بقلم إلسي مِلكونيان:
"النزوح بحد ذاته أمر صعب. لكن أن تضطر للنزوح على كرسي متحرك وأن تجبر على قطع مسافات لتنقذ حياتك أمر أشد صعوبة ومشقة". بهذه العبارات تحكي فائزة كامل (24 عاماً) لموقع (إرفع صوتك) عن الظروف التي اضطرتها للسفر إلى محافظة بابل (جنوب بغداد)، مكان إقامتها الحالي منذ عامين.
وتحكي الشابة العراقية المقعدة أنها اضطرت وعائلتها للخروج من بلدة تلعفر (شمال غرب العراق) هرباً من فظائع داعش، في رحلة شاقة لم ترافقهم فيها سوى ملابسهم. وبعد وصولها بابل، حظيت فائزة بمساعدة من "مركز الميزان لدعم حكم القانون" الذي منحها كرسياً جديداً لمواصلة حياتها.
تتابع فائزة "أشعر بتحسن هنا. وبعد حصولي على الكرسي ودعم مالي بسيط، أقوم بالبحث عن فرصة عمل ملائمة لتساعدني في حياتي الجديدة".
ولا تقتصر مساعدة "مركز ميزان" على إغاثة فائزة وغيرها من ذوي الاحتياجات الخاصة مالياً، وإنما تركز على تقديم المساعدة القانونية لهم ليتمكنوا من مواصلة حياتهم في أماكن النزوح الجديدة.
ماذا عن مركز ميزان؟
ويتمركز أغلب النازحين في المحافظة في مجمع "كص سويلم" جنوب مدينة الحلة. ويقوم مركز ميزان وهو مركز مدني عراقي غير حكومي، بالتواصل معهم في هذا المجمع لمساعدتهم قانونياً حسب توضيح مدير المركز حازم صافي، لموقع (إرفع صوتك). ويشرف على إدارة المركز تسعة أفراد، (ثمانية منهم من ذوي الإعاقة) إلى جانب 456 متطوعاً للمساعدة بالنشاطات.
تشكل المركز منذ عام 2006. وكثف العاملون في المركز الجهود استجابةً لموجات نزوح الناس الهاربين من داعش على مدى العامين الماضيين. "ونساعد الآن 6400 شخص منهم حوالي 5000 فتاة وسيدة ومن مختلف الأعمار مع التركيز على الاحتياجات الخاصة. ونسعى في الفترة القادمة لمساعدة 4000 شخص آخرين"، حسب قول حازم.
ويشرح حازم أن المركز يقدم المساعدة القانونية للنازحين على الشكل التالي:
1 -مساعدة النازحين لاستصدر أوراق رسمية، إذ وصل العديد منهم إلى بابل دون أوراقهم الثبوتية بسبب مغادرتهم لمنازلهم بشكل مفاجئ، كما في حالة فائزة.
2- مخاطبة الدوائر لتخفيض الرسوم المطلوبة لاستصدار هذه الأوراق.
3- تقديم الاستشارات القانونية المجانية للنازحين غير القادرين على دفع أجور المحامين.
3- توفير معدات الإعاقة من كراسي وعكازات وأدوات أخرى تساعدهم على الحركة.
4- تزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها لمواصلة حياتهم، كتعريفهم بالمدارس وأماكن تواجدها والمراكز الصحية والمستشفيات.
وإلى جانب ذلك، يقوم المركز بإجراء استبيانات لحصر احتياجات النازحين. كما يعمل على الدفاع عن حقوق النساء المطلقات أيضاً وسط مجموعة من التحديات.
يقول حازم "تواجهنا تحديات كبيرة ومنها عدم وجود تمويل كافٍ. فالنازحون يحتاجون إلى مواد إغاثية ويشعر العديد منهم بالبطالة، وصعوبة الاندماج بالمحيط الجديد وخاصة النساء، إلى جانب وجود أطفال متسربين من المدرسة".
الحكومة وتكاليف إغاثة النازحين
من جهته، يشرح مدير دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة بابل، نصر عبد الجبار عبود لموقع (إرفع صوتك)أن الحكومة المحلية بذلت جهودها لاحتواء الأزمة "فقد تساهلت وزارة التربية مع الطلاب النازحين الذين لا يملكون وثائق رسمية وقبلتهم في المدارس ونقلت الموظفين الحكوميين النازحين من المحافظة إلى وظائف أخرى ضمن القطاع الحكومي".
ولكن مع ارتفاع تكاليف إغاثة النازحين من خدمات صحية وتعليمية وغيرها والتي تفوق قدرة المحافظة على الاستجابة لها، عمد المسؤولون إلى أساليب أخرى لحل المشكلة.
يقول نصر "نتعاون مع مركز ميزان لمساعدة النازحين قانونياً. كما أننا نتعاون ونعول كثيراً على منظمات دولية ومحلية أخرى لمساعدة أكبر قدر من النازحين لأن الحكومة المحلية قد تعجز عن مساعدة الجميع. وقد وضعت هذه المنظمات خططاً متنوعة للعناية بهم، غالبيتها تركز على النساء النازحات، بهدف تمكينهم وإيجاد فرص عمل تلائم قدراتهم".
وقد لا يمكن تقدير احتياجات النازحين المستقبلية، لكن نصر يؤكد استعداد دائرة الهجرة والمهجرين لتقديم الدعم اللوجستي من معلومات وبيانات حول اللاجئين لجميع منظمات المجتمع المدني الراغبة لمساعدة أكبر قدر ممكن من النازحين، من رجال ونساء.
واستقبلت محافظة بابل أعداداً كبيرة من النازحين، وصل عددهم في المحافظة إلى 47 ألف شخص حسب جداول تتبع النزوح، الصادرة عن منظمة الهجرة الدولية في العراق لشهر كانون الأول/ديسمبر 2016. ويأتي غالبيهم من محافظة نينوى، وهناك البعض من الأنبار وصلاح الدين إلى جانب نازحين من بابل نفسها، إذ تعرضت مناطق منها كجرف الصخر (النصر) شمال المحافظة، إلى سيطرة داعش سنة 2014، فنزح سكانها إلى مناطق أكثر أمانا.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659