مشاركة من صديق (إرفع صوتك) هوكر إبراهيم حكيم:
شهدت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة سلسلة من الاحتجاجات في بعض الدول العربية، بالأخص في الدول التي كان نظام الحكم فيها شموليا نوعا ما أو نظاما ديكتاتوريا. بعض الاحتجاجات استطاعت أن تغير النظام، مثل تونس وليبيا ومصر. وآخرون لم يتمكنوا، مثل سورية والعراق. وصل الوضع في سورية إلى دمار أشبه بالكامل، وانقسم العراق إلى مجاميع من وحدات سياسية.
فتح عدد من الدول صناديق الانتخاب للمواطنين، حيث كانت التيارات الإسلامية لا تستطيع الحراك في ظل نظام تلك الدول. هذا التغيير أعطاهم حماسا جديدا للمشاركة في العملية السياسية. مع أنه في سورية لم يستقر الوضع الأمني حتى الآن، لكن لا شك أن التيارات الإسلامية سيكون لديها تأثير على رسم الخارطة السياسية في سورية.
كل هذا حدث أمام أعيننا وشاهدنا كيف وصلت تيارات إسلامية إلى الحكم عن طريق الانتخابات. (يمكننا أن نشير إلى تركيا، حيث صعد إسلاميون إلى السلطة قبل أحداث الربيع العربي). من المهم أن نعرف كيف يكون تأثير التيارات الإسلامية في تغيير الأوضاع السياسية في تلك الدول، وبالتالي على الصعيد الإقليمي وكيف يغيرون الخارطة السياسية؟
يجب علينا أن نبحث عن إجابة لهذه الاسئلة: كيف ستتغير الخارطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط بعد صعود تيارات إسلامية؟ كيف يكون تأثير هذا التغيير على الاستقرار السياسي في المنطقة؟ ما هو مستقبل الأقليات التي تحاول أن تكون لها دول منفصلة؟
للإجابة على تلك الأسئلة، هناك اتجاهين: الاتجاه الأول يفترض أن صعود تيارات إسلامية سيغير الخارطة السياسية في المنطقة، حيث يكون دور بعض التيارات الإسلامية ذات الطابع المعتدل فعّالا في إعادة العلاقات بين دول المنطقة، مما ينتج عنه تغيير في خارطة العلاقات ويؤدي إلى تغيير ميزان القوى في المنطقة، وبالتالي هذا يؤثر سلبا على الاستقرار السياسي في المنطقة.
لكن في المقابل هناك اتجاه آخر، حيث نرى نوعا من التراجع من قبل تيارات إسلامية في العملية السياسية في بعض الدول (مثل مصر وتونس، وفي تركيا هناك أزمة تواجه التيارات الإسلامية). وهذا يعني أن دور تلك التيارات ينحصر بتدخل الدول الكبرى في شؤون المنطقة ولا ينتج عنه تغيير ملحوظ.
هناك مجموعة عوامل أثرت على صعود التيارات الإسلامية في المنطقة الشرق الأوسط، أبرزها:
- الربيع العربي، والذي سمي أخيرا بالربيع الإسلامي. وما تبعه من تغيير النظام السياسي في (تونس وليبيا ومصر)، أدى هذا التغيير إلى وصول جماعات إسلامية إلى الحكم عن طريق صناديق الانتخابات.
- وجود تيارات إسلامية بطابع فكري يميل إلى شحن المجتمعات بالأفكار الدينية وتنتشر في دول مثل مصر وتونس وليبيا وتركيا.
- دور الأحزاب والجماعات الإسلامية في الثورة السورية والتغييرات الحدودية في العراق.
في المقابل هناك عدة أسباب قد تقلل من دور التيارات الإسلامية في رسم خارطة الشرق الأوسط، منها:
- الطبيعة السياسية في الشرق الأوسط. هذه المنطقة لديها طابع ديناميكي بسبب اختلاف دولها من الناحية القومية والفكرية.
- علاقات الدول في الشرق الأوسط تعتمد على ركيزة أساسية هي المصلحة.
- وجود تيارات دينية ومذهبية مختلفة.
- تغيّر موازين القوة في المنطقة.
- تدخلات الدول الكبرى للحد من صعود التيارات الإسلامية.
- ظهور نوع من الصراع بين المذهبين الشيعي والسني في إطار أوسع.
نبذة عن الكاتب: هوكر إبراهيم حكيم، ماجستير في العلوم السياسية. له مشاركات ومنشورات في مؤتمرات علمية وسياسية في مجال الحكومات المحلية. حاليأ يشتغل كباحث في جامعة صلاح الدين - كلية القانون و العلوم السياسية في كردستان العراق.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.