مخيم التكية الكسنزانية/إرفع صوتك
مخيم التكية الكسنزانية/إرفع صوتك

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

تقضي نور باسم، 17 عاماً، النهار في خيمة عمتها التي تضمّ خمس خيام صغيرة متراصفة ومحاطة بعازل أو سياج مصنوع من القماش - لحين عودة زوجها من عمله في المساء ليصحبها على بعد أمتار إلى خيمتهم الصغيرة والتي نصبت حديثاً في أحد أركان مخيم (التكية الكسنزانية) على أطراف العاصمة بغداد.

تقول في حديث لموقع ( إرفع صوتك) "لم أكن أتوقع أنني سأتزوج بطريقة غير تقليدية، وبعد قصة حب مع نازح يبلغ من العمر 30 عاما".

حفل الزفاف

وتضيف نور التي تنتظر حالياً اجتياز شهور الحمل المتبقية لإنجاب طفلها "قد تكون مسألة الحب في المخيم أمراً جديداً أو غريباً، لكنها صارت متبعة. فقد تزوج أكثر من 40 فتاة وشاب بعد قصة حب".

وتلفت إلى أن شقيقاتها الثلاث قد تزوجن كلهن بعد النزوح من محافظة صلاح الدين عام 2014 والسكن في المخيم.

وبما أن الإمكانيات المتاحة لزواج النازحين داخل المخيم غير كافية أو لا تشبه كثيرا تلك المتعبة خارجه، تتنازل الفتيات المقبلات على الزواج عن الكثير من العادات المتعبة من تجهيز العروس، ويكتفين بخيمة مجهزة بأغطية وبعض الأشياء المهمة، تمنح لهم بعد أن يتقدم العريس بطلب رسمي لإدارة المخيم بحاجته لها، فضلا عن المساعدات التي يتلقونها من بعض منظمات غير الحكومية والتي تهتم كثيراً بالذين يرغبون في الزواج.

"رغم صعوبة الحياة هنا، إلا أننا قد أقمنا حفل الزفاف وقد حضره الكثير من أهالي المخيم"، تقول نور.

وتأمل الفتاة بالعودة إلى محافظة صلاح الدين ليشتري لها زوجها أثاث غرفة نوم وكل ما تحتاجه. "الزواج في المخيم يجري ترتيبه بطريقة سريعة لعدم توفر القدرة المالية، وأيضا لشعورنا بأننا سنتركه ونرحل إلى مدينتنا قريباً".  

سنضطر للزواج

"الفتيات يتزوجن فقط من شباب المخيم لأنهن لا يخرجن خلف أسواره"، تقول سماح عبد الرحمن، 19عاماً.

وسماح مخطوبة الآن من شاب يبلغ من العمر 32 عاماً، إذ التقت به في المخيم في العام 2015 واتفقا على الزواج. "كنا ننتظر العودة إلى محافظة صلاح الدين لنتزوج هناك. لكن يبدو أننا سنضطر للزواج في المخيم".

وتضيف في حديثها لموقع (إرفع صوتك) "خطيبي يعمل في البناء بأجور يومية ومتقطعة، يحاول أن يجمع لنا بعض المال لشراء بعض احتياجات العرس".

وتشير إلى أنها تشعر بالسعادة لأن حياتها اقترنت بمن تحب، لكنها تجهل شكل القادم من الأيام.

سوء العلاقات الزوجية

ورغم أن النزوح قد أسهم في تزايد فرص زواج النازحات في المخيمات إلا أنه بالمقابل هناك زيجات قديمة قد تأثرت كثيراً وباتت الخيام تعاني داخلها من سوء العلاقات الزوجية. تقول حنان شامل، 37 عاماً، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن المكوث في المخيم تسبب في قطيعة بينها وبين زوجها، إذ صار يتعامل معها بقسوة ولا يجالسها و يتحدث معها أو مع أطفالهم الستة.

وتضيف حنان، التي نزحت مع زوجها من محافظة صلاح الدين، أنها تتعرض أحيانا للضرب والإهانة إذا ما حاولت مطالبته بتغيير أسلوبه أو طريقة حياته معها.

وتشير إلى أنها وصلت إلى مرحلة الصمت معه. "أشعر وكأنه لا يطيق وجودي، ويرغب بالتخلص مني"، على حد قولها.

لا أريد هذه الحياة

أما كوثر محمد، 44 عاماً، فوضعها مع زوجها لا يختلف كثيراً عن حنان. وتقول لموقع (إرفع صوتك) "أريد أن أتناول الأكلات الجيدة وأرتدي ثياباً غير مستعملة. لا أريد هذه الحياة. وأتمنى الانفصال عن زوجي لأنه لا يفكر بمعاناتي ولا يحاول تغيير حياتنا".

وتضيف كوثر وهي أيضا من محافظة صلاح الدين أن "النزوح تجربة قاسية إما تدفع لتقوية أواصر العلاقة الزوجية وإما لخرابها. وما حدث معي أثبت أن حياتنا الزوجية قد أصابها الدمار. والسبب أن زوجي لا يرغب بتحمل مسؤوليتي وأطفالنا". 

وتشير كوثر، وهي أم لديها ابنان لم يتجاوز الأكبر التسعة أعوام من عمره، إلى أن الكثير من النازحات المتزوجات قد ساءت علاقتهن مع أزواجهن لأنه لا طاقة لهن لتحمل أزواج لا يهتمون بمعاناتهن داخل المخيم.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.