جنود عراقيون يتخذون مواقعهم خلال معارك مع داعش في الأنبار/وكالة الصحافة الفرنسية
جنود عراقيون يتخذون مواقعهم خلال معارك مع داعش في الأنبار/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

كان الوقت ليلاً في مخيم التكية الكسنزانية ببغداد عندما أخبروا والدة الشاب علي يونس أنه لقي حتفه. كان ذلك نهاية العام 2015.

وعلي من محافظة صلاح الدين اختار التطوع في صفوف قوات الجيش العراقي لمحاربة داعش على أن يمكث مع أمه وأخته في المخيم. 

واجبنا حماية مدننا

يقول عمّه الحاج ثامر محمد الذي يسكن في المخيم ايضاً إن ابن أخيه علي رفض النزوح معهم وقرر الانتساب للجيش لتحرير المدن العراقية من سيطرة داعش.

ويضيف الحاج وهو نازح مع عدد من أقاربهم عام 2014 في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّ "داعش استولى على كل شيء واعتقل وعذب وقتل الكثير من شباب مدينتنا. لذا كان يقول ابن أخي قبل أن يفارق حياته إنه يتعين علينا محاربة هذا التنظيم للقضاء عليه".

"في النهاية واجبنا حماية مدننا وعلينا القيام بذلك، حتى لو كلف الأمر حياتنا"، قال الحاج ثامر.

الانتقام من القتلة

أما هدية سلمان، 48 عاماً، فقد رفضت أن يمكث ابنها، الذي لم يتجاوز عمره 20 عاماً، معهم في المخيم ودفعته للتطوع في قوات الجيش العراقي.

تقول في حديث لموقع ( إرفع صوتك) "بعد مقتل أبيه على يد جماعات داعش عام 2014، دفعته للأخذ الثأر والانتقام من القتلة. وهذا لن يكون إلا بمحاربتهم".

وتشير هدية التي نزحت مع بناتها الثلاث من محافظة صلاح الدين إلى أنها فخورة بابنها الوحيد الذي لم تذكر اسمه خوفاً على سلامة العائلة "لأنه يرى أن التطوع في قوات الجيش العراقي الخيار الوحيد لاسترجاع مدننا من سيطرة داعش".

التواطؤ مع داعش

ويعتقد فرحان إبراهيم، 59 عاماً، أن ابنه أحمد والكثير من شباب المدن التي سقطت بقبضة داعش قد تطوعوا في الجيش ليثبتوا للكل أن هذا التنظيم لا يمثلهم .

ويقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) "نسمع بين الحين والآخر عبارات تتهمنا بالتواطؤ مع داعش وبأننا لم نشارك في تحرير مدننا. وهذا غير صحيح، لأن أغلب شبابنا يحاربون الآن مع قوات الجيش والحشد".

ويشير فرحان وهو نازح برفقة عائلته من مدينة الرمادي عام 2014 إلى أنه رغم شعوره بالقلق على حياة ابنه، لكنه يعتقد أن الحياة لا تستمر دون تضحيات. "لقد رفع رأسي أمام العالم كله".

فقد ثلاثة من أبنائه

ويقول مجيد غيدان، 61 عاماً، الذي فقد  أولاده الثلاثة (ستار وعمر ومناف) لأنهم كانوا من ضمن المنتسبين لقوات الجيش العراقي، "رمياً بالرصاص أعدم داعش عام 2014 في مدينة الرمادي اثنان من أولادي لأنهما كانا من منتسبي الجيش".  

ويضيف "فقدت ابني الثالث الذي تطوع في الجيش بعد نزوحنا إلى بغداد. أصيب بمعارك التحرير. كانت جروحه شديدة وفارق الحياة على إثرها".   

ويشير مجيد إلى أن بعض الذين انضموا إلى جماعات داعش من أهالي المدينة التي كان يسكن فيها قد أبلغوا هذه الجماعات عن أبنائي. وتمّ إعدامهم".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.