تنظيف كنيسة في الموصل/من فيديو لـ (إرفع صوتك)
تنظيف كنيسة في الموصل/من فيديو لـ (إرفع صوتك)

أربيل - بقلم متين أمين:

رغم الأوضاع الصعبة التي عاشتها مع أبناء مدينتها الموصل خلال أكثر من عامين من احتلال التنظيم للمدينة، إلا أن دنيا عمار محمد (24 عاما) لم تتخلَ في يوم من الأيام عن حلمها في تشكيل فريق تطوعي من شباب وفتيات الموصل لتنظيف المدينة بعد التحرير من مخلفات داعش الفكرية والأنقاض التي خلفها.

ومنذ اللحظة الأولى لإعلان القوات الأمنية العراقية تحرير الساحل الأيسر من الموصل (شرق المدينة)، بادرت دنيا إلى تشكيل (شباب نينوى للتآخي) وبدأوا حملاتهم لتنظيف شوارع الموصل من مخلفات الحرب ضد تنظيم داعش.

"نحن شباب مسلمون​"

تقول دنيا التي تترأس فريق لموقع (إرفع صوتك) إن فريقها يتألف حالياً من أكثر من 35 شابا وشابة. "اجتمعنا من أجل تنظيف مدينتنا. شبكة منظمات نينوى تبنتنا وافتتحت لنا مجموعة من الدورات التوعوية لنكون جاهزين لتوعية كافة شرائح المجتمع الموصلي خاصة الشباب والأطفال".

حملات الفريق لم تقتصر على تنظيف المدارس والمستشفيات والشوارع، بل شملت الكنائس أيضا. وتقول دنيا "نحن شباب مسلمون.. إلى جانب هذه الحملات زرنا غالبية الكنائس في مناطقنا المحررة، فوجدنا كنيسة العذراء في حي الدركزلية لم تتضرر بشكل كبير من احتلال داعش كباقي الكنائس الأخرى التي دُمرت غالبيتها. لذا نظفناها بشكل كامل بعد أن أزلنا الأنقاض المتواجدة فيها، وهي جاهزة الآن لاستقبال إخوتنا المسيحيين لأداء طقوسهم الدينية فيها وستكون أول كنيسة تفتتح في الموصل".

تأهيل وتوعوية

تجوّل مراسل موقع (إرفع صوتك) مع دنيا وعدد من أفراد الفريق في المدينة ليشاهدوا المباني والكنائس التي دمرها التنظيم قبل الفرار من الساحل الأيسر. وتشتكي دنيا وفريقها التطوعي من عدم استجابة الأهالي لحملاتهم. وتقول "عندما ننظف المناطق في الساحل الأيسر، لا نرى أي استجابة من الأهالي، مثلا بعد أسبوع من تنظيفنا لمنطقة شقق الخضراء رأينا أن النفايات عادت مرة أخرى إلى أماكنها كأنها لم تنظف أبدا".

اختار لهذا الفريق إطلاق حملة توعوية للأهالي أيضا. وتسلّط دنيا الضوء على المشروع الجديد بالقول "رأينا أن العقول بحاجة إلى التنظيف وزرع الثقافة فيها أولا ومن ثم تنظيف المناطق، سنطلق خلال الأيام القادمة حملة لتوزيع مناشير توعوية على المنازل والمدارس في هذه المناطق كي نوازن بين الثقافة والتوعية التي نقدمها لهم في المدارس وفي الشارع".

قدّم هذا الفريق الشبابي حتى الآن دورات توعوية لطلبة وطالبات وتلاميذ ثلاث مدارس (مدرسة إبتدائية وإعداديتين) شارك فيها أكثر من 400 طالب وطالبة. وتؤكد دنيا أن المشاركين والمشاركات تفاعلوا بشكل جيّد مع الدورات.

هذه الدورات خاصة بتحصين فكر الطالب من التأثر بالفكر الإرهابي ومن التطرف. وتقول دنيا إنّ العمل يركّز على إزالة الأفكار السلبية التي زرعها التنظيم خلال فترة سيطرته على الموصل في عقول الناس. "كلنا تأثرنا بالفكر الداعشي وما زال هذا التأثير مسيطرا على البعض منا. 90 في المئة تقريبا من سكان الساحل الأيسر المحرر من الموصل ما زالوا متأثرين نفسيا وفكريا بالتنظيم".

أربع لجان

وينقسم هذا الفريق إلى أربع لجان هي الفكرية والخدمية والعلمية والإنسانية. وتحمل كل لجنة على عاتقها جزءا من مسؤولية إعادة الحياة إلى المدينة، وحسب طاقتها. فخلال أكثر من شهر من انطلاق الفريق، تمكّن هؤلاء الشباب من تنظيف العديد من مباني وأحياء المدينة التي لا تجد فيها حيا أو زقاقا إلا والأنقاض والنفايات ومخلفات مسلحي التنظيم وآثار دمارهم ظاهرة فيها.

وتقول دنيا إنّهم إلى جانب الحملات التوعوية، تعاونوا مع فرق شبابية أخرى للعمل على حملات تنظيف المدينة. "نظفنا المستشفيات والمدارس والشوارع من الأنقاض ومخلفات تنظيم داعش وفتحنا المدارس لتكون جاهزة لاستقبال التلاميذ والطلبة".

وفي هذا السياق تذكر تنظيف أربع مدارس في مناطق شقق الخضراء وحي الأخاء والسماح ومستشفيين هما مستشفى الخنساء وإبن الأثير. "وما زالت حملاتنا مستمرة".

مواهب الشباب

في المقابل، يسردُ مسؤول إعلام شبكة منظمات المجتمع المدني في نينوى مهند الأومري لموقع (إرفع صوتك) مشاهداته خلال الندوات التوعوية التي يقدموها للشباب. ويقول إنّه من خلال الدورات التوعوية التي يقدمونها لشباب الموصل، لاحظ أنهم يتمتعون بالمواهب التي اضطروا إلى كبتها بسبب تنظيم داعش.

"هناك طلاب يتمتعون بمواهب كتابة الشعر وكتابة القصص التي تتسم بطابع واقعي وتروي الأحداث التي عاشوها خلال أكثر من عامين ونصف من سيطرة التنظيم على المدينة، وطالبوا بالانضمام إلى فريقنا والمساهمة في تنظيف المدينة وإعادة الحياة لها".

ويشير إلى أن الخوف ما زال يطغي على وجوه الموصليين رغم تحرير مناطقهم "فغالبية الفتيات لم يستغنين حتى الآن عن النقاب. وعندما نسألهن عن السبب يقلن أن هناك خلايا نائمة للتنظيم في المناطق المحررة، لذا ندعو القوات الأمنية إلى الإسراع بالتدقيق الأمني للقضاء على فلول داعش".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.