الموصل - بقلم متين أمين:
اختارت سبأ أيمن الفتاة الموصلية البالغة من العمر (21 عاما) الكتابة كمتنفس لها في ظل الظروف الصعبة التي عاشتها إثر سيطرة التنظيم على مدينتها الموصل لأكثر من عامين ونصف، فدوّنت معاناتها ومعاناة نساء الموصل وما كنّ يتعرض له من انتهاكات على أيدي مسلحي داعش بالسر كي تنشره في مرحلة ما بعد التنظيم.
ورغم الخوف من أن يكتشف مسلحو داعش أمر كتابتها أثناء مداهماتهم للبيوت، إلا أنها تمكنت من أن تؤلف مجموعة من القصص الواقعية عن الخوف وحياة النساء تحت حكم داعش في الموصل.
قصص واقعية
وتجزم سبأ أن الأوضاع الإنسانية الصعبة والجرائم التي مارسها داعش ضد الموصليين بشكل عام والنساء بشكل خاص والأذى الكبير الذي وقع على سكّان المدينة دفع بها إلى أن تفكر في كتابة مجموعة من القصص الواقعية.
وتوضح لموقع (إرفع صوتك) أنّها بدأت بكتابة قصص النساء والفتيات اللاتي تأذين جميعهن من التنظيم واختارت لمجموعتها القصصية اسم (سمراء تحت الحصار). القصص التي كتبتها سبأ شملت ما تعرضت له الأيزيديات من جرائم إبادة جماعية على يد التنظيم وكذلك تهجير التنظيم للمسيحيين ونهب ممتلكاتهم والاستحواذ على عقاراتهم، "وكذلك معاناة الفتيات المسلمات حيث عشنا أيام سوداء تحت حكم داعش".
في البداية، كتبت سبأ عن نفسها وعن بنات خالاتها وأعمامها. "كنت أجلس مع بنات خالاتي ومع أقاربنا وصديقاتي وأستمع إلى ما يحملونه من أخبار عن ممارسات التنظيم ضد النساء، ومن ثم كنت أعود لأدونها كي تكون هذه القصص شاهدا على جرائم التنظيم".
الجزء الأول الذي اقتربت الفتاة من إنهائه خاص بأحداث الجانب الأيسر وسيكون الجزء الثاني خاصا بنساء وفتيات الجانب الأيمن المحاصرات من قبل التنظيم. كذلك ستحتل قضية الفتيات والنساء اللاتي تعرضن لإصابات أو فقدن أحد أعضاء جسمهن إثر القصف قبل وبعد عملية التحرير جزءا من الكتاب.
كانت سبأ في الصف السادس الإعدادي الفرع الأدبي عندما احتل داعش الموصل. وبعد نحو أسبوعين من الدراسة، ابتعدت عن المدرسة بسبب مناهج التنظيم التي تحث على العنف والإرهاب، والضغوطات التي كانت عناصر الحسبة النسائية يمارسنها على الطالبات.
قصة الفتاة الأيزيدية
ولم تنس سبأ الفتاة الأيزيدية التي التقتها لدى الطبيبة أثناء فترة داعش. وتروي قصة ذلك المشهد الذي تصفه بالمأساوي والمروع، قائلة "في أحد الأيام، ذهبت برفقة أمي إلى الطبيبة في المركز الصحي. وصدفة دخلت فتاة أيزيدية حبلى تبلغ من العمر نحو 18 عاما كانت تبكي وبرفقتها أخت مسلح داعش الذي اغتصبها بعد سبيها من سنجار وأطرافها. المشهد أثر في نفسيتي وجعلني أخجل من نفسي رغم أنني لا أعرفها، لكن مشهد الحزن في عيونها وما تعرضت له من ظلم على يد داعش لم تغب عني حتى الآن وتركت أثرا عميقا في نفسي، وكنت أسأل نفسي ما الذي اقترفته هذه المسكينة حتى تتعرض لكل هذا الظلم من أناس لايعرفون الرحمة".
بعد التحرير، عادت سبأ إلى مدرستها. وفي الوقت ذاته لم تتوقف عن مشروعها في تدوين الجرائم التي مارسها التنظيم ضد الموصليات بمختلف مكوناتهن. وتمضي بالقول "حاليا أعمل على إتمام الجزء الأول من المجموعة القصصية حيث ألتقي يوميا عددا من الفتيات الموصليات من مختلف أحياء الساحل الأيسر وأكتب قصصهن أثناء فترة الحصار".
والد سبأ طلب منها خلال الأشهر الأخيرة التي سبقت تحرير الموصل أن تحرق الدفتر الذي كانت تكتب فيه القصص خشية أن يقع في يد مسلحي داعش الذين كثفوا في تلك الفترة من مداهماتهم للبيوت. وتوضح سبأ "خبأت الدفتر في حقيبة ملابسي كي لايقع عليها عين مسلحي داعش أثناء تفتيش المنزل، وفعلا حافظت على الدفتر والقصص".
وتحدد هذه الفتاة أبرز ما تتمناه مستقبلا بقولها "أتمنى أن أجتاز الصف السادس الإعدادي وأحقق النجاح وأدخل الجامعة وأنشر مجموعتي القصصية".
وتدعو الفتاة المجتمع الدولي والجهات المعنية والمنظمات المدنية إلى مد يد العون لها كي تتمكن من نشر مجموعتها القصصية التي قضت أياما عدة في "ظل الخوف والحصار في كتابتها".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659