أطفال نازحون من تلعفر في مخيم قرب أربيل/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال نازحون من تلعفر في مخيم قرب أربيل/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

تشير أرقام وزارة الصحة إلى أن عدد العوائل النازحة في عموم العراق منذ حزيران/ يونيو 2014 وحتى مطلع العام الجاري تجاوز 760 ألف عائلة نازحة، ويشكّل الأطفال دون سن الخامسة ما بين 10- 15 في المئة من أفراد تلك العوائل.

ويعاني غالبية هؤلاء الأطفال الحرمان من التعليم والأكل والملابس اللائقة، إضافة إلى أوضاع تهدد فرص البقاء على قيد الحياة، ما أثر عليهم نفسياً وجسدياً.

ويقول العضو السابق في المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان فاضل الغراوي إن "الإجراءات الحكومية للتقليل من معاناة الأطفال النازحين حتى الآن غير جادة"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن "المساعدات عندما قدمت كانت بشكل جزئي لم يساعد على سد الاحتياجات، مثلا اهتموا بتقديم السلة الغذائية وأهملوا ملف التعليم".

مسؤوليات الحكومة

ويوضح الغراوي، وهو مسؤول ملف حقوق الأطفال في المفوضية المنحلة، أبرز الواجبات التي تقع على عاتق الحكومة بخصوص الأطفال النازحين بقوله:

  • النقل إلى أماكن آمنة: معظم الأطفال النازحين تعرض إلى عملية التهجير القسري، لذلك هم بحاجة لنقلهم إلى ملاذات آمنة تضم مساحات واسعة يمارسون فيها حقوقهم.
  • توفير المواد الغذائية والصحية.
  • توفير مستلزمات التعليم.
  • توفير برامج للتأهيل النفسي، كما هو معروف خلال أكثر من سنتين تعرض هؤلاء الأطفال إلى ضغوط نفسية بسبب عمليات القتل التي مارسها عناصر تنظيم داعش أمام أنظارهم، لذلك هم بحاجة اليوم إلى برامج لمحو تلك المشاهد.
  • معالجة موضوع تشرد وتفكك العوائل النازحة.
  • توفير مساكن مستقرة تتوفر فيها مستلزمات التعامل مع الظروف المناخية من برد وحر وعواصف وأمطار.
  • العمل على تسريع العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم الأصلية بعد إعادة أعمارها وتأهيلها.
  • ترسيخ ثقافة التسامح لدى الأطفال ومحاولة محو ثقافة العنف التي زرعها تنظيم داعش في عقولهم خلال فترة سيطرته على مناطقهم.

تخفيف الصدمات النفسية

من جانبها تنفذ هيئة رعاية الطفولة، وهي هيئة رسمية تابعة لرئاسة مجلس الوزراء العراقي، برامج تركز على الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال النازحين بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، بحسب ممثل وزارة الصحة في الهيئة محمد جبر، الذي أوضح أن الهيئة تنفذ برامج تستهدف الأطفال في مدارس الكرفانات الموجودة في مخيمات النزوح، وتسمى "البرامج اللا صفّية"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن هذه البرامج عبارة عن فعاليات رياضية وفنية ومسابقات وتقديم هدايا بهدف خلق جو يساعدهم على التفكير أن الحياة مستمرة، وتخفف الصدمات النفسية التي تعرضوا لها.

وتضم الهيئة ممثلين عن جميع الوزارات إضافة إلى ممثل عن منظمة رعاية الطفولة الأممية يونيسف.

ويضيف جبر "كما تتابع الهيئة الحالة الصحية للأطفال، لأن الاضطرابات النفسية تؤدي إلى حدوث حالات مرضية، ونحن نحاول تلافي حصول أو تفشي مثل هذه الحالات".

وبحسب عضو الهيئة، فإنها تهتم ببرامج اللقاحات التي تعد مهمة في منع تفشي الأمراض، موضحا "بمجرد دخول الأطفال إلى المخيم نعطيهم لقاحين، للحصبة وشلل الأطفال، وبعد ذلك يشملون بحملات اضافية إذا كانوا محتاجين للقاحات أخرى، منذ عام 2014 وحتى مطلع 2017 تم تلقيح نحو مليون طفل".

ويضيف جبر "كما تراقب فرق الهيئة نمو الأطفال النازحين وتشخص الأمراض الانتقالية"، لافتاً إلى وجود حملة حاليا لتقييم تغذية الأطفال دون سن الخامسة. وكشفت نتائج الحملة أنه في 2014، فإن نحو 40 في المئة من الأطفال يعانون من نقص التغذية الحاد، لكن في مطلع 2017، انخفضت النسبة إلى 20 في المئة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.