عائلة موصلية نازحة في الطريق إلى مخيم النزوح في منطقة الخازر شرق الموصل/إرفع صوتك
عائلة موصلية نازحة في الطريق إلى مخيم النزوح في منطقة الخازر شرق الموصل/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

يخشى المواطن محمد الموصلي (40 عاما) على ابنه صلاح (10 أعوام) الذي درس في مدارس الموصل خلال أكثر من عامين ونصف تحت سيطرة تنظيم داعش من أن ينجر مستقبلا خلف الأفكار المتشددة بعد أن درس مناهج التنظيم وقرأ كتيباتهم التي كانوا يوزعونها على التلاميذ والطلبة في المدارس.

ويقول محمد لموقع (إرفع صوتك) إنّه رغم تخلصهم من تنظيم داعش وتحرر مناطقهم، لكن الفكر الداعشي ما زال يخيم في عقول بعض الأطفال الذين درسوا في هذه المدارس طيلة الفترة التي كانت فيها المناطق محتلة من قبل التنظيم.

"التنظيم زرع الفكر المتشدد والعنف في عقولهم"، يقول محمد مطالبا الجهات المعنية والمختصين بمد يد العون لأطفال الموصل من خلال تأهيلهم ومعالجتهم نفسيا.

مناهج داعش

أما الطفل صلاح فيروي لموقع (إرفع صوتك) كيف كان التنظيم يتعامل مع الأطفال في المدارس. "كنت في الصف الخامس، كان المعلم يلبس الزي الأفغاني، ويحمل معه عصا إلى الصف وكان يضربنا بقوة بسبب أو بدونه. وروى لنا قصصا عن مسلحي داعش ومعاركهم وكان يقول لنا عندما تكبرون ستصبحون جنودا في الدولة الإسلامية وستذبحون الكفار".

ويشير صلاح إلى أنّ التنظيم كان يخضعهم لتدريبات عسكرية بدلا من درس الرياضة، ويعلمون الأطفال كيفية استخدام السلاح. "حتى درس الرياضيات كنا ندرس حساب المفخخات والقذائف والمعارك".

التنظيم ومنذ سيطرته على الموصل وأطرافها في صيف 2014 بدأ بزرع التطرف والعنف في أدمغة أطفال هذه المدينة، من خلال تغيير المناهج الدراسية في المدارس بمناهجه، وتدريس الأطفال لفكره الإرهاب. كذلك وبحسب سكان الموصل، فإن التنظيم عمل ومن خلال المراكز الإعلامية التي افتتحها في أحياء المدينة على توزيع كتيبات على الأطفال والمراهقين تحثهم على الإرهاب، وعرض لهم فيديوهات المعارك التي يخوضها مسلحوه بعد أن قام بتجميلها بإحكام لإغراء المراهقين والأطفال للالتحاق بهم.

ما بعد داعش

من جهته يُبين العضو الأسبق في المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق، مسرور أسود، أن أوضاع الأطفال تعتبر مشكلة كبيرة في مرحلة ما بعد تحرير المدينة من تنظيم داعش.

ويقول لموقع (إرفع صوتك) "تحتاج الموصل في مرحلة ما بعد داعش إلى بذل جهود كبيرة لأن أطفالها تلقوا في المدارس خلال أكثر من عامين ونصف من سيطرة التنظيم على المدينة مجموعة من المواد الجديدة التي أدت إلى تغيب العقل الخاص لهؤلاء الأطفال، وبالتالي الافكار المتطرفة التي أخذوها ستؤثر على التعامل مع نسبة كبيرة منهم".

ويُشدد أسود بالقول أنّ على الحكومة والجهات المختصة ومنظمات المجتمع المدني والإعلاميين العمل في كيفية تغيير المناهج أولا، والبدء ببرامج متسلسلة الغرض منها إعادة الفكر الخاص بهؤلاء الأطفال، وزرع التسامح وقبول الآخر والإيمان بحوار الأديان، ونبذ العنف والتطرف في نفوسهم.

ويؤكد أسود على ضرورة أن توضح للأطفال أن البيئة التي احتضنتهم فيما مضى كانت ملوثة ومؤمنة بالعنف واللجوء إلى القوة.

أما رئيسة منظمة (الأجيال) الناشطة الموصلية هناء الخطاب، فترى أن الحرب ومخلفاتها عرضت أطفال الموصل لأبشع جرائم الانسانية. وتوضح لموقع (إرفع صوتك) "لا بد أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة إعادة تأهيل الأطفال ومساعدتهم للتخلص مما تراكم في عقولهم من أحداث وأفكار".

وتُحدد الخطاب عدة طرق لإنقاذ الأطفال من الأفكار المتشددة في الموصل، ومن ضمنها التوعية غير المباشرة ومن خلال إشراكهم في مواضيع فنية ورياضية وثقافية وإنسانية وإدخال البرامج الترفيهية الى المناهج الدراسية إلى جانب توفير الحماية النفسية والصحية والفكرية لهم ودمجهم في المجتمع من جديد.

لكنها تتوقع أن تستغرق عملية إعادة تأهيل أطفال الموصل وقتا طويلا. وتقول "هذا الاندماج والتغيير لن يكون سهلا وقد يحتاج إلى سنة أو سنتين وأكثر".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.