عراقية شرق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
عراقية شرق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"ذبحوا فلان وقطعوا رأس علان"، تلك العبارة لم تغادر ذاكرة أحمد نور، 20 عاماً، حتى اليوم. "طوال العامين الماضيين، كانت هذه إحدى أساليب التعذيب المفضلة لداعش لفرض سيطرته"، تقول نور مشيرة إلى أنها كانت تعيش حياة مقلقة بسبب أقاربها الذين تعرضوا لعمليات اعتقال وتعذيب وقتل. 

 وجبة واحدة في اليوم!

وكانت نور تسكن برفقة زوجها وأطفالها الأربعة في حي الشفاء ضمن الجانب الأيمن من الموصل. وهي تعيش اليوم في مخيم التكية الكسنزانية ببغداد، بينما بقي العديد من أقاربها في الموصل لأنهم لم يتمكنوا من الهرب.

وتضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "لم يكن لدينا شيء يؤكل. كنا نعجن الطحين بالماء ونقليه لنتناوله كوجبة واحدة في اليوم".

وتتابع "كنا فقراء ولا رواتب لدينا لأنّ زوجي وإخوتي وأبناء عمومتي كان بعضهم ينتسب لدوائر أمنية أو في الجيش العراقي".

وتشير إلى أنها وبسبب أخبار القتل التي كانت تسمعها باستمرار قد أصيبت بتخثر وتجلط الدم في الساق من أثر الصدمات.

عُذب بطريقة بشعة

وتتذكر نور بألم حادثة اعتقال شقيقها زهير أحمد، 31 عاماَ، والذي كان منتسباً لقوات حماية المنشآت الـ(أف بي أس) الحكومية قبل سقوط الموصل بقبضة داعش. "عندما أخذوه، أصابنا اليأس والحزن والخوف لأننا على علم بأن جماعات داعش لن تتركه حياً. ستقطع رأسه، ستقتله".

وتشير إلى أن حوادث اعتقال مماثلة في الموصل، حيث تلقي جماعات داعش القبض على كل من تصل معلومات عنه بأنه كان يعمل مع الجيش العراقي. وتمكن بعض الذين اعتقلوا من الهرب، بينما قتل الكثيرون. 

وتضيف "لكن بعد أسبوع أخبرونا بالذهاب إلى المستشفى. فذهبنا إلى الطب العدلي. كنا نتوقع استلام جثته. وبينما نحن هناك طلبوا الذهاب إلى قسم القلبية لأنه كان يرقد فيه".

وتتابع أن شقيقها قد عُذب بطريقة بشعة، الأمر الذي تسبب في أصابته بأكثر من ذبحة في القلب.  

نساء يحملن السلاح

تمكّنت نور هي وعائلتها من الفرار مع سبعة عوائل أخرى من أقاربهم من قبضة داعش مع تقدم عمليات التحرير. وتصف ما حدث معهم خلال رحلة الوصول إلى الجيش العراقي بقولها "الخروج من الجانب الأيمن مجازفة مميتة. جربها قبلنا كثيرون، وأغلبهم قد تمّت إعادتهم أو قتلهم. لكننا لم نعد نقوى على البقاء ويجب أن نهرب".

وتشير إلى أن داعش تحصل على المعلومات، غالبا من النساء اللواتي انضمت عوائلهم للتنظيم.

إضافة لخدمة تقديم المعلومات، تلتزم هذه النساء بالوقوف في مخارج المناطق لمتابعة وتفتيش النساء والأطفال خشية هروبهم . "نساء يحملن السلاح ولا يسمحن لأي عائلة بالمرور قبل التفتيش. كان الوصول لهن من الأمور الخطيرة، فقد نتعرض للقتل في حال انكشف أمرنا".

واستطاعت نور إخفاء المستمسكات الرسمية الخاصة بهم في شعر رأسها بعد أن غطته بحجاب وخمار. "كنت مرعوبة. وأخشى عثورهن عليها. لأنهن ربما يقتادني للمحاكمة أو يقمن بقتلي أمام أطفالي".

قوات الجيش العراقي

وتتابع نور "بدأنا المشي باتجاه الجانب الأيسر، وعندما وصلنا إلى منطقة السماح اختبأنا في أحد البيوت الفارغة لحين وصول قوات الجيش العراقي".

وتتابع "الجيش كان يتعامل معنا بعطف كبير. لقد ساعدونا وقدموا لنا الماء والطعام ومن ثم أخذونا إلى مخيم الخازر الذي يقع شرق الموصل".  

استغرق مكوثهم بمخيم الخازر، حوالي شهرين ونصف الشهر، حيث تم نقلهم بعد ذلك إلى مخيم التكية الكسنزانية ببغداد بسبب الزخم الكبير في أعداد النازحين. "رغم صعوبة العيش في المخيمات بسبب قلة الخدمات المقدمة. إلا أننا بدأنا نشعر وكأننا في نعيم مقارنة بما كنا نواجهه تحت حكم داعش". 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.