أطفال سوريون يعملون في أحد الحقول الزراعية في البقاع/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال سوريون يعملون في أحد الحقول الزراعية في البقاع/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان

يعتبر الأطفال اللاجئون من أكثر الفئات حاجة للمساعدة والرعاية من قبل الحكومات ومنظمات الإغاثة المحلية والدولية.​

ويشكل الأطفال واليافعون السوريون (حتى 17 عاماً) المسجلون في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة نصف عدد اللاجئين السوريين في كل من الأردن (أي حوالي 300 ألف طفل) ولبنان (حوالي 500 ألف  طفل).  

وتسعى منظمة الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة Save The Children وغيرها من المنظمات الدولية والمحلية لمساندة الحكومات في لبنان والأردن في تأمين الخدمات الصحية والتعليمية ضمن مخيمات النزوح والمجتمعات المضيفة وسط مخاطر عدة يتعرض إليها هؤلاء الأطفال، ومنها:

1-    الاستغلال:

بذلت الحكومات جهداً لاستيعاب الأطفال السوريين في دول اللجوء، فأقامت مدارس عدة في المخيمات ووفّرت فرصة الحصول على التعليم المجاني ضمن المدارس الحكومية في المدن.

لكن أفادت تقارير لمنظمة "يونيسف" أن عدداً من الأطفال يضطر إلى ترك المدرسة والالتحاق بسوق العمل لمساعدة ذويهم، الذين واجهوا مصاعب جمة في استصدار تصاريح العمل الخاصة باللاجئين. وغالباً ما يتم استغلالهم في ظروف كهذه فيحصلون على أجور ضئيلة ويضطرون للعمل بساعات طويلة أو حتى ممارسة نشاطات غير شرعية كالتسول.

2- مشكلات تعليمية

حرم عشرات الآلاف من الأطفال من الالتحاق بالمدرسة في دول اللجوء بسبب عدم قدرة ذويهم على الحصول على "بطاقة الخدمة" الخاصة باللاجئين والصادرة من قبل السلطات الأردنية واللبنانية للسوريين المقيمين على أراضيهما. وتعتبر هذه البطاقة من الشروط اللازمة لتسجيل الأطفال في المدارس.

كما يتخلف الأطفال عن المدارس لأسباب عديدة أخرى، منها العنف من قبل زملائهم. فقد أشارت تقارير لمنظمات دولية إلى أن 1600 طالب سوري تسربوا من التعليم من مدارس الأردن عام 2016 بسبب تعنيف زملائهم الأردنيين 

ولم تتخذ خطوات جدية لحل لهذا الموضوع إلا مؤخراً. فقد أصدرت كل من وزارتي التعليم الأردنية واللبنانية في بداية الفصل الدراسي 2016-2017، تعليمات للمدارس الحكومية بقبول أي طالب سوري حتى وإن كان لا يملك الأوراق الرسمية أو بطاقة اللاجئ اللازمة عند التسجيل، إلى جانب العمل بنظام الدوامين لاستيعاب لأكثر عدد من الطلاب.  

3-صعوبة تسجيل الولادات الجديدة

ويواجه أهالي اللاجئين مصاعب لتسجيل الولادات الجديدة. فقد دلّت الإحصاءات الأخيرة في 2014 أن 72 في المئة من الأطفال اللاجئين المولودين في لبنان لا يملكون شهادة ميلاد بسبب التعقيدات الحكومية التي تتطلب أحياناً أوراق إقامة شرعية قد لا يمتلكها اللاجئ. ولكن هناك جهوداً من وزارة الداخلية والبلديات لتذليل هذه العقبات، حسب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

4-مخاطر التعرض للأمراض 

يتعرض الأطفال للكثير من الأمراض منها ما يكون جلدياً بسبب المياه الملوثة والحياة في المخيمات وقد يكون نفسياً أيضاً بسبب صور المعارك التي عايشوها وقد تتحول مشكلاتهم الصحية إلى أمراض مزمنة في حال عدم معالجتها من قبل المختصين.

ومن أكثر الفئات التي تعاني من ضعف الخدمات الصحية هم النساء الحوامل وهن غير قادرات أحياناً على الحصول على الرعاية في المستشفيات والمستوصفات.

وسعت مفوضية اللاجئين في الدول المضيفة بالتعاون مع شركائها، إلى تأمين رعاية صحية أولية للاجئين. في لبنان مثلاً، يستطيع اللاجئون وأعمارهم من خمسة أعوام إلى 60 عاماً والمسجلون ضمن المفوضية الحصول على خدمات صحية لقاء أجر زهيد تتراوح قيمته بين 3000-5000 ليرة لبنانية (أي ما بين دولارين و3.5 دولار أميركي).

كما عملت منظمات دولية أخرى على تأمين اللقاحات الأساسية للأطفال والبالغين، فقد قامت منظمة الهجرة الدولية بتلقيح حوالي 64 ألف طفل سوري في الأردن بين أعوام 2013-2014 ضد مرض شلل الأطفال إلى جانب لقاحات ضد السل والحصبة.

 5- زواج الفتيات المبكر:

 أكثر الفتيات اللواتي تزوجن في دول اللجوء هن أقل من 18 عاماً وبينما يعتبر أهاليهن أنها وسيلة لتخفيف الفقر، إلا أنها قد تعرض الفتيات للعنف الأسري والاستغلال وترك التعليم.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.