حاوره علي قيس:
تفاقمت ظاهرة الإسلاموفوبيا بين عدد من أبناء الطائفة المسيحية في العراق بعد أن استهدف تنظيم داعش الإرهابي مسيحيي الموصل عقب سيطرته على المدينة ومناطق سهل نينوى منتصف عام 2014.
لكن في المقابل، حاول رجال دين ومواطنون مسلمون محو الصورة المشوهة التي رسمها التنظيم، عبر مد يد التعاون معهم وتغيير الخطاب الديني تجاه الدين المسيحي.
وللحديث عن انطباع المسحيين عن الدين الإسلامي والمسلمين بعد أكثر من عامين على تجربة داعش، كان لموقع (إرفع صوتك) حوار مع بطريرك الكلدان في العراق والعالم مار لويس روفائيل ساكو.
س. هل هناك بين المسيحيين العراقيين اليوم حقا ظاهرة الإسلاموفوبيا؟
ج. هناك فرق بين الإسلاموفوبيا لدى مسيحيي العراق والمسيحيين في أوروبا. ففي أوروبا كان تواجد المسلمين حديثا ولم يكن هناك تعامل طويل بين أبناء الديانتين، أما في العراق فنحن عشنا مع بعضنا منذ زمن طويل، لذلك نحن لا نشعر بالإسلاموفوبيا كمسيحيي الغرب.
لكن في السنوات الأخيرة وبسبب الإسلام السياسي والفساد والبطالة والفقر والتمييز ولد نوع من الفوبيا.
س. ما هي عيوب الإسلام السياسي؟
ج. حين تريد جهات منه العودة إلى القرن السابع بداية ظهور الإسلام من أجل بناء الدولة، فهذا خيال، ولا يمكن بناء دولة اليوم على أسس قامت في القرن السابع الميلادي.
نحن مجتمع متنوع ومتعدد يجب احترامه، نحن نشعر بالغبن والضغوطات لكن لا نعزوه إلى الإسلام بقدر ما نعزوه إلى أشخاص متطرفين.
س. هل لمستم تغييرا في الخطاب الديني خلال الفترة الأخيرة؟
ج. نعم، هناك تغيير إيجابي في الخطاب الديني. فقد أصبح هناك شيء مؤكد مفاده أنه لا نتيجة من الخطاب المتشدد، وهذا التغيير بدأ يخلق ارتياحا لدى المسيحيين.
س. هل نستطيع تعميم التغيير ونقول إنه بات يسود المؤسسة الدينية المسلمة؟
ج. هناك مستويات في المؤسسة الدينية، رجال الدين يختلفون عن علماء الدين، فهم (رجال الدين) يفتقرون إلى الدراسة العلمية والاطلاع الشامل بأمور الدين، فيقرأون الدين بحرفية جامدة ويستندون إلى بعض الآيات والأحاديث من دون وضعها في سياقها التاريخي والجغرافي. وهناك انطباع أن الديانة الوحيدة الحق هي الإسلام والديانات الأخرى محرفة وثانوية، والخطاب العادي يتحدث عن أصحاب تلك الديانات بأنهم كفار ومشركون.
س. كيف تنظر إلى العلاقات بين المسلمين والمسيحيين على مستوى المواطنين العاديين؟
ج. على مستوى الشعب لا يوجد تطرف بسبب علاقات الجيرة التي تربط بين الناس، على سبيل المثال عند زيارتي لمناطق سهل نينوى وتحديدا لقضاء تلكيف وجدت ثلاث سيدات مسيحيات احتضنتهن عائلة مسلمة وحافظت عليهن خلال فترة سيطرة داعش على القضاء لمدة سنتين ونصف. ومثل هذه الحالات حصلت في مدينة الموصل، فعلى صعيد الأفراد والعائلات، فأواصر التعاون والعلاقات الجيدة موجودة.
س. إذن هل كان رجال الدين سببا في انتشار التطرف والتشدد الديني؟
ج. ليس كل تشدد ينسب لرجال الدين الإسلامي أو للدين نفسه، بل إن السياسيين يتحملون جزءا من ذلك. الكتل السياسية تستغل الدين كشماعة للوصول إلى بعض المكاسب الشخصية.
س. ماذا عن دور رجال الدين في العملية السياسية؟
ج. لا يمكن أن نتقدم في التعايش المشترك من دون أن تكون هناك دولة مدنية، تضمن الحماية الكاملة لكل مواطن أيا كانت ديانته وعقيدته، فالإيمان هبة من الله لا يمكن فرضها بالقوة.
كذلك يجب أن يكون تدخل رجال الدين في الجانب السياسي مقتصرا على الدعوة، أي عندما يكون هناك ظلم وفقر وجوع وعدم عدالة اجتماعية يقتصر دورنا على المطالبة بالإصلاح وعدم اقحام الدين في السياسة أو السياسة في الدين.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659