أربيل - بقلم متين أمين:
رغم ابتعادهم عن أجواء المعارك ودوي الانفجارات والاشتباكات في الموصل منذ أكثر من خمسة أيام، إلا أن عائلة المواطن الموصلي النازح أحمد شعبان ما زالت تستمع في خيمتها إلى أصوات شبيهة بكافة أنواع الأسلحة والطائرات التي يقلدها ابنها فلاح (10 أعوام).
اعتاد فلاح على تقليد أصوات الأسلحة إثر استماعه المتواصل لأصوات الغارات الجوية وكثافة استخدام الأسلحة في الموصل على مدى أكثر من عامين ونصف من احتلال التنظيم لها ومعارك تحريرها التي انطلقت منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
لا يُقلّد فلاح أصوات الأسلحة والطائرات والآليات لعائلته فقط بل يقلد هذه الأصوات خلال اللعب مع أصدقائه أيضا حيث يلعبون لعبة تحرير الموصل. ويقول فلاح لموقع (إرفع صوتك) "نلعب لعبة تحرير الموصل ونقلّد قوات مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة الذين يحررون مناطقنا، دوري في اللعبة يتمثل في تقليد أصوات الدبابات والمدافع والاشتباكات. فأنا أُجيد ذلك".
ألعاب الأطفال
ألعاب الأطفال خاصة الذكور في مخيمات النزوح تقتصر على تقليد المعارك والمصارعة واللعب بالحجارة والطائرات الورقية وكرة القدم إن وجد من يمتلكها من الأطفال، واللعب بسدادة قناني مياه الشرب. أما الفتيات فغالبيتهم يمارسن ألعاب من التراث العراقي.
والد فلاح الذي كان يعمل محاسبا في مؤسسة أهلية داخل الموصل قبل احتلالها من قبل التنظيم، في 10 حزيران/يونيو من عام 2014، يروي عن يومٍ شعر خلاله بالخوف بعد وصوله إلى المخيم.
"الأوضاع التي شهدناها خلال العامين الماضيين أرعبتنا كثيرا، لذا لم أصدق إنني خرجت من المدينة مع عائلتي سالما، فغصت في نوم عميق في أول يوم وصلت فيه المخيم لكنني نهضت مرعوبا عل صوت سقوط قذائف الهاون، لكن لم تكن هناك قذائف بل فلاح كان يقلدها بشكل ظننت أنّنا تعرضنا للقصف".
فلاح ليس الطفل الوحيد من بين أطفال الموصل الذين تأثروا بالمعارك التي شهدتها مدينتهم. فآلاف من أقرانه ترك العنف الذي مارسه التنظيم في مدينتهم والحرب أثرا كبيرا في نفوسهم.
وبحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تأثر 4.7 مليون طفل مباشرة بالنزاع في عموم العراق. ويتواجد 3.5 مليون طفل خارج المدرسة. بينما أشارت تقديرات هذه المنظمة الأممية نهاية العام الماضي إلى وجود أكثر من نصف مليون طفل داخل الموصل.
طائرة ورقية
يقول الطفل خالد عماد (12 عاما) وهو يحاول أن يُطير الطيارة التي صنعها بنفسه من كيس بلاستيكي وأعواد من الخشب لموقع (إرفع صوتك) "ليس لدينا ألعاب داخل المخيم، تركنا ألعابنا في بيتنا وخرجنا بسرعة كي لا نتعرض لقصف داعش في الموصل. أتمنى أن أحصل على طيارة ورقية كي ألعب بها مع أصدقائي".
مشاهد العنف والقتل التي مارسها التنظيم في شوارع الموصل وأسواقها وما عرضته نقاطه الإعلامية التي كانت منتشرة في غالبية أحياء الموصل من أفلام دعائية لمسلحيه وهم يطلقون النار من بنادقهم وأسلحتهم الأخرى الثقيلة والمتوسطة والتدريبات العسكرية، لا تزال ماثلة في أذهان الموصليين لا سيما الأطفال الذين كان مسلحو داعش يجمعونهم يوميا في هذه النقاط ويلقون عليهم محاضرات من فكرهم الإرهابي.
أما الطفل أحمد سيف (11 عاما) فاللعبة المفضلة إليه حاليا هي وضع حجارة كبيرة وضربها بحجارة أخرى بقوة حتى تتكسر. ويقول أحمد لموقع (إرفع صوتك) "ألعب مع أخي الصغير بالحجارة يوميا"، يعلق أحمد بخاصرته مسدسا صنعه من الكرتون. وعن كيفية لعبه بهذا المسدس، يوضح "ألعب به مع أصدقائي لعبة المعركة حيث تختبئ مجموعة منا خلف الخيم فيما يهاجمنا الآخرون فنطلق عليهم النار ونقتلهم".
ألعاب الفتيات
نور وصديقاتها الفتيات، سدرة وفرح ورهف وضحى، طريقتهن في اللعب تختلف عن الفتيان من حيث خلوها من مشاهد العنف. لكن رغم هذا لا تخلو ألعابهن من المشاجرات. وتُبين نور (12 عاماً) أنواع الألعاب الشعبية التي تمارسها مع صديقاتها. "نلعب يوما ألعاب الغميضان (أي تغلق إحداهن عينها لحين اختباء صديقاتها. ومن ثم تبحث عنها)، كذلك نتسابق فيما بيننا نحدد نقطة ونركض جميعنا نحوها والفائز من يصل أولا، وكذلك لعبة بيت بيوتي ولعبة شدة يا ورد شدة".
وتختم حديثها بالقول "نحن أيضا نتشاجر مع بعضنا لكننا قبل أن نعود إلى الخيمة نتصالح".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659