آثار الحرب واضحة على حي القادسية شرقي الموصل/ وكالة الصحافة الفرنسية
آثار الحرب واضحة في الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

سار برفقة والديه من الموصل العراقية متنقلاً بين الجبال في رحلة الهجرة من الوطن بعد أن احتل تنظيم داعش مدينته، فاستحالت معيشة الأسرة. خاف الأب على ولديه الصغيرين فقرر الفرار والبحث عن مكان يأمن فيه على حياة عائلته.  

نجح أبو عبد الله في الخروج من مدينة الموصل بصحبة عدد من العائلات الموصلية. واستطاعت العائلة الهرب من دوريات الدواعش مستترين بظلمة الليل حتى وصلوا إلى مكان أكثر أمناً. وهناك قابلوا أحد المهربين الذي أوصلهم إلى العاصمة العراقية مقابل 300 دولار للفرد إلى أن وصلوا مطار بغداد.

يروي عبد الله، 16 عاماً، لموقع (إرفع صوتك) أن والده هرب بالأسرة من العراق عام 2014 بعد وصول الدواعش إلى مدينة الموصل وكان هدفه الحفاظ على سلامة أفراد الأسرة وعددهم أربعة (أب وأم وولدين).

الوصول إلى مصر

اتخذ أبو عبد الله القرار بالهجرة إلى مصر فهي الأكثر أمناً من وجهة نظره، وقد كان له ما أراد. وظنّت الأسرة أن المعاناة قد انتهت بوصولها لمطار القاهرة، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

استطاع والده الحصول على عمل بعد طول بحث في مكتب لتأجير السيارات ودخل عبدالله وشقيقه الأصغر مدارس أهلية بالمجان. "تأقلمنا سريعاً على المعيشة في مصر لتشابهها مع الحياة في العراق على الرغم من صعوبة فهم بعض الموضوعات الدراسية لاختلاف اللهجة، وضيق المكان الذي نسكن فيه على خلاف البيت الفسيح الذي هجرناه في العراق".

مرض الأب

كانت الأمور تسير بشكل جيد، حسب عبد الله، إلى أن مرض الأب وساءت صحته. فلم يعد قادراً على العمل وتلبية احتياجات الأسرة لإصابته بالغضروف. ولم يجد الأبناء الصغار من يساندهما لاستكمال حياتهما. فما كان أمامهما إلا أن يتركا الدراسة ويبحثا عن عمل لسداد إيجار المسكن وتدبير نفقات الطعام وعلاج والدهما الذي أقعده المرض.

لم يكن ترك الدراسة أمراً سهلاً على عبد الله وأخيه الأصغر فراس (14 عاماً). يحكي عبد الله أن الدراسة ليست عائقاً أمامهما فهي مجانية وهما مجتهدان ويستطيعان استكمالها ويطمحان إلى ذلك لإدراكهما أن التعليم هو مستقبلهما، لكن كما يقول المثل الشعبي "ما باليد حيلة". فظروف الأسرة باتت صعبة ولا مفر أمام الأخوين إلا العمل وهو ما طلبه والدهما. وبدأت رحلة البحث عن عمل إلى أن استطاعا العمل بمصنع للأحذية لمدة 10 ساعات يومياً مقابل أجر مادي بسيط لا يزيد عن 600 جنيه للفرد أي 1200 جنيه (حوالي 60 دولار لهما معاً).

يقول عبد الله لموقع (إرفع صوتك) "الحمد لله رغم قلة الراتب إلا أننا نحاول تدبير معيشتنا، وتساعدنا والدتنا فهي تقوم بعمل بعض الحرف اليدوية كالمفارش والإكسسوارات بالمنزل فيما تقوم صديقتها وجارتها ببيعها وهو ما يساعدنا في المعيشة".

وعلى الرغم من الصعاب والتحديات والمعاناة التي لاقاها الصبي عبد الله، إلا أنّه ما زال يتمنى أن يستكمل دراسته يوماً ما. 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.