول دون ذلك".

ويتابع أغا "صادفتنا حالات تطلب فيها نساء نازحات من كادرنا الطبي حبوب مانع الحمل، وأخرى تريد مبيض للبشرة، ورجل يبحث عن شامبو يزيل الشيب".

وتزداد المفارقات في تلك المخيمات مع استمرار حديث الناشط أغا الذي يكشف عن شكاوى كثيرة تتعلق بحالات تحرش خصوصا وأن النساء يشكلن غالبية النازحين، فيقول هناك حالة طريفة يمثلها رجل متزوج من امرأتين ويعيشون جميعا في خيمة واحدة. عندما وزعنا لهم دشاديش اشتكت إحدى الزوجتين لماذا دشداشة ضرتي أحلى من دشداشتي!".

الحل بالتثقيف

أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد فوزية العطية تؤكد بدورها أن "سلوك الإنسان من وجهة نظر علم النفس يتشكل من خلال التفاعل بين المكونات النفسية والثقافية، فعندما يكون الإنسان في حالة استقرار نفسي واحتياجاته المادية والمعنوية مشبعة ويشعر بالأمان سيتمكن من توجيه سلوكه"، موضحة في حديث لموقع (إرفع صوتك) "عندما يكون الإنسان في حالة انفعال أو يعيش حالة رعب واشمئزاز تزول مؤثرات الثقافة ويكون سلوكه أقرب لإشباع الغريزة ولا يفكر إذا جاء طفل كيف سيسد حاجاته لحياة طبيعية".

وتتابع العطية أن غالبية النازحين من الشباب، ولا يمكن منعهم من كل شيء، لكن يمكن مد يد المساعدة لهم، فبعضهم لا يملكون الاحتياطات التي تمكنهم من السيطرة على منع الحمل، موضحة "نحن بحاجة ماسة في الوقت الحاضر إلى إيجاد سبل تمكنهم من السيطرة على حالات الإنجاب".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.