مخيم التكية الكسنزانية/إرفع صوتك
مخيم التكية الكسنزانية/إرفع صوتك

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

بات عمر ابنُ النازحة نبأ عزيز التي تعيش في المخيم برفقة زوجها وأطفالهما الستة من مدينة الموصل، أكثر من عامين وما زال من دون بيان ولادة أو هوية.

أنجبت نبأ، 32 عاماً، طفلها عندما كان داعش يسيطر على المدينة عام 2014. ورفض آنذاك زوجها تسجيله لأن بيانات الولادة عليها ختم التنظيم.

تقول لموقع (إرفع صوتك) "كنا نشعر بالقلق. وفضّلنا تحمّل كل المصاعب على أن تدرج أسماؤنا في سجلات جماعات داعش الإرهابية".

وتشير نبأ التي تعيش الآن في مخيم التكية الكسنزانية جنوب بغداد إلى أنها قد وضعت طفلها في البيت وليس بالمستشفى خوفاً من هذه الجماعات. "كانت ولادة عسيرة. وقد ولد طفلي مصاباً بضيق التنفس الذي تفاقمت حالته الصحية فيما بعد وصار يعاني من مرض الربو".

جنسية طفلتي

يعيش الكثير من العراقيين الذين كانوا في مناطق سيطرة داعش هاجس عدم اعتراف الدولة بأوراقهم الثبوتية التي تحمل ختم "الدولة الإسلامية- الخلافة". وفرض التنظيم الإرهابي على السكان في المناطق التي كان يسيطر عليها قوانينه، وأنشأ إدارات خاصة به.

في الموصل مثلاً، خلال فترة العامين والنصف الماضية، لم يكن ممكنا لأهل المدينة إصدار عقود زواج أو شهادة وفاة أو ولادة رسمية عراقية. 

لكن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن في كانون الأول/ديسمبر 2016 أنه سيتم "تسجيل الأطفال المولودين أثناء سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل في المناطق المحررة بشكل طبيعي". والآن بدأ الناس يتحرّكون لتسجيل عقود زواجهم أو أطفالهم. لكن كل حالة تختلف عن الأخرى بحسب ظروف النزوح والأماكن المحررة.

"وضعتُ طفلي بعد مقتل زوجي على يد جماعات داعش بأيام قليلة"، تقول آمال هارون، وهي نازحة مع أطفالها الأربعة من محافظة صلاح الدين عام 2014.

وتضيف آمال، 32 عاماً، والتي كان زوجها منتسباً في القوات الأمنية "وقتها كانت الأوضاع مربكة، لذا لم أحصل على بيان ولادة لطفلي".

وتشير إلى أنها ما زالت تنتظر إصدار أوراق ثبوتية من المحاكم العراقية.

أوراق ثبوتية

مشكلة خولة نواف، النازحة مع أطفالها الأربعة من محافظة الأنبار عام 2014، مختلفة بعض الشيء. فقد عانت الأمرين بسبب  طفلتها التي يبلغ عمرها الآن سبعة أعوام بسبب رفض والدها القيام بالإجراءات الإدارية المطلوبة.   

تقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) "انفصلتُ بحكم المحكمة عن أبيها قبل ولادتها بشهر. ومنذ ذلك الوقت وأنا أسعى خلفه لإصدار جنسية لها. لكنه لا يبالي".

والآن طفلتها تواظب على الدوام في مدرسة المخيم، لكن بلا وثائق رسمية أو جنسية. وتشير خولة إلى أن أغلب المعاملات الرسمية تتوقف حين لا تتوفر جنسية طفلتها.

"يطلبون مني جلب ما يثبت نسبها من دوائر محافظة الأنبار، وهي مهمة أشبه بالمستحيل بالنسبة إلي".

وتشير خولة إلى أن جنسية طفلتها تشكل مشكلة كبيرة، وخاصة في مسألة الحصول على حقوقها أو المنح المالية من الحكومة. "لا أستطيع الخروج من مخيم التكية الكسنزانية لأنني لا أحمل البطاقة الأمنية الخاصة بالنازحين".

"الرجوع إلى محافظة الانبار مسألة في غاية الصعوبة. وإذا فكرت بالذهاب فقط لغرض إصدار الهويات قد لا أستطيع العودة إلى بغداد من جديد. ستمنعني القوات الأمنية". 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.