مخيم الخازر (3) شرق الموصل يتالف المخيم من 1000 خيمة/إرفع صوتك
مخيم الخازر (3) شرق الموصل يتالف المخيم من 1000 خيمة/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

فور وصولها إلى مخيم الخازر الثالث، سجلت وزيرة محمود (50 عاما) المعلمة التي خدمت 35 عاما في المجال التربوي، مباشرتها لدى اللجان التابعة لتربية محافظة نينوى المتواجدة في مخيمات النازحين. فقد اضطرت هذه المعلمة كغالبية الكوادر التدريسية والموظفين الموصليين إلى ترك الوظيفة الحكومية بعد احتلال مدينتهم من قبل تنظيم داعش في حزيران/يونيو من عام 2014.

تحمل وزيرة في ذاكرتها الكثر من الأحداث المأساوية التي عاشتها هي وباقي أقرانها من المعلمين وسكان الموصل خاصة النساء في ظل سيطرة التنظيم على مدينتهم لأكثر من عامين ونصف. وتقول وزيرة لموقع (إرفع صوتك) إن التنظيم وبعد سيطرته على الموصل "أجبرنا على العمل في المدارس بالقوة وهددنا بالقتل".

هذه المعلمة لم تعمل في المدارس التي سيطر عليها التنظيم أكثر من شهر واحد. وتركت العمل هي والكثيرين من الكادر التدريسي، وتروي كيف كان التنظيم يوزع الرواتب على المعلمين والموظفين في المدينة. وتوضح "نهاية الشهر وزعوا علينا الرواتب لكل شخص مبلغ 75 ألف دينار عراقي أي نحو (65 دولارا أميركيا) أو استلام أجهزة كهربائية منزلية غنمها المسلحون خلال المعارك، فقرر غالبيتنا ألا نستلم الرواتب وألا نعود إلى العمل".

مدراس الموصل

المدارس في الموصل خلال العامين الماضيين أصبحت خالية من التلاميذ والطلبة، على حد وصف السيدة، ما عدا أبناء الدواعش وأقربائهم الذين كانوا يدرسون مناهج التنظيم. "أما الهيئة التدريسية فبعد أن رفضنا العمل رشح التنظيم عبر القرعة أسماء خمسة معلمين ومعلمات بشكل إجباري في كل مدرسة من مدارس الموصل لمساعدة الدواعش في إدارة هذه المدارس"، مبينة أن التنظيم أتى بمعلمين ومدرسين تابعين له لتدريس مناهجه.

التنظيم كان يجمع رواتب الموظفين والمعلمين من سكان الموصل وأسواقها بالقوة، وكانت هذه الرواتب من فئة 250 دينار عراقي وغالبيتها كانت تالفة لا يمكن لمن يستلمها أن يتعامل بها في السوق. وتشير وزيرة إلى أن المعلمين الذين أُختيروا بقرعة التنظيم كانوا يبكون بسبب إجبارهم على العمل تحت سلطة داعش لكن دون جدوى فالمخالف كان يتعرض لقطع الرأس.

الكثير من المعلمين والمدرسين من الذين امتنعوا عن تدريس مناهج التنظيم وعارضوها أعدمهم مسلحو داعش ورمى بجثثهم في طرقات الموصل. المعلمة وزيرة شهدت الكثير من الجرائم التي نفذها التنظيم بزملائها، وتمضي بالقول "التنظيم اعتقل مشرفتين تربويتين وبعد فترة رموا بجثتيهما في الشارع لأنهما كانتا مرشحتين في انتخابات مجلس المحافظة التي سبقت سيطرة التنظيم على المدينة".

وتذكر أيضا قصة معلمة في حي الزهور (الجانب الأيسر من الموصل) امتنعت عن تدريس مناهج التنظيم وبعد التحقيق معها من قبل (أمنية) داعش، أعدمها التنظيم ذبحا في منزلها أمام عائلتها.

وتستمر هذه المعلمة الموصلية في حديثها عن الجرائم التي اقترفها التنظيم ضد المعلمين خاصة النساء في الموصل ومن بينها، قصة معلمة أخرى من الموصل إتهمت بالزنا هي ومعلم من مدرستها، رغم أن الجميع يعلم أنه ليس سوى زميل عمل، فساقهما التنظيم إلى وسط سوق المدينة ووضعهما وسط دائرة من الحجارة. وبدأ قاضي التنظيم بقراءة التهمة ومن ثم بدأ مسلحو داعش والتابعين لهم برجمهم بقطع كبيرة من الحجارة حتى فارقا الحياة. وتردف بالقول "الكثير من زميلاتنا قتلوا على يد داعش ونجونا نحن بأعجوبة".

وتختم وزيرة حديثها لنا بالحالة الصعبة التي عاشوها في حي الوحدة التي حررتها قوات مكافحة الإرهاب العراقية مؤخرا. وتقول إن التنظيم قصف منازلهم بقذائف الهاون المحلية الصنع بكثافة. "كنا لا نستطيع أن نخرج منها لأن قناصته كانوا يستهدفوننا، وأبلغنا أنه يقصفنا لأننا منافقين والسبب عدم مغادرتنا مع التنظيم وانتظارنا مجيء القوات الأمنية".

وتنتظر هذه المعلمة الموصلية العودة إلى العمل في وقت ترى أن عملية إعادة الاستقرار لمدينتها قد تستغرق وقتا طويلا. وتختم حديثها لنا بالقول "أتمنى ذلك اليوم الذي أعود فيه إلى مدرستي وأخدم مدينتي وأستلم الراتب، وأن يعود الاستقرار إلى الموصل مرة أخرى، لكن لا أتصور أن يحدث كل هذا في وقت قصير، لأن الموصل تحتاج إلى الكثير كي تعود مستقرة".

​يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.