بقلم علي قيس:
لا يختلف إثنان على أن الأطفال هم الضحية الأكبر والأكثر تضررا بالأحداث التي شهدتها مناطق واسعة العراق أخضعها تنظيم داعش لسلطته ما بعد حزيران/يونيو 2014، حيث انتهى المطاف بكثير من العوائل إلى مخيمات النزوح بعد سلسلة طويلة من الأخطار والتهديدات، لتكون تلك المخيمات نقطة تحول في حياة مئات الآلاف منهم.
"الأطفال وجدوا أنفسهم في مخيمات النزوح من دون أن يكون لهم اختيار أو قرار، والطفل في هذه الحالة يتعرض لضغوط نفسية واجتماعية وحياة لا يعرف عنها شيء"، يقول أستاذ الاجتماع في جامعة بغداد عبد الواحد مشعل، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الطفل يشعر أنه في جو غير طبيعي وأهله لا يستطيعون أن يقدموا له شيء لذلك قد تصدر عنه تصرفات غير طبيعية".
ويوضح مشعل بعض التصرفات التي قد تصدر عن الطفل، ومنها:
- التصرف العنيف
ظروف الإهمال تدفع الطفل إلى تفريغ طاقته وقلقه الداخلي على شكل أعمال عنف، كالصراخ وضرب أقرانه، فهو يحاول التعبير عن رفضه للواقع الذي يعيشه.
والحل بتوفير برامج تربوية وترفيهية يتمكن من خلالها الطفل تفريغ الشحنات التي بداخله.
- السرقة
بسبب الجوع والحرمان والحاجة قد يلجأ بعض الأطفال إلى إشباع حاجتهم عن طريق السرقة، والطفل في هذه الحالة ليس له ذنب ومعاقبته تأتي بنتائج أكثر سلبية.
وهنا مسؤولية على الأسرة في ضبط سلوك أبنائها وتوفير أكبر قدر ممكن من احتياجاتهم، كذلك على الجهات الحكومية توفير الأكل والشراب والحاجات الأساسية للأطفال.
- ترديد أحاديث الكبار ولغتهم
قد لا يعي الطفل المسائل الطائفية أو العرقية، لكنه يقلد ما يتعلمه وما يسمعه. ومن الناحية التكوينية، فإن الطفل عندما يكون غاضبا على واقع يعيشه سيلجأ إلى ترديد بعض ما يسمعه من كلام طائفي، وهنا مسؤولية الأسرة في تثقيف أبنائها.
- رفض التعلم والدراسة
الكثير من الأطفال قد لا يرغبون بالدراسة في الظروف غير الطبيعية كالنزوح وأجواء الخوف والصدام المسلح، لذلك يجب توفير الظروف الملائمة والمدارس البديلة.
- البحث عن الترفيه
يحاول الطفل وبسبب الضغوط التي يعيشها إلى البحث عن متنفس يبدد من خلاله حالة الخوف التي يعيشها، لذلك من الضروري مساعدته على قضاء وقت في بعض الفعاليات الترفيهية.
وهنا يأتي دور الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.
حاجة الأطفال النازحين إلى الترفيه
بدورها تضيف مديرة "المركز الثقافي للطفل"، زهرة الجبوري، أن "أطفالا كثيرين تحولوا إلى متسولين ومن ساعد في ذلك هي الدولة لأنها لم تقدم الاهتمام الكافي بهذه الشريحة"، مشيرة في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أن "الدولة كان همها الوحيد توفير الطعام والشراب ولم تفكر في الحالة النفسية للطفل وما سيترتب عليها من انعكاسات بعد سنوات".
وتتابع الجبوري أن "المركز الثقافي للطفل حاول وبالتعاون مع وزارة الهجرة والمهجرين استقطاب أكبر عدد من الأطفال إلى المركز لكن وبسبب التقشف لم ينفذ المشروع".
وبحسب الجبوري، فإن المركز التابع لوزارة الثقافة العراقية، مستمر بتقديم العروض المسرحية والأفلام السينمائية والبرامج التربوية والمنزلية والثقافية التي تخص مرحلة الطفولة، موضحة استعدادها لاستقبال الأطفال النازحين، بينما يظل العائق الذي يحول دون ذلك هو وسائل نقل الأطفال من المخيمات القريبة من العاصمة العراقية إلى المركز الكائن وسط بغداد.
نازحون وكرفانات؟
اتهام الحكومة بالتقصير في موضوع رعاية الأطفال النازحين، يؤكده المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين ستّار نوروز، قائلا في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن موضوع الأطفال النازحين لم يلق اهتماما حكوميا مناسبا بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، موضحا "ما قدمناه كان فقط مدارس الكرفانات بالتنسيق مع وزارة التربية لأن استمرار الأطفال بالتعلم يمنع حدوث فجوة بين الطفل والدراسة".
وفيما يعترف نوروز بوجود حالات عنف وسرقة وغيرها من التصرفات لدى الأطفال النازحين، يضيف "شخّصنا سبل المعالجة لكن ليس لدينا القدرة الكافية على تنفيذ برامج المعالجة"، لافتا إلى وجود "تنسيق مع اليونيسف والمنظمة السامية لشؤون اللاجئين لكنه محدود، نحاول عبره إيجاد أماكن صديقة للطفولة تضم بعض الألعاب التي تساعدهم في الترفيه لكنها تبقى أعمالا بسيطة".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659