نازحات عراقيات/وكالة الصحافة الفرنسية
نازحات عراقيات/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

المكوث في مخيم التكية الكسنزانية على أطراف العاصمة بغداد يشعر الفتيات والنساء بالضجر، فيلجأن إلى التجوال مشياً على الأقدام في أركانه لساعات على شكل مجموعات عدة وهن يرتدين " الجلابيات" الملونة والطويلة وقد أخذن يتبادلن أطراف الحديث ويضحكن.

تقول سوسن ياسين، 20 عاماً، لموقع (إرفع صوتك) "التجوال هو ملاذنا الوحيد لقضاء الوقت. نشعر بالملل ولا نستطيع البقاء لفترات طويلة في خيمة صغيرة لا تحوي الكثير من الأشياء".

طريقة للترفيه

تنظر إلى المخيم الذي انتقلت إليه مع عائلتها المتكونة من خمسة أفراد ومن ضمنهم أبويها من محافظة صلاح الدين عام 2014، موضحة أن التجوال "أفضل طريقة للترفيه عن النساء والفتيات. على الأقل نمضي وقتاً أكبر في التعرف على بعضنا، وأيضا للتعافي من الصعوبات والأوقات العصيبة التي مرت علينا في السابق".

وتشير إلى أن المخاطر التي واجهوها خلال رحلة النزوح كانت كبيرة. "لذا يجب أن نشعر بقيمة حياتنا بعد النجاة من بطش داعش. أشعر بالراحة لأن حياتي الآن ممتلئة بالمغامرة"، حسب الفتاة.

لا يجوز خروج المرأة

وتمتنع بعض النسوة عن الخروج من خيامهن وملاقاة غيرهن، وهن يؤكدن أن أزواجهن يرفضون ذلك.

وتبدو سناء طالب، 23 عاماً، حزينة للغاية، حيث أن زوجها لا يسمح لها بالجلوس مع نساء المخيم. وتحلم بأن تكون معهن وتقضي أوقاتها مثلهن. تقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنه "يجبرني على البقاء داخل الخيمة على أساس ديني. إذ يعتقد أنه لا يجوز خروج المرأة. فهو غير مشروع".

وتضيف سناء وهي نازحة مع زوجها وبناتها الثلاث من محافظة صلاح الدين عام 2014، أنها لا تستطيع الخروج إلا إذا كانت بصحبته.

وتشير إلى أن الظروف الصعبة لم تغير من طبيعة زوجها، مشددة "ما زال يفكر حتى الآن بذات الطريقة التي كانت لديه قبل النزوح". 

تغطي ملامحها بوشاح

ولم يتراجع اهتمام الفتيات والنساء بهندامهن ولا بأناقتهن، فما زلن ينشغلن بالاعتناء بملابسهن البسيطة ويستخدمن الكحل ومواد التجميل، رغم أن أغلبهن لا يكشفن عن وجوههن ولا يظهرن من ملامحهن غير العيون. تقول النازحة أمل عماد، 22 عاماً، "أغطي وجهي كتقليد كان سائداً في مجتمعنا عندما كنا هناك في محافظة صلاح الدين".

بينما تقول ابتسام رشيد وهي في الــ17 عاماً من عمرها، تغطي ملامحها بوشاح أحمر اللون يتناسب مع "جلابيتها الحمراء" ومعطفها الأسود وتظهر عيونها التي زينتها بكحل أسود بشكل ملفت للنظر، إنها تغطي وجهها حتى لا تتأثر بشرته بقسوة الطقس.

وتضيف ابتسام التي نزحت في العام 2014 بصحبة عائلتها المتكونة من والدتها وأخواتها الخمسة من محافظة صلاح الدين أيضاً "نحن نتعرض بصورة مباشرة لحرارة أو برودة الطقس في المخيم. وهو ما يؤثر على بشرتنا. لذا اتعمد ألا أكشف وجهي عند الخروج من الخيمة".

تزيين النساء

قد لا تعثر في المخيم على ما هو موجود خارجه من محال للتسوق توفر الاحتياجات الأساسية والخاصة للنساء والفتيات. لكنك قد تفاجئ بوجود امرأة أو اثنتين يعملن على تزيين النساء والاعتناء بهن مقابل أجور متدنية داخل الخيام المتواضعة. تقول سعاد صالح ، 35 عاماً، إنها تزاول مهنتها السابقة قبل النزوح من محافظة صلاح الدين ايضاً. فقد كانت مخصصة في بيتها غرفة لاستقبال النساء اللواتي يرغبن بتصفيف وقص شعرهن وتنظيف بشرتهن. أما الآن وبعد أن تم منحها خيمتين، فقد خصصت الثانية لاستقبالهن رغم ضيق حجمها.

وتضيف سعاد، وهي متزوجة ولديها ابنتان صغيرتان، في حديثها لموقع (إرفع صوتك) أن "زبائنها من نساء المخيم كثيرات. فخيمتها هذه لا تخلو منهن. إذ يأتين إليها لقضاء أوقات مسلية ومفيدة".

وتشير إلى أن النزوح والعيش في مخيم لم يبعد النساء عن مسألة التجميل. لأن هذا الأمر يشعرهن بالراحة.

​يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.