امرأة نازحة من مدينة الموصل في مخيم الخازر/إرفع صوتك
امرأة نازحة من مدينة الموصل في مخيم الخازر/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

"شحة المياه وانعدام الطاقة الكهربائية والبرد القارص أثقلت كاهلنا أكثر، فالنساء يتحملن المسؤولية الأكبر داخل المخيمات"، بهذه الكلمات بدأت تحرير خضير (60 عاما) حديثها لموقع (إرفع صوتك) في مخيم الخازر رقم ثلاثة الذي وصلته قبل نحو أسبوع مع عائلتها بعد نزوحهم من الموصل بسبب المعارك الدائرة فيها.

تشير تحرير إلى أنه على الرغم من صعوبة الأوضاع في المخيم، "لكنه أفضل بكثير من العيش في ظل داعش الذي منعنا من كل شيء وجوّعنا وقيّد حريتنا نحن النساء بالخمار والنقاب. أنا مع وصولي المخيم نزعت الخمار وحرقته أمام الناس ولن أرتديه أبدا مرة أخرى".

إدارة المخيم، كما تقول تحرير، تبذل كل ما بوسعها لتوفير احتياجات النازحين، لكن الأعداد كثيرة وتزاداد يوما بعد يوما. "ندعو المجتمع الدولي إلى مد يد العون لنا وزيادة المساعدات المقدمة للنازحين، فنحن نحتاج إلى أكثر".

وتحدد تحرير احتياجاتها وتوضح "أحتاج إلى تنور خبز، الآن هناك تنور لكن لكل 10 أو 20 خيمة هناك تنور واحد وهذا لا يكفي. أريد أن يكون لي تنور خاص، كذلك نحتاج إلى إنارة في الليل فخيمتنا لم تزود حتى الآن بمصباح الإنارة الذي يعمل على الطاقة الشمسية، والأفضل تزويدنا بالطاقة الكهربائية".

مخيم الخازر رقم ثلاثة

مخيم الخازر رقم ثلاثة استحدث مؤخرا لاستقبال النازحين الموصلين الذين يتزايد أعدادهم يوميا. وبحسب إدارة مخيمات الخازر وحسن شام شرق الموصل، تستقبل هذه المخيمات يوميا نحو 1000 نازح غالبيتهم من النساء والأطفال وأكثر من هذا العدد في بعض الأيام.

ولا تخفي إدارات المخيمات مخاوفها من موجات أكبر خلال الأسابيع القادمة خاصة أن الجانب الأيمن من مدينة الموصل الذي ما زالت مناطقه خاضعة لسيطرة تنظيم داعش تعد الأكثر كثافة في عدد السكان من الجانب الأيسر الذي تقترب القوات العراقية من تحريره بالكامل.

معاناة مختلفة

معاناة براء سعد (22 عاما) النازحة من منطقة يارمجة في الجانب الأيسر من الموصل تختلف عن باقي نساء المخيم. فابنتها البالغة من العمر خمسة أعوام أصيبت بحالة نفسية جراء كثافة الاشتباكات ودوي الانفجارات التي شهدتها أثناء النزوح من الموصل.

وتقول براء لموقع (إرفع صوتك) "هربنا ليلا من منطقتنا قبل أن تحرر خشية أن نقع في كمين مسلحي داعش فأصيبت ابنتي بالخوف وهي تصرخ وتبكي باستمرار خاصة في الليل وتعانقني بقوة".

تنتظر براء قدوم طبيب نفسي إلى المخيم لمعاينة ابنتها وتحديد حالتها من أجل وصف العلاج لها، وتخشى من تطور الحالة مستقبلا فيما إذا لم تعالج. وتمضي براء بالقول "نحن لا نستطيع أن نعالجها على نفقتنا الخاصة فما كنا نمتلكه من أموال صرفناها خلال العامين الماضيين وزوجي عاطل عن العمل".

بينما تجلس خالدة رحمن (36 عاما) النازحة من حي الميثاق (أحد احياء الجانب الأيسر) قرب ابنتها المريضة أمام مدخل الخيمة والحزن يغطي ملامح وجهها، اقتربنا منها لنعرف ما تشتكي منه، فبينت لموقع (إرفع صوتك) حالتها. "ابنتي هذه عمرها 10 أعوام تعاني منذ أيام من التهاب البلعوم والإنفلونزا. ذهبنا إلى المركز الصحي في المخيم لكننا لم نحصل على الدواء الكافي لمعالجتها، المخيم بحاجة إلى كميات أكبر من الأدوية، فبسبب الخوف والبرد كلنا مرضى".

تأهيل نفسي

لا تتركز معاناة النساء النازحات على الجانب الصحي بل تتعداه إلى العودة إلى العمل وفتح المدارس لأطفالهن الذين حُرموا من التعليم على مدى أكثر من عامين ونصف بسبب احتلال التنظيم لمدينتهم الموصل، وفرض مناهجه وفكره الإرهابي على الأطفال في المدارس، إضافة إلى أن غالبية النساء لا يخفين احتياجهن للعلاج النفسي بسبب القيود التي فرضها عليهن تنظيم داعش.

سارة عبد الكريم نازحة أخرى من الموصل، لكنها من الجانب الأيمن. تمكنت قبل أيام وبرفقة عائلتها أن تجتاز الخطورة وكمائن تنظيم داعش وهربت من منطقة وادي حجر باتجاه المناطق الخاضعة للقوات الأمنية العراقية في الجانب الأيسر حيث نُقلت مع باقي النازحين إلى المخيم.

تقول سارة (50 عاما) لموقع (إرفع صوتك) "كنت موظفة في معمل الألبسة الجاهزة في الموصل، الآن أريد العودة إلى العمل وإستلام الراتب، وأدعو الجهات المعنية إلى تقديم المساعدة لنا نحن الموظفين والموظفات".

أما المواطنة ناجحة عمر (40 عاما)، فتقول لموقع (إرفع صوتك) "نحن النساء بحاجة إلى رعاية نفسية وعلاج طويل كي نتخلص من الضغوطات التي عانينا منها بسبب داعش، كذلك أتمنى أن يعود أطفالي الثلاثة إلى مدارسهم في الموصل ويعم الاستقرار في المدينة".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.