لوحة رسمت تحت جسر الجادرية ببغداد/إرفع صوتك
لوحة رسمت تحت جسر الجادرية ببغداد/إرفع صوتك

بغداد – بقلم دعاء يوسف: 

"لحظتها، لم أفكر بهويتهم أو انتمائهم المذهبي، كانوا يواجهون الموت بين عربات مدمرة وسيارات تحولت إلى كتل من اللهب. ولم يكن بوسعي غير إنقاذ حياتهم"، يقول رياض عطية في إشارة إلى الحادثة التي أنقذ فيها أشخاصاً من غير طائفته في تفجير إرهابي مزدوج بعبوتين استهدف أحد أحياء العاصمة العراقية بغداد عام 2009.

كان عراقياً مثلي

رياض الذي كان يعمل حارساً أمنياً لمؤسسة شيعية، فقد ساقه بعدما أصيب في التفجير الثاني بعبوات ناسفة في بغداد، عندما كان يحاول إنقاذ حياة الذين وقعوا ضحايا الانفجار الأول. ويقول في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "مكان الانفجار كان مكتظاً بحركة السير لحظة استهدافه، لأنه من الأسواق التي يلجأ إليها الناس من مختلف المذاهب الدينية".

ويضيف رياض الذي لم يتجاوز العقد الثالث من عمره "بين آخر لحظة حملتُ فيها جريحاً آخر من بين الأنقاض واللحظة التي أفقت فيها وأنا على سرير في المستشفى. كل شيء بدا في أجزاء من الثانية. لا أتذكر كيف فقدت ساقي. لكنني كنت فرحاً عندما فتحت عيني ووجدت أمامي عائلة الشاب الذي أنقذتُ حياته وهم يحاولون التخفيف من معاناتي بالألم".

لم يكن يهتم رياض في أن من انقذ حياته في اللحظات الاخيرة التي فقد فيها ساقه كان من أبناء الطائفة السنية. بل يبتسم وهو يقول "هو سني وأنا شيعي عبارة خاطئة... لقد كان عراقياً مثلي".

منطلق إنساني... لا طائفي

وإذا سألته لماذا أنقذت حياة سني وأنت شيعي، وكيف ستتصرف لو كنت تعلم بأن الذي ستحاول إنقاذه لحظة الانفجار كان سنياً؟ يجيب أنّ كل ما رسخ في ذهنه لحظة الانفجار هو حمل الضحايا وإبعادهم عن النيران. "إن أكثر اللحظات إنسانية هي تلك التي تدرك فيها لأول مرة أنك تتعامل مع الآخر من منطلق إنساني. لا طائفي".

ويشير إلى أنه قد لا ينفي الكثير من العراقيين وجود النزاعات الطائفية بين الشيعة والسنة، لكنهم يتناسون هذا الأمر في لحظة إنسانية يكون فيها أحد الطرفين بحاجة للآخر.

ويرى أنّ التربة الخصبة لانتشار الطائفية متوفرة في العراق، لكن خلال حوادث التفجير التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية والتي لا تميز بين أبناء الطوائف، فإن انقاذ الضحايا هو الشيء الوحيد الذي نلجأ إليه في وقتها، "فلا مكان فيه للتفكير في أن هذه الضحية سنية أو شيعية".

التصدي لمخططاتها وأطماعها

 ويعزي الشاب الوضع الأمني المتدهور إلى صراعات الأحزاب الدينية التي توهم الناس أن ما يجري سببه خلافات مذهبية وطائفية.

ويعتقد أنّ مصلحة بعض الساسة تكمن في شغل العراقيين بقضايا لا ترتبط بتذمرهم من الأنظمة الحاكمة والفساد المستشري.

ويختم حديثه قائلاً "الطائفية واحدة من الأمور التي تشغل العراقيين عن مواجهة هذه الأنظمة والتصدي لمخططاتها وأطماعها".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

متطوعو الإغاثة وعوائل الضحايا تجمعوا امام المستشفى
متطوعو الإغاثة وعوائل الضحايا تجمعوا امام المستشفى

حذر ناشطون من محافظة نينوى العراقية، الثلاثاء، من قلة أعداد المستشفيات المجهزة للتعامل مع ضحايا فاجعة حريق زفاف الحمدانية الذي راح ضحيته المئات من القتلى والمصابين، فيما قال مراسل "الحرة" إن مستشفيات المدينة ملئت بالضحايا، في حين أكدت وزارة الصحة العراقية أن الوضع "تحت السيطرة". 

وقال المراسل إن مستشفيات محافظة نينوى "لم تعد قادرة على استقبال المزيد من الجرحى" وأن بعضهم نقل إلى مستشفيات مدينة أربيل المجاورة.

ولقي 100 شخص من المحتفلين بعرس في العراق، على الأقل، مصرعهم، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي، نتيجة اشتعال النار في قاعة الحفلات التي كان يقام فيها الزفاف في مدينة الحمدانية في الموصل، وفقا لدائرة الصحة في محافظة نينوى.

وقالت الدائرة لوكالة الأنباء العراقية الرسمية إن الحصيلة الأولية لضحايا العرس وصلت إلى 100 شخص.

