نساء عراقيات في مظاهرة/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء عراقيات في مظاهرة/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

بعد وفاة والدها إثر إصابته بنوبة قلبية منذ خمس سنوات تقريبا، شعرت شذى غالب، 43 عاماً، أنّ شقيقها الذي يصغرها بـ10 سنوات يحاول التحكّم بمسار حياتها.

"إنّه يقيّم الدنيا ويقعّدها إذا لم ننصع لرأيه حتى وإن كان سلبيا أو لا يتناسب مع رغباتنا أو قراراتنا"، تقول لموقع (إرفع صوتك)، مضيفة أن بعض التقاليد والعادات الاجتماعية تشجّع على التطرّف في التعامل مع النساء، وخاصة في تعامل الزوج مع زوجته أو الأب مع بناته أو الأخ مع أخواته.

رأي الرجل

تعيش شذى مع والدتها وشقيقاتها الثلاث وشقيقها في بغداد. وهي تصف شقيقها بالمتديّن و "لديه أفكار متطرّفة".

"هو يمنعنا من الخروج من دون إذنه خوفاً من الاختلاط بالرجال".

وتشير إلى أن الكثير من العائلات في المجتمع العراقي تعتمد على رأي الرجل في أي قرار يتخذ لصالح المرأة. وإذ ما عارضت المرأة تدخل الرجل بحياتها أو واجهته بالرفض، فإنها ستتعرض للأذى الكبير وقد ينبذها المجتمع ولن يساندها أحد.

"بعد وفاة والدي، بدأ شقيقي الوحيد بأداء دور الأب أو الوالي الذي يتحكم بدراستنا وفرص عملنا... كان أبي مثله كذلك يتحكّم بنا. لقد تركنا الدراسة بسببه ولم نتزوج حتى الآن بسبب أفكاره المتطرّفة التي كان يشجعه عليها أبي قبل رحيله. كان يثني عليه كلما أصر على رأيه. ويكرّر دوما عبارة: أنت رجل البيت".

الانفصال عن زوجي

أما هناء كريم، 27 عاماً، وهي متزوجة وربة بيت، فقد حاولت لأكثر من مرة الانفصال عن زوجها الذي يتعامل معها بطريقة سيئة. لكن لم تنجح محاولاتها.

تقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن أهلها يرفضون مساندتها في مسألة الانفصال عن زوجها ويعتبرون الأسباب غير مقنعة. "ينصحونني دوماً بالتحمل والسكوت".

وتعتبر هناء أن زواجها الذي لم يتعد أعوامه الثلاثة قد حوّل حياتها إلى جحيم، بعد أن كانت تتمتع بحرية اختياراتها وقراراتها وخاصة بمسألة التعاليم الإسلامية. "في بداية الزواج، حاول إقناعي بارتداء الحجاب. وعندما رفضت توترت العلاقة بيننا. صار بعد ذلك يعاملني بسوء".

وتتابع الزوجة التي لم ترزق حتى الآن بطفل "المشكلة لم تكن في ارتداء الحجاب أو الزي الإسلامي، بل في قسوته التي دوما ما يبررها بأن الشريعة تجيز للزوج ضرب زوجته ومعاقبتها إن خالفت أوامره".

وتشير إلى أن زوجها يتبنى أفكاراً متطرفة ولا يؤمن باحترام الرأي المخالف ويعتبره فسوقاً. "لقد منعني من سماع الأغاني ومن استخدام أدوات التجميل، وحتى من ارتداء بعض الألوان التي يعتقد أنها ملفته للنظر".

أسلوب الضرب

وتتحدث باسمة حكيم، 55 عاما، عن أبنائها الثلاثة وكيف أنها كانت تعجز عن استخدام كل الوسائل في تربيتهم "فأضطر في نهاية المطاف لضربهم". تقول لموقع (إرفع صوتك) "كنت أفقد السيطرة عليهم، فأستخدم أسلوب الضرب حتى وصل بهم الأمر أن يصدوني بالضرب والاعتداء عليّ".

وتضيف أنهم يتعاملون معها بطريقة سيئة. "ما أن نخوض نقاشاً ويحتدم باختلاف الرأي حتى يبدأ أحدهم بالصراخ عليّ وفي حال استمراري بالمجادلة أو المشاجرة قد أتعرض للضرب".

وتشير باسمة التي انفصلت عن زوجها منذ أكثر من 17 عاماً، إلى أنها تعاني كثيراً من ردود أفعال أبنائها العنيفة سواء معها أو مع غيرها. "لا يتعاملون بسلمية مع الذي يختلف معهم، كما ولا يؤمنون بالتحاور ومشاجراتهم كثيرة".

أسرة مثالية غير متطرفة

أما نادية كاظم، 22 عاماً، فقد تعرفت على طالب معها في المرحلة الثانية من الدراسة الجامعية، وتقدم لخطبتها. لكن أسرتها رفضته.

تقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الشاب كان مناسباً لي، لكنه من طائفة دينية أخرى. وهذا الأمر كان ضد رغبة أسرتي. لذا رفضت فكرة اقتراني به".

وتضيف الشابة التي كانت طالبة في كلية الآداب "لم أتوقع يوماً أن ترفض أسرتي هذا الشاب لأسباب تتعلق بالطائفة الدينية. كنت أعتقد أنني أعيش في أسرة مثالية غير متطرّفة".

وتشير نادية التي لم تسمح لها ضغوط أهلها أن تكمل دراستها الجامعية إلى أنها تربت في بيت يؤمن بثقافة التسامح وحب الآخر واحترامه على أساس إنساني. وتتعجب الآن في أن أفكار أبويها قد تغيرت هكذا وأصبحت متطرفة.

"لم أصدق عندما رفض أبي اقتراني من هذا الشاب لأسباب طائفية، وأجبرني بعدها على ترك الدراسة".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.