بقلم خالد الغالي:
عدد مقاتلي داعش هو أحد أكثر الألغاز المرتبطة بالتنظيم غرابة، حيث تتضارب الأرقام بين الأطراف الحكومية وغير الحكومية إلى حد يصعب معه تشكيل فكرة، ولو تقديرية، عن أعدادهم.
في سنة 2014، بين آب/أغسطس وكانون الأول/ديسمبر، أي في ظرف أربعة أشهر فقط، أصدرت أربع جهات مختلفة إحصائياتها لأعداد مقاتلي داعش، وكانت النتائج مربكة تماما. يومها، كان التنظيم في أقوى فتراته، إذ لم تمض سوى أشهر قليلة على احتلاله مدينة الموصل (شمال العراق) وإعلان "الخلافة".
وفي الوقت الذي قدرت فيه وكالة الاستخبارات الأميركية عدد مقاتلي التنظيم في سورية والعراق بين 20 و31 ألف مقاتل، رفعت قيادة الأركان الروسية الرقم إلى 70 ألفا. وبينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في سورية، وهو إحدى أكثر المنظمات غير الحكومية تتبعا لشؤون داعش، إن التنظيم يملك 50 ألف مقاتل في سورية وحدها، قال مدير ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين، في تصريح لصحيفة الإندبندنت البريطانية، إن حكومته تقدر العدد بـ200 ألف.
ويتعقد الوضع أكثر عند الحديث عن القتلى، حيث تقول الولايات المتحدة الأميركية إن قتلى داعش وصلوا إلى 45 ألفا بحلول تموز/يوليو 2016، بينما يخفض وزير الدفاع البريطاني الرقم إلى النصف محددا العدد بـ25 ألفا فقط بحلول نهاية عام 2016.
إذا كان هذا هو حال الإحصائيات حول العدد الإجمالي لمقاتلي داعش، فإن تحديد عدد الأطفال المقاتلين تبدو مهمة شبه مستحيلة. وباستثناء تقارير صحافية وتصريحات لخبراء قدرتهم في حوالي 1500 طفل، لم تصدر أية جهة بعد إحصائيات دقيقة حول عدد الأطفال المقاتلين في صفوف داعش وجنسياتهم. هذا مع وجود بعض الإحصائيات المتفرقة التي تقدمها بعض الدول الأوربية، كفرنسا التي تقدر عدد مقاتليها القاصرين في ساحات القتال في سورية والعراق بـ20 مقاتلا من مجموع 400 طفل فرنسي موجود هناك.
من أين جاؤوا؟
لتجاوز هذا الفراغ في الإحصائيات، ومن أجل رسم صورة أولية عن الأطفال الجنود لدى داعش وجنسياتهم وأعمارهم وظروف مقتلهم. لجأ باحثون أميركيون من جامعة ولاية جورجيا إلى تتبع دعاية داعش المتعلقة بالأطفال المقاتلين لمدة 13 شهرا، بين كانون الثاني/يناير 2015 وكانون الثاني/يناير من العام التالي. ودرس الباحثون أشرطة الفيديو والتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل على تطبيق تيليغرام، التي يعلن فيها داعش مقتل أحد الأطفال في صفوفه.
ومكّنت الدراسة من تحديد 89 طفلا من 14 جنسية قتلوا في ظروف مختلفة، خلال تلك السنة، مع تصنيفهم حسب العمر ومكان وظروف الوفاة.
وتصدر السوريون لائحة الأطفال القتلى بواقع 31 في المئة. غير أن هذه النسبة مرجحة للارتفاع بشكل كبير، إذ إن داعش لا يحدد في كثير من الحالات جنسية الطفل القتيل مكتفيا بوصفه بـ"الأنصاري"، أي من أهل البلد الذي كان الطفل فيه.
في المقابل، يبلغ "المهاجرون" (أجانب بجنسيات مختلفة) ثمانية في المئة بالتساوي مع اليمنيين، فيما ينحدر الباقون بالترتيب من المغرب وبريطانيا وطاجكستان وأستراليا وفرنسا ولبنان وليبيا ونيجيريا والسعودية والسودان وتونس.
كيف قتلوا؟
تؤكد الدراسة أن تنظيم داعش يعامل الأطفال "بنفس الطريقة التي يعامل بها من هم أكبر منهم".
يبلغ ثلثا الأطفال الذين شملتهم الدراسة بين 12 و16 عاما. وفي الوقت الذي ينحدر فيه أغلب القتلى من سورية، فإن العراق كان الساحة التي شهدت وفاة أكثر من نصفهم (51 في المئة)، فيما قتل 36 في المئة في سورية. يوضح هذا أن أغلب الأطفال المقاتلين المنحدرين من جنسيات أخرى قتلوا في العراق وليس في سورية. وشلمت الدراسة أيضا الأطفال المقاتلين في صفوف داعش في اليمن وليبيا ونيجيريا (باعتبار أن بوكو حرام بايعت داعش)، غير أن نسبتهم تبقى محدودة.
وعن ظروف وفاة المقاتلين الأطفال، كشفت الدراسة أن 39 في المئة منهم قتلوا خلال تنفيذ هجمات بسيارات مفخخة، في حين قتل 33 في المئة أثناء المعارك، وأربعة في المئة جراء تنفيذهم عمليات انتحارية، وستة في المئة كانوا رجال دعاية ملحقين بالوحدات المقاتلة (على الأرجح مصورون و"إعلاميون" لنقل المعارك)، و18 في المئة كانوا "انغماسيين"، وهم في الغالب مقاتلون مزودون بأسلحة خفيفة يقتحمون صفوف الخصم قبل أن يقوموا بتفجير أحزمتهم الناسفة إذا لزم الأمر (خاصة بعد نفاذ الذخيرة).
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659