بقلم علي عبد الأمير:
على مدى أكثر من ربع قرن، دفع أطفال العراق أثمانا باهظة جراء السياسات الكارثية التي عاشتها بلادهم من حروب مدمرة وعقوبات دولية قاسية وحملات قمع منظمة.
هنا استعادة لأبرز محطات القسوة التي عرفتها أجيال من العراقيين الصغار.
أولا: حرب 1991
أوقعت العمليات العسكرية الواسعة التي شنّها التحالف الدولي على العراق ضمن حرب تحرير الكويت، وما شهدته البلاد لاحقا من عمليات انتقامية شنّها نظام صدام حسين على المحافظات الشيعية والكردية المنتفضة على سلطته، الكثير من الضحايا المدنيين، بينهم الآلاف من الأطفال.
ثانيا: الحصار الدولي
جاء الحصار الدولي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على العراق بعد غزوه الكويت 1990 عبر العديد من القرارات، ليكون العقوبات الأقسى التي تقع على دولة معينة في العصر الحديث.
وانعكست تلك العقوبات في نتائج كارثية على المجتمع العراقي في مجالات الاقتصاد والصحة والتربية، وهو ما عناه تأثيرات قاسية على الفئات الأضعف في المجتمع، أي الأطفال الذين سقط بيهم الآلاف صرعى الأمراض والجوع. فيما كانت التأثيرات الاجتماعية تعني مئات الآلاف من الأطفال المتسربين من مدارسهم واندراجهم في سوق العمل من أجل تأمين لقمة عيش ذويهم.
ثالثا: حرب العام 2003
ومثلما كانت حروب العراق السابقة، سببا في آلام وأشكال من المعاناة لفئاته الاجتماعية، كانت حرب الإطاحة بالنظام الدكتاتوري قد شهدت سقوط الآلاف من الأطفال قتلى وجرحى ونازحين وضحايا لعاهات وأمراض شتى.
رابعا: الحرب الطائفية 2005-2008
لم توفر الحرب الطائفية فئات المجتمع الأكثر ضعفا، أي الأطفال. ففي العام 2007، كان هناك نحو مليوني طفل في العراق يواجهون تهديدات بالغة الخطورة كسوء التغذية والمرض والتلكؤ في التعليم.
بل إن هناك من الدراسات والبحوث ما وثق الأثمان الباهظة للحرب الطائفية والحرب على الإرهاب ومعظم فصول العنف في البلاد، وتحديدا ما كان منها حصة الأطفال العراقيين وحرمانهم من أبسط أشكال الرعاية فضلا عن حقوقهم ومنها حق التعليم. وهو ما يعني ترحيل أجيال من غير المتعلمين والذين يعانون من أزمات نفسية وجسدية الى المستقبل.
خامسا: سنوات الإرهاب
شكّلت الجماعات الإرهابية وأبرزها تنظيم داعش، مرحلة هي الأقسى في العراق منذ سقوط النظام السابق، لجهة استهدافها كل ما يمت بصلة للحياة الطبيعية الإنسانية. وهو ما أنتج ملايين المهاجرين والنازحين وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
ومع التصدي العراقي الواسع وبمعاونة التحالف الدولي لتلك الجماعات الإرهابية، بدا أن هناك نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون من الأطفال في العراق (واحدٌ من بين كل خمسة من مجموع الأطفال العراقيين)، معرضون لخطر الموت والإصابة والعنف الجنسي والتجنيد القسري في الاقتتال والاختطاف بحسب تقرير لمنظمة اليونيسف.
غير أن مسارا كهذا لا يمكن أن يستقيم مع إيقاع الحياة الطبيعي. وبتحقيق مكاسب بارزة في الحرب على داعش في الموصل، أُعيد افتتاح 30 مدرسة بمساعدة اليونيسف، ممّا يتيح للآلاف من الأطفال استئناف دراستهم، بعد أن كانت مدارسهم أغلقت منذ عامين.
ويبدو هذا المؤشر، على بساطته عميقا في رسالته التي تعني أنّ لا قوة يمكنها منع الحياة من ان تمضي في سياقها الطبيعي، وأن يكون الأطفال في مسارهم الصحيح نحو المستقبل.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659