نساء هاربات من الموصل يصلن إلى مخيمات النزوح شرق المدينة/إرفع صوتك
نساء هاربات من الموصل يصلن إلى مخيمات النزوح شرق المدينة/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

تنتظر آلاء أمجد، 18 عاما، الهاربة من الموصل العودة إلى مدينتها وزوجها الذي تطلقت منه بسبب فتوى شيوخ داعش ومحكمتهم في الموصل. فبعد أن طمع بها هؤلاء وحاولوا أن يزوجوها لأحد قادتهم بالقوة وبعد رفضها، كانت النتيجة التعرض للتحقيق المتواصل من قبل الحسبة النسائية. فهربت من منطقتها إلى المناطق المحررة من الموصل ومن ثم انتقلت إلى مخيم للنازحين شرق الموصل.

الطلاق

أخيرا تمكّنا من الوصول إلى خيمة آلاء التي تقع في الجزء الأخير من المخيم. تعيش آلاء مع طفليها لوحدهم في الخيمة. بعد الاقتراب من الخيمة، سمعنا صوت آلاء وهي تتحدث مع طفليها بنبرة عصبية. خرجت لنا بعد أن وصلنا وتحدثنا معها عن أوضاعها وما تعاني منه. القلق كان ظاهرا على ملامحها، وامتنعت في بادئ الأمر عن الحديث لكننا تمكنا وبعد حوار طويل من إقناعها للحديث عن مشكلتها.

آلاء طلقها زوجها بصورة شفهية، لكنها لم تعلم أن طلاقها من زوجها باطل لحين وصولها المخيم. ومضت لموقع (إرفع صوتك) بالقول "زوجي طلقني بشكل شفهي. وأبلغني شيوخ داعش أنني لن أستطيع أن أعود لذمته مرة أخرى وأن طلاقه لي يعتبر بالثلاث. لكنني لم أعلم أن فتواهم خاطئة حتى وصولي المخيم حيث عرضت حالتي على المختصين ورجال الدين فأبلغوني أنه يمكنني أن أعود لذمة زوجي".

شيوخ التنظيم ضغطوا على عائلة آلاء التي لا تزال تعيش في منطقة خاضعة لسيطرة التنظيم في الموصل وأجبروها على رفض استقبال ابنتهم وأطفالها، فاضطرت إلى النزوح.

وتقول آلاء إنّها بعد طلاقها من زوجها، توجهت إلى بيت أهلها وبقيت عندهم، إلا أن مسلحي التنظيم وشيوخهم الذين علموا بطلاقها استدعوها إلى مركز الحسبة (الشرطة الدينية للتنظيم) وطلبوا منها أن تتزوج من مسؤول عن المتفجرات والمفخخات داخل التنظيم والذي كان موصليا. "لكنني رفضت. فضغط التنظيم على أهلي. فتشاجروا معي واضطررت إلى ترك المنزل".

حسبة داعش النسائية

تعرضت آلاء خلال تواجدها في منزل أهلها للتحقيق المستمر من قبل حسبة داعش النسائية (أفرادها من النساء المسلحات في التنظيم). وتوضح بالقول "كُن يحققن معي بشكل مستمر كلما أخرج من المنزل، ويفتشن ويدققن في ملابسي والخمار والقفازات والجوارب ويبحثن عن أبسط حجة لاعتقالي".

بحسب شهادات الموصليين الهاربين من المدينة التي ما زال تنظيم داعش يحتل جزءا منها، لم يمر يوم من الأيام طيلة أكثر من عامين ونصف من احتلال داعش لمدينتهم من دون أن يعتقل أو يقتل التنظيم امرأة أو فتاة من المدينة رجما بالحجارة بعد تلفيق تهمة لها. فوصلت أعداد النساء المقتولات على يد داعش إلى المئات.

رجم النساء

آلاء تقول إنها كانت تخشى أن يلفق لها مسلحو التنظيم تهمة ويرجمونها بعد رفضها الزواج من قائدهم. وروت لنا ما شاهدته من عملية رجم لفتاة موصلية رفضت الزواج من المسلحين، قائلة "طلب مسلحو التنظيم من بنت جيراننا الزواج لكنها رفضت. وفي أحد الأيام وأثناء تواجدها في السوق مع أهلها، اعتقلت بتهمة عدم الالتزام باللباس الشرعي مع العلم أنها كانت منقبة".

وتمضي آلاء برواية قصة تلك الفتاة وتقول "بعد يومين، أبلغوا أهلها بالحضور إلى سوق المدينة لأن ابنتهم سترجم لأنها زانية، وبالفعل رجموها وقُتلت البنت وشوهت سمعتها مع العلم أنها كانت فتاة عفيفة".

بعد تركها منزل أهلها، خرجت آلاء وانضمت إلى عدد من العائلات الهاربة من المناطق التي ما زال يسيطر عليها التنظيم في الموصل. هذه العائلات كانت تتوجه نحو الخطوط الأمامية للقوات العراقية واستطاعت بعد المشي لمسافة طويلة أن تصل إلى المناطق المؤمنة. لكنها لا تمتلك أي شخص قريب في هذه المناطق، فنزحت إلى إحدى مخيمات النزوح شرق الموصل.

 وتقول آلاء "أنتظر الآن العودة إلى زوجي بعد أن علمت أن الطلاق باطل".

تقول آلاء إن زوجها وعائلته أصيبوا خلال الأيام الماضية بقصف صاروخي لتنظيم داعش استهدف منزلهم الذي يقع في منطقة شقق الخضراء التي حررتها قوات مكافحة الإرهاب العراقية قبل أسابيع. لم يستطع زوج آلاء بسبب جروحه أن يلتحق بزوجته وأطفاله في المخيم، لذا تستعد آلاء للعودة قريبا كما تقول.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.