نازحة عراقية داخل خيمتها في مخيم الغزالية/وكالة الصحافة الفرنسية
نازحة عراقية داخل خيمتها في مخيم الغزالية/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

تنظر أم حيدر، 54 عاماً، إلى محدثتها بعينين فيهما الكثير من الإصرار والتحدي. تعيش السيدة في مخيم التكية الكسنزانية جنوب بغداد. وكانت قد انتقلت مع ابنها الذي لم يتجاوز الـ13 عاماً من عمره من محافظة صلاح الدين إلى العاصمة بغداد في نهاية العام 2014.

تنظيف البيوت

"سأكون أكثر إصراراً على الاستمرار في تحدي قسوة العيش في المخيم"، تقول لموقع (إرفع صوتك).  

وتتابع "أدركت أنه يجب أن لا أعتمد على المساعدات والتبرعات التي تقدم لنا، لأنه قد يأتي اليوم الذي تنقطع فيه. لذا كان عليّ التحرك والاعتماد على نفسي... أنا بحاجة للاستمرار رغم كل شيء".

وكوسيلة لتوفير بعض قوت يومها تتفق أم حيدر مع بعض الذين يزورون المخيم لتقديم المساعدات للعمل في تنظيف البيوت. "بعضهم يتصل ويطلب مني العمل مقابل أجر يومي".

وتشير إلى أن الذين يحتاجون لخدماتها غالبا ما يفضلون أن تقدمها عند الحاجة كأن تكون لديهم مناسبة ما أو البقاء بالقرب من أطفالهم للاهتمام بهم في حال عدم قدرتهم لظرف ما.

"أحياناً، أشعر بالانزعاج لأن عملي يكون وفق الأجور اليومية المتقطعة وليس براتب شهري ثابت".

لا تشعر بالغربة

تتفاوت حياة النازحات العراقيات بحسب ظروفهن الاجتماعية. لكن الكثيرات منهن وجدن أن حياتهن انقلبت رأسا على عقب بسبب الأحداث الدائرة في بلادهن والتي أجبرتهن على ترك منازلهن. 

خديجة ابراهيم، 51 عاماً، لديها ثلاث بنات كلهن متزوجات، لكن أصغرهن تعيش معها في مخيم الغزالية في بغداد بعد انفصالها عن زوجها. تقول إن زوجها تزوج من امرأة أخرى بعدما فقدت ابنها الذي كان قد أصيب بمرض السرطان عام 2008.

وتضيف "لا أملك خيار السكن بعيداً عن المخيم، إذ لا معيل لي في هذه الظروف، لذا أعتمد على المساعدات والتبرعات التي كلما زادت عن حاجتنا ألجأ لبيعها خارج المخيم لكي أوفر بعض المال".

وتشير خديجة التي نزحت من مدينة الرمادي إلى أنّها تفضل البقاء في المخيم على العودة إلى مدينتها. "لا بيت يؤوينا ولا عمل يدر علينا بالمال".

"رغم محنتنا في النزوح إلا أنني لا أشعر بالغربة، لأن الكثير من الناس لا تتردد في تقديم المساعدات لنا"، تقول خديجة.

التكاثف الكبير

وترى وداد قحطان، 51 عاماً، أنّ الحياة محطات، لذا عليها اجتيازها بصبر للوصول. "سينتهي هذا الحال. وسيتغير كل شيء".

وداد التي نزحت في نهاية العام 2014 من الرمادي برفقة زوجها المعاق وبناتها الأربع بعد سيطرة داعش مروراً بمدينة كركوك والمكوث فيها قرابة الستة أشهر، ووصولا إلى العاصمة بغداد والاستقرار في مخيم الغزالية ببغداد، تقول "لقد واجهنا معاناة كبيرة، لكن الذي هون علينا هو التكاثف الكبير بين الناس استعداداً لمساعدتنا".

وتضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "لقد دمرت منازلنا على يد داعش، وضاع كل شيء له علاقة بحياتنا وذكرياتنا قبل سيطرة هذا التنظيم الإرهابي". 

وتشير إلى أنه "بالرغم مما حدث إلا أنه يجب أن لا ننظر للحياة باستسلام".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.