صورة تعبيرية/Shutterstock
أن تضطر للنزوح على كرسي متحرك لتنقذ حياتك أمر أشد صعوبة ومشقة/Shutterstock

بقلم إلسي مِلكونيان:

"النزوح بحد ذاته أمر صعب. لكن أن تضطر للنزوح على كرسي متحرك وأن تجبر على قطع مسافات لتنقذ حياتك أمر أشد صعوبة ومشقة". بهذه العبارات تحكي فائزة كامل (24 عاماً) لموقع (إرفع صوتك) عن الظروف التي اضطرتها للسفر إلى محافظة بابل (جنوب بغداد)، مكان إقامتها الحالي منذ عامين.

وتحكي الشابة العراقية المقعدة أنها اضطرت وعائلتها للخروج من بلدة تلعفر (شمال غرب العراق) هرباً من فظائع داعش، في رحلة شاقة لم ترافقهم فيها سوى ملابسهم. وبعد وصولها بابل، حظيت فائزة بمساعدة من "مركز الميزان لدعم حكم القانون" الذي منحها كرسياً جديداً لمواصلة حياتها.

تتابع فائزة "أشعر بتحسن هنا. وبعد حصولي على الكرسي ودعم مالي بسيط، أقوم بالبحث عن فرصة عمل ملائمة لتساعدني في حياتي الجديدة".

ولا تقتصر مساعدة "مركز ميزان" على إغاثة فائزة وغيرها من ذوي الاحتياجات الخاصة مالياً، وإنما تركز على تقديم المساعدة القانونية لهم ليتمكنوا من مواصلة حياتهم في أماكن النزوح الجديدة.

ماذا عن مركز ميزان؟

ويتمركز أغلب النازحين في المحافظة في مجمع "كص سويلم" جنوب مدينة الحلة. ويقوم مركز ميزان وهو مركز مدني عراقي غير حكومي، بالتواصل معهم في هذا المجمع لمساعدتهم قانونياً حسب توضيح مدير المركز حازم صافي، لموقع (إرفع صوتك). ويشرف على إدارة المركز تسعة أفراد، (ثمانية منهم من ذوي الإعاقة) إلى جانب 456 متطوعاً للمساعدة بالنشاطات.

تشكل المركز منذ عام 2006. وكثف العاملون في المركز الجهود استجابةً لموجات نزوح الناس الهاربين من داعش على مدى العامين الماضيين. "ونساعد الآن 6400 شخص منهم حوالي 5000 فتاة وسيدة ومن مختلف الأعمار مع التركيز على الاحتياجات الخاصة. ونسعى في الفترة القادمة لمساعدة 4000 شخص آخرين"، حسب قول حازم. 

ويشرح حازم أن المركز يقدم المساعدة القانونية للنازحين على الشكل التالي:

1 -مساعدة النازحين لاستصدر أوراق رسمية، إذ وصل العديد منهم إلى بابل دون أوراقهم الثبوتية بسبب مغادرتهم لمنازلهم بشكل مفاجئ، كما في حالة فائزة.   

2- مخاطبة الدوائر لتخفيض الرسوم المطلوبة لاستصدار هذه الأوراق.

3- تقديم الاستشارات القانونية المجانية للنازحين غير القادرين على دفع أجور المحامين.

3- توفير معدات الإعاقة من كراسي وعكازات وأدوات أخرى تساعدهم على الحركة.

4- تزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها لمواصلة حياتهم، كتعريفهم بالمدارس وأماكن تواجدها والمراكز الصحية والمستشفيات. 

وإلى جانب ذلك، يقوم المركز بإجراء استبيانات لحصر احتياجات النازحين. كما يعمل على الدفاع عن حقوق النساء المطلقات أيضاً وسط مجموعة من التحديات.

يقول حازم "تواجهنا تحديات كبيرة ومنها عدم وجود تمويل كافٍ. فالنازحون يحتاجون إلى مواد إغاثية ويشعر العديد منهم بالبطالة، وصعوبة الاندماج بالمحيط الجديد وخاصة النساء، إلى جانب وجود أطفال متسربين من المدرسة".

الحكومة وتكاليف إغاثة النازحين

من جهته، يشرح مدير دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة بابل، نصر عبد الجبار عبود لموقع (إرفع صوتك)أن الحكومة المحلية بذلت جهودها لاحتواء الأزمة "فقد تساهلت وزارة التربية مع الطلاب النازحين الذين لا يملكون وثائق رسمية وقبلتهم في المدارس ونقلت الموظفين الحكوميين النازحين من المحافظة إلى وظائف أخرى ضمن القطاع الحكومي".

ولكن مع ارتفاع تكاليف إغاثة النازحين من خدمات صحية وتعليمية وغيرها والتي تفوق قدرة المحافظة على الاستجابة لها، عمد المسؤولون إلى أساليب أخرى لحل المشكلة.

يقول نصر "نتعاون مع مركز ميزان لمساعدة النازحين قانونياً. كما أننا نتعاون ونعول كثيراً على منظمات دولية ومحلية أخرى لمساعدة أكبر قدر من النازحين لأن الحكومة المحلية قد تعجز عن مساعدة الجميع. وقد وضعت هذه المنظمات خططاً متنوعة للعناية بهم، غالبيتها تركز على النساء النازحات، بهدف تمكينهم وإيجاد فرص عمل تلائم قدراتهم".

وقد لا يمكن تقدير احتياجات النازحين المستقبلية، لكن نصر يؤكد استعداد دائرة الهجرة والمهجرين لتقديم الدعم اللوجستي من معلومات وبيانات حول اللاجئين لجميع منظمات المجتمع المدني الراغبة لمساعدة أكبر قدر ممكن من النازحين، من رجال ونساء.

واستقبلت محافظة بابل أعداداً كبيرة من النازحين، وصل عددهم في المحافظة إلى 47 ألف شخص حسب جداول تتبع النزوح، الصادرة عن منظمة الهجرة الدولية في العراق لشهر كانون الأول/ديسمبر 2016. ويأتي غالبيهم من محافظة نينوى، وهناك البعض من الأنبار وصلاح الدين إلى جانب نازحين من بابل نفسها، إذ تعرضت مناطق منها كجرف الصخر (النصر) شمال المحافظة، إلى سيطرة داعش سنة 2014، فنزح سكانها إلى مناطق أكثر أمانا.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.