أطفال عراقيون/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال عراقيون/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"أي غريب يقترب منها تبدأ بالصراخ والبكاء"، تقول شروق هليّل، 22 عاماً، في إشارة إلى أنها تعاني كثيراً في التعامل مع طفلتها الوحيدة التي لم تتجاوز الخامسة من عمرها. 

أشعر بخوفها

وتضيف أنّ ابنتها تشعر بالخوف. "كانت نائمة في حضني عندما صرختُ لحظة وصول خبر مقتل شقيقي على يد جماعات داعش عام 2014، حيث كان يعمل منتسباً في القوات الأمنية".

لم تنتبه شروق لخوف ابنتها طوال رحلة هروبها مع زوجها من محافظة صلاح الدين والنزوح إلى مخيم التكية الكسنزانية جنوب بغداد. "لكن بعد المكوث هنا بدأت أشعر بخوفها مع الجميع وخاصة الذين لم تألف وجوههم".

وتشير إلى أن الكثير من أطفال المخيم كحال طفلتها بسبب ما شاهدوه من قتل ودمار وجوع وإلى أنّها لا تعرف كيف يمكن أن تخفّف من خوفها أو ما ينبغي أن تقوله لها في كثير من الأوقات.

طفلي يسرق

أما أحمد صالح، 42 عاماً، فيعاني من تكرار الشكاوى في المخيم بحق سلوك ابنه الذي لم يتجاوز السبعة أعوام من عمره. يقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن طفله يسرق طعام وأشياء أقرانه.

ويضيف أحمد الذي يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة بعد نزوحهم من محافظة صلاح الدين عام 2014، "حاولت بالقوة واللين منعه من اتباع هذه العادة السيئة. لكنني فشلتُ".

ويشير إلى أنه لا يستطيع توفير كل شيء يريده طفله أو يراه بحوزة غيره من الأطفال. "لا أملك المال لشراء ما يحتاجه. وهو لا يستوعب هذه الحقيقة".

لا يحب الاستماع إليّ

أما كوثر فلاح، 31 عاماً، فتعجز عن إيجاد طريقة مناسبة في التعامل مع ابنها الذي يتصرف بعدوانية.

وتقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنه لم يكن هكذا. "لكن بعد النزوح صار يعتدي بالضرب على الذين أصغر منه سناً" .

وتضيف كوثر التي قتل عناصر داعش زوجها في محافظة صلاح الدين عام 2014 لتفر مع عائلة زوجها وأطفالها الخمسة نحو بغداد "لا أستطيع السيطرة عليه. فكلما تعاملت معه بحزم يهرب من الخيمة. هو لا يحب الاستماع إليّ".

وتشير إلى أنها كلما حاولت منع طفلها الذي يبلغ تسعة أعوام من عمره من استخدام العنف في تعامله مع أقرانه يبدأ بتكرار سؤاله "لماذا لم تقتلك جماعات داعش؟ لماذا لم يتركوا لي أبي؟".

القسوة في التعامل

"أتمنى تزويج بناتي. كي أتخلص من مسؤوليتهن"، تقول أحلام ياسين، 45 عاماً، في حديث لموقع (إرفع صوتك).

وتضيف أحلام وهي أم لثلاث فتيات أكبرهن تحت سن الـ18 عاماً، أن والدهن لا يسمح لهن الالتحاق بالمدرسة ويفرض عليهن قيوداً وضغوطاً كثيرة. "لذا لا خيار لديهن للتخلص من معاناتهن إلا بالزواج".

"يقسو عليهن كثيراً. وأنا أقف ضده معهن. لكن إلى متى يمكنني الوقوف معهن؟"، تتساءل.

وتشير أحلام التي نزحت مع أسرتها من مدينة الرمادي عام 2014، إلى أن زوجها يخاف عليهن من كل شيء. كما يشعر بأنه يستخدم في تربيتهن الأسلوب الصحيح.

"الوقت غير ملائم لاستخدام القسوة في التعامل معهن بالنظر الى الصعوبات التي نعيشها في المخيم"، قالت أحلام.

لا يتذكر أي شيء

أما عامر الصكر، 39 عاماً، فيقول إن طفله الذي يبلغ ستة أعوام من عمره يجد صعوبة في الحديث أو وصف ما يراه لهم.

ويضيف عامر، الذي نزح من أسرته المتكونة من أربعة أفراد من ضمنهم أمه من محافظة صلاح الدين عام 2014، "عندما أحاول طرح عليه بعض الاسئلة عن مشهد ما، يصف الأشياء بطريقة متقطعة وغير مترابطة. أحياناً يخيل إليّ أنه لا يتذكر أي شيء يحدث معه".

ويشير في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أن هذه الحالة بدأت بالظهور بعد النزوح. "لا يتفاعل مع ما يحدث. يتحدث قليلا ولا يبكي عندما يتعرض لأذى، ونادراً ما أسمع ضحكته".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.