رجال إطفاء عراقيون يطفئون حريقا في إحدى مدن البلاد.. صورة تعبيرية
العراق.. 100 قتيل على الأقل في حريق بقاعة زفاف
لقي 100 شخص من المحتفلين بعرس في العراق، على الأقل، مصرعهم، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي، نتيجة اشتعال النار في قاعة الحفلات التي كان يقام فيها الزفاف في مدينة الحمدانية في الموصل، وفقا لدائرة الصحة في محافظة نينوى.

ووفقا للهلال الأحمر العراقي فإن حصيلة القتلى والجرحى وصلت لأكثر من 450 شخصا حتى الآن.

 

ونقل مراسل "الحرة" عن شهود عيان قولهم إن الحريق اندلع بعد استخدام عدد من المدعوين ألعابا نارية داخل قاعة الزفاف.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني في نينوى في وقت سابق إطفاء الحريق بشكل كامل وإخراج كافة الضحايا من القاعة، لكن الناشط الذي يشارك في تنسيق عمليات الإغاثة في المدينة، صقر آل زكريا، رجح في حديثه لموقع "الحرة" تواجد ضحايا تحت الركام.

وقال زكريا إن "جميع سكان مدينة بغديدا خسروا أقارب في الحريق".

ومدينة بغديدا التي تقع في قضاء الحمدانية في محافظة نينوى هي مدينة تعيش فيها أغلبية مسيحية، وأغلب عائلاتها تربطها صلات قرابة وثيقة ببعضها البعض.

كما قال زكريا إن مدعوين من الأيزيديين قضوا أيضا في الحادث.

حملات إغاثة

وأظهرت تسجيلات أرسلها زكريا طوابير طويلة من السيارات تهرع إلى المستشفى ومكان الحادث، فيما تجمع العشرات من أقارب الضحايا أمام المستشفى، بالإضافة إلى العشرات من المتطوعين.

متطوعو الإغاثة وعوائل الضحايا تجمعوا امام المستشفى

وقال زكريا إن "مذاخر" المدينة (الاسم الشائع لباعة الأدوية بالجملة) وصيدلياتها بدأت فورا بالتبرع بالأدوية والضمادات لتغطية النقص في المستشفيات الحكومية، كما أن المواطنين بدؤوا ينقلون الجرحى بسياراتهم لتوزيعهم على مستشفيات المدينة في ظل النقص بسيارات الإسعاف.

وذكر أن حالة المستشفيات في نينوى "صعبة"، في ظل نقص الإمكانات.

صيدليات الموصل فتحت أبوابها في ساعة متأخرة من الليل للمساهمة بجهود الإنقاذ

الوزارة تطمئن

من جهتها، أكدت وزارة الصحة العراقية، أن الوضع "مسيطر عليه" في دائرة صحة نينوى، مشيرة إلى تطبيق متابعة دقيقة من مركز العمليات في الوزارة لإسعاف المصابين جراء حريق الحمدانية، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء العراقية "واع". 

ونقلت "واع" ما قاله المتحدث باسم وزارة الصحة، سيف البدر، في تسجيل، إنه "بتوجيه مباشر من قبل وزير الصحة فإن جميع دوائر الصحة مستنفرة لتقديم الدعم لدائرة صحة نينوى".

وأكد البدر أن "الوضع مسيطر عليه بحدود دائرة صحة نينوى".

وأضاف أن "الدعم وصل من جميع المحافظات المجاورة وإقليم كردستان إلى دائرة صحة نينوى"، لافتا إلى أن "هناك متابعة للإسعافات الأولية المقدمة للمصابين وحسب نوع الإصابة، حيث بعض الحالات تكون حالتها بسيطة الى متوسطة وأخرى تكون صعبة تحال إلى المراكز التخصصية".

وأشار إلى أن "الإحصائية الأولية نقلا عن دائرة صحة نينوى 100 حالة وفاة ونحو 150 إصابة"، وأعاد التأكيد على أن "الوضع مسيطر عليه وهناك متابعة دقيقة من مركز العمليات في الوزارة".

وبين أنه "تنفيذا لتوجيهات وزير الصحة مخازن الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية في وزارة الصحة تواصل إرسال شحنات الأدوية والمستلزمات الطبية إلى نينوى لإسعاف وعلاج مصابي الحريق".

أسباب الحريق

ووفقا لزكريا، المطلع على حالة قاعة الأعراس قبل الحادث، فإن ما ساهم في الحريق هو كون الجدران مصنوعة من مادة "سندوتش بنل" وهي صفائح معدنية معزولة بنوع من الإسفنج الذي يسهم بالعزل الحراري، لكنه سريع الاشتعال للغاية.

كما أنه يقول إن "السقوف والجدران مغطاة بستائر قماشية للزينة، قد تكون أسهمت أيضا بانتشار الحريق بسرعة".

وكشفت مديرية الدفاع المدني، ليل الثلاثاء الأربعاء، أن ""قاعة الأعراس مغلفة بألواح الايكوبوند سريع الاشتعال"، وقالت إن القاعة "مخالفة لتعليمات السلامة" وقد أحيلت إلى القضاء "حسب قانون الدفاع المدني المرقم 44 لسنة 2013 لافتقارها إلى متطلبات السلامة من منظومات الإنذار والإطفاء الرطبة في منطقة الحمدانية بمحافظة نينوى"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "واع".

ونقلت "واع" عن المديرية قولها إن "الحريق أدى إلى انهيار أجزاء من القاعة نتيجة استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال واطئة الكلفة تتداعى خلال دقائق عند اندلاع النيران".