عراقيات يقدن الدراجات الهوائية تحدّيا للمجتمع المحافظ/وكالة الصحافة الفرنسية
عراقيات يقدن الدراجات الهوائية تحدّيا للمجتمع المحافظ/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"دائما ما يبدأ الشجار بين أبناء الجيران بعد سخرية أحدهم بطريقة استفزازية على غيره. وهكذا بالتدريج تتطور بعدها المواقف التي قد تصل إلى مرحلة التجاوز المسيء على الطائفة الدينية"، يقول زاهر علي في حديث لموقع (إرفع صوتك).

الأولاد الصغار

ويضيف زاهر، 23 عاماً، وهو طالب في كلية القانون، "كلما يحتدم الشجار ترى تأثير التطرف ومستوياته عند بعض الأهالي على تصرفات هؤلاء الصغار".

وحسب مشاهداته، يروي زاهر أنّه عندما يختلف الأولاد الصغار في اللعب، يتجاوز أحدهم على معتقد وطائفة الآخر وتحدث مشاجرة قد تؤدي أحياناً إلى أن يضربوا بعضهم البعض بعنف.

ويشير زاهر إلى أنه "ورغم أن التطرف يبدو مغايراً لكل ما كنا نألفه في السابق، إلا أن أغلب السلوكيات ورود الفعل عند الصغار صارت اليوم متطرفة بالفعل".

الأفكار السلبية

أما سرور عبد الله، 46 عاماً، فترى أن التطرف له جذور متأصلة في طبيعة المجتمع العراقي، وخاصة بمسألة العنف الذي تتعرض له النساء سواء في البيت أو خارجه.  

وتضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّ "لدى المجتمع العراقي من الأفكار السلبية المتطرفة والمتناقضة ما لا يعد ولا يحصى، فهو يتقبل أن تتسول المرأة في الشوارع ولا يتقبل أن تعمل في متجر تجاري". وتتابع "هذا فقط لأن المتسولة قد تكون محجّبة بينما العاملة قد تكون بلا حجاب". 

وتشير سرور التي لم تسمح ظروفها الاجتماعية لها بالعمل رغم أنها حاصلة على شهادة جامعية، إلى أن الفصل الاجتماعي بين المرأة والرجل ومنع المرأة من الخروج من البيت وعدم المساواة والتعامل معها وتحديداً داخل أسرتها على أنها ناقصة عقل وغيرها الكثير من العادات والممارسات تؤكد أن "المجتمع متطرف بطبيعة تعامله مع المرأة".

فعالية أو تقليعة جميلة

"لقد جاء الوقت الذي يمنع فيه الأهالي أبنائهم من سماع الموسيقى والغناء. لقد تغيّر كل شيء ولم نعد نمشي في الشارع ونسمع الأغاني وهي تصدح من نوافذ المركبات كالسابق"، يقول أكرم ستار، 48 عاماً.

ويضيف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن هناك الكثير من الممارسات والحريات قد بات المجتمع لا يتقبلها ويرفضها مثل بعض اتجاهات الموضة التي يتبعها الشباب في الملابس أو قصات الشعر أو حتى في اختيار الألوان.

ويتساءل أكرم الذي يدير محلاً لحلاقة الرجال ببغداد "ما الذي تغير؟ لماذا صار ينظر لكل فعالية أو قصّة شعر جميلة على أنها لا تتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي؟". ويجيب نفسه "الإسلام السياسي أثر على حياة الناس وحول الكثير من الأفكار المعتدلة إلى متطرفة".

العداء والعنف والانقسام

أما مقداد نعيم الذي يعمل سائق سيارة أجرة ببغداد، 45 عاماً، فيعتقد أن العديد من المؤشرات توحي بأن التطرف هو ظاهرة اجتماعية.

ويضيف أنّ هذا ما يلمسه أحياناً من خلال ركّاب سيارة الأجرة التي يقودها. "من يختلف بالرأي معك هو عدوك. فعندما يحدث خلافاً من أي نوع، نادراً ما يحاول أطرافه حله بالنقاش والإقناع بل يتجهون إلى العداء والعنف والانقسام".

ويشير مقداد إلى أن الناس في البداية يقيمون علاقات طيبة مع بعضهم البعض، لكن ما أن يحدث اختلاف بالرأي حتى تتغير العلاقة وتتحول إلى عداوة مخيفة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.