مخيم حسن شام للنازحين الموصليين/إرفع صوتك
مخيم حسن شام للنازحين الموصليين/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

"لا يمرُ يوم إلا وتحدث فيه مشاجرة من عائلتين أو عدة عائلات في مخيمنا، لكننا في النهاية نحتوي الموضوع وتعود المياه إلى مجاريها".

بهذه الكلمات بدأ عائد خليل حديثه لموقع (إرفع صوتك) عن الحياة اليومية في مخيم حسن شام الذي وصله مع عائلته قبل أسبوع من الموصل.

يحدّد عائد أبرز الأسباب التي تسبب المشاكل والمشاجرات داخل المخيم قائلاً "السبب الأكبر هو أن كل شخص داخل هذا المخيم لايضع اعتبارا لحقوق غيره من النازحين، ويريد أن يسيطر على كل شيء، فتنشأ المشاكل على المياه ودورات المياه وعلى توزيع المواد الغذائية".

ويروي خليل قصة شجار بين عائلتين من منطقتين مختلفتين من الموصل. "أمس وصلت عائلة من تلعفر إلى المخيم وبعد استلامها لخيمتها نشب شجار بينهم وبين جيرانهم، فهذه العائلة الجديدة رفضت أن تشارك الجيران دورة المياه والحمامات، لكننا تمكنا من تهدئة الطرفين وتصالحا وحُلت مشكلتهما".

الظروف النفسية الصعبة والضغوطات الكثيرة التي يعيشها النازح سبب رئيسي لعدم تحملهم لبعض بحسب رأي المواطن علي وطبان. لكنه يؤكد أنه ورغم تواجده منذ نحو ثلاثة أشهر في المخيم إلا أنه لم يتشاجر مع أي نازح آخر. ويقول لموقع (إرفع صوتك) إن المشاكل تحدث في الغالب بسبب الشجار بين الأطفال، لكنها لا تكبر وسرعان ما تخمد، "لأن الكل هناك لديهم نفس المشكلة وهي النزوح وظروفه الصعبة التي ولدت لدينا ضغوطات نفسية كثيرة".

شحة المياه

ويرى المواطن النازح عدي الجبوري من حي السماح شرقي الموصل، أن شحة المياه هي المصدر الرئيسي للمشاكل بين النازحين. ويوضح لموقع (إرفع صوتك) "قاطعنا في المخيم يتكون من 16 خيمة، خصص لنا خزان مياه واحد، تمكّنا فيما بيننا أن ننظم التوزيع بحيث يكفينا لحين ملئه مرة أخرى، لكن اكتشفنا أن القواطع الأخرى يأتون في الليل لأخذ المياه فتشاجرنا معهم وتدخلت قوات الأمن وفضت الشجار".

ويضيف أنّهم عادوا واضطروا إلى قفل سدادة الخزان بالقفل لأنّ النازحين الآخرين عادوا لأخذ المياه من خزانهم.  

مشاكل النزوح

النزوح وما يحمله معه من مشاكل كالبطالة والقلق والخوف من المستقبل والجوع والبرد وانعدام الخدمات والصدمة الناتجة عن التحول من مجتمع المدينة إلى الخيمة وبحسب الباحثين النفسيين تولد أنواعا عدة من الاضطرابات الاجتماعية داخل المخيم، تسفر عن نشوء مشاكل كبيرة خاصة في ظل النقص في التعليم والثقافة والمشاريع التوعوية وضعف الرعاية النفسية. فالنازح من الموصل شهد خلال أكثر من عامين ونصف ظروفا اجتماعية ونفسية صعبة في ظل تنظيم داعش.

لكن المواطن النازح طارق عبدالهادي يصف الحياة الاجتماعية في المخيم بالمتينة، ويقول لموقع (إرفع صوتك) "الظروف الصعبة وحّدتنا وجعلتنا متكاتفين، الآن نحن من مختلف مكونات الموصل نعيش مع بعض هنا، وهناك ألفة ومحبة فيما بيننا ونزور بعض. وانخفضت في ظل هذه الظروف نسبة المشاكل التي كانت بيننا في ظل داعش".

بينما يقول المواطن النازح وليد كريم إن سكان المخيّم لم يعودوا يتحملوا المشاكل الاجتماعية والاقتصادية أكثر من ما وصلت إليه الآن. ويطالب الجهات المعنية بتسهيل عودة النازحين، مشددا لموقع (إرفع صوتك) "نحن تحملنا النزوح والمشاكل اليومية والمشاجرات داخل المخيم فيما مضى لأن مناطقنا كانت غير محررة وغير مؤمنة. الآن مناطقنا على ما يرام لذا نريد العودة لأننا لم نعد نتحمل قسوة النزوح".

وبحسب إحصائية إدارة مخيمات الخازر وحسن شام شرق الموصل، تشهد هذه المخيمات يوميا عودة المئات من العوائل النازحة إلى مناطقها المحررة في أحياء كوكجلي والسماح والبكر والخضراء في الجانب الأيسر من مدينة الموصل التي تمكنت القوات الأمنية العراقية بعد أكثر من ثلاثة أشهر من المعارك أن تحرّره من مسلحي تنظيم داعش. وباتت على مشارف الجانب الأيمن من المدينة آخر معاقل التنظيم في العراق.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.