أطفال عراقيون يمرحون بطائرات ورقية على ضفة دجلة ببغداد 1997/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال عراقيون يمرحون بطائرات ورقية على ضفة دجلة ببغداد 1997/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي عبد الأمير:

على مدى أكثر من ربع قرن، دفع أطفال العراق أثمانا باهظة جراء السياسات الكارثية التي عاشتها بلادهم من حروب مدمرة وعقوبات دولية قاسية وحملات قمع منظمة.

هنا استعادة لأبرز محطات القسوة التي عرفتها أجيال من العراقيين الصغار.

أولا: حرب 1991

أوقعت العمليات العسكرية الواسعة التي شنّها التحالف الدولي على العراق ضمن حرب تحرير الكويت، وما شهدته البلاد لاحقا من عمليات انتقامية شنّها نظام صدام حسين على المحافظات الشيعية والكردية المنتفضة على سلطته، الكثير من الضحايا المدنيين، بينهم الآلاف من الأطفال.

ثانيا: الحصار الدولي

جاء الحصار الدولي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على العراق بعد غزوه الكويت 1990 عبر العديد من القرارات، ليكون العقوبات الأقسى التي تقع على دولة معينة في العصر الحديث.

وانعكست تلك العقوبات في نتائج كارثية على المجتمع العراقي في مجالات الاقتصاد والصحة والتربية، وهو ما عناه تأثيرات قاسية على الفئات الأضعف في المجتمع، أي الأطفال الذين سقط بيهم الآلاف صرعى الأمراض والجوع. فيما كانت التأثيرات الاجتماعية تعني مئات الآلاف من الأطفال المتسربين من مدارسهم واندراجهم في سوق العمل من أجل تأمين لقمة عيش ذويهم.

ثالثا: حرب العام 2003

ومثلما كانت حروب العراق السابقة، سببا في آلام وأشكال من المعاناة لفئاته الاجتماعية، كانت حرب الإطاحة بالنظام الدكتاتوري قد شهدت سقوط الآلاف من الأطفال قتلى وجرحى ونازحين وضحايا لعاهات وأمراض شتى.

رابعا: الحرب الطائفية 2005-2008

لم توفر الحرب الطائفية فئات المجتمع الأكثر ضعفا، أي الأطفال. ففي العام 2007، كان هناك نحو مليوني طفل في العراق يواجهون تهديدات بالغة الخطورة كسوء التغذية والمرض والتلكؤ في التعليم.

بل إن هناك من الدراسات والبحوث ما وثق الأثمان الباهظة للحرب الطائفية والحرب على الإرهاب ومعظم فصول العنف في البلاد، وتحديدا ما كان منها حصة الأطفال العراقيين وحرمانهم من أبسط أشكال الرعاية فضلا عن حقوقهم ومنها حق التعليم. وهو ما يعني ترحيل أجيال من غير المتعلمين والذين يعانون من أزمات نفسية وجسدية الى المستقبل.

خامسا: سنوات الإرهاب  

شكّلت الجماعات الإرهابية وأبرزها تنظيم داعش، مرحلة هي الأقسى في العراق منذ سقوط النظام السابق، لجهة استهدافها كل ما يمت بصلة للحياة الطبيعية الإنسانية. وهو ما أنتج ملايين المهاجرين والنازحين وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى.

ومع التصدي العراقي الواسع وبمعاونة التحالف الدولي لتلك الجماعات الإرهابية، بدا أن هناك نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون من الأطفال في العراق (واحدٌ من بين كل خمسة من مجموع الأطفال العراقيين)، معرضون لخطر الموت والإصابة والعنف الجنسي والتجنيد القسري في الاقتتال والاختطاف بحسب تقرير لمنظمة اليونيسف.

غير أن مسارا كهذا لا يمكن أن يستقيم مع إيقاع الحياة الطبيعي. وبتحقيق مكاسب بارزة في الحرب على داعش في الموصل، أُعيد افتتاح 30 مدرسة بمساعدة اليونيسف، ممّا يتيح للآلاف من الأطفال استئناف دراستهم، بعد أن كانت مدارسهم أغلقت منذ عامين.

ويبدو هذا المؤشر، على بساطته عميقا في رسالته التي تعني أنّ لا قوة يمكنها منع الحياة من ان تمضي في سياقها الطبيعي، وأن يكون الأطفال في مسارهم الصحيح نحو المستقبل.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.