بقلم إلسي مِلكونيان:
يعتبر المجتمع العراقي من أكثر المجتمعات العربية تنوعاً من حيث مكوناته المذهبية والعرقية.
ولكن تقريرا أخيرا للحريات الدينية في العالم يشير إلى وجود تطرف "مفرط" يمارس في العراق خلال السنوات الماضية قد يهدد مستقبل النسيج المجتمعي.
ويصنف العراق أيضاً من ضمن الدول الذي يمارس فيها اضطهاد دون وجود بوادر حقيقية لتحسين الوضع، حسب التقرير. ويشمل هذا القتل والتعذيب والاختطاف والاغتصاب وتدمير أماكن العبادة من قبل المتطرفين كداعش في مسعى لإنهاء التنوع الديني وفرض ثقافة موحدة.
ويفسر هذا هجرة عدد كبير من المسيحيين والأيزيديين والمندائيين وغيرهم من الأقليات ويشير التقرير إلى إمكانية زوال الأقلية المسيحية ومن تبقى من الأيزيديين خلال الخمس سنوات المقبلة.
ولكن العراقيين يبذلون جهوداً كبيرة للحفاظ على الأقليات وإرساء أواصر التسامح بين المذاهب المختلفة وسط تحديات عدة.
جهود حكومية لتسوية وطنية
من جهتها، تناقش الحكومة العراقية خطة لتصويب أوضاع الأقليات، خاصة وأن تحرير الموصل وغيرها من المناطق من قبضة داعش أصبح وشيكاً.
ويوضح رئيس لجنة الأوقاف والحريات الدينية، النائب علي العلاق، أن حقوق الأقليات أصلاً يكفلها الدستور العراقي لأنه يتضمن نصوصاً حول الحرية الدينية لفئات المجتمع المختلفة.
يقول العلاق "يحفظ الدستور حقوق الأقليات الدينية والإثنية، كما أننا نرفض أن يهاجر أي منهم خارج البلاد، لأن العراق بلدهم الأم. وأريد أن أشير إلى أن الدستور يكفل حقوقهم أيضاً بإقامة مواقع للعبادة كالجوامع وغيرها والتمتع بحياة كريمة".
وأعلن النائب العراقي عن وجود مشروع لحماية النسيج المجتمعي، انطلق منذ شهور عدة، من قبل لجنة الأوقاف والشؤون الدينية، يقوم على تفعيل دور رجال الدين من علماء وخطباء على اختلاف مذاهبهم إلى جانب الأكاديميين والاختصاصين بهذا الشأن. كما يتم طرح خطة تسوية وطنية من قبل البرلمان فيها خطة شاملة تهدف إلى تحسين الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمجتمعية للمواطن العراقي على اختلاف مذهبه.
إعطاء الأقليات بصيص أمل؟
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة للحفاظ على النسيج المجتمعي من الضياع لم يكن لخطتها وقع كبير على الأقليات حسب توضيح سعد سلوم، العضو المؤسس للمجلس العراقي لحوار الأديان.
ويقول سلوم لموقع (إرفع صوتك) "من خلال عملنا مع الأقليات، لا أرى كيف تمثل خطة التسوية الحكومية بصيص أمل لهم. حتى في سياق تحرير المناطق من داعش لا توجد رسالة تدعو لتعزيز الحرية الدينية للأقليات وبالتالي لا تختلف عن التسويات السابقة". ويضيف سلوم "خاصة وأن مشاكل الأقليات ليست وليدة داعش بل تعود للتشريعات العراقية نفسها التي دفعتهم على الهجرة".
ومن هذه المشاكل الاختلاف بين النصوص وتطبيقها على أرض الواقع. ففي حالة زواج مسلم بغير المسلمين يتبع الطفل والده المسلم من دون أن يكون له حرية الاختيار عندما يكبر.
بالتالي يجب أن ينظر للتسوية من خلال إرادة سياسية حاسمة. يقول سلوم "كيف يمكن أن نتحدث عن التسوية في ظل وجود ملفات معلقة كمناطق الأقليات المتنازع عليها وتغييب صوت الأقليات؟ إنما التسوية المطروحة تعيد إنتاج النخب السياسية الحالية من سنة وشيعة وأكراد لا أكثر".
ومع كل ذلك توجد في العراق جهود خجولة لتشجيع الحوار بين الأديان. فقد عقد مؤتمر حول الحرية الدينية في شهر كانون الثاني/يناير بمشاركة القادة الدينيين الممثلين عن الطوائف المعترف بها وغير المعترف بها. "ولكن هذا لا يمكن أن يكون مؤثراً من دون سياسات فاعلة وبعيدة المدى"، حسب سلوم.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659