في 19 شباط/فبراير، بدأت القوات العراقية عملية عسكرية واسعة لاستعادة الجانب الأيمن/وكالة الصحافة الفرنسية
في 19 شباط/فبراير، بدأت القوات العراقية عملية عسكرية واسعة لاستعادة الجانب الأيمن/وكالة الصحافة الفرنسية

 بقلم خالد الغالي:

تمكنت القوات العراقية من استعادة الجانب الأيسر من مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى شمال العراق) بعد أربعة أشهر من المعارك. لكن المعركة الأكبر تنتظرها في الجانب الأيمن للمدينة، حيث تتركز قوة تنظيم داعش، ويتعقد الموقف بوجود قرابة 800 ألف مدني على خط النار.

الأهمية الاستراتيجية:

يقع الجانب الأيمن لمدينة الموصل جغرافيا غرب نهر دجلة، ويخرج منه الطريق الرئيسي الرابط بين مركز محافظة نينوى والحدود السورية (مقطوع من قبل الحشد الشعبي حاليا). وهو أكبر تجمع سكاني ما يزال يسيطر عليه داعش في العراق.

يضم هذا الجانب أهم معاقل داعش في حيي اليرموك و17 تموز، وكذا المباني والمواقع الحكومية التي سيطر عليها عند دخوله المدينة في حزيران/يونيو 2014. وباستعادة الجانب الأيمن، لن تبقى في يد داعش أي مركز محافظة عراقية أو مدينة بهذا الحجم، إذ سينحصر وجوده في بعض الجيوب المتفرقة (أقضية الحويجة في كركوك، تلعفر في نينوى، عنة وراوة في الأنبار...إلخ). وعمليا، يعني فقدان الجانب الغربي انهيار فكرة "الدولة الإسلامية"، التي كانت الموصل نفسها نقطة إعلانها. 

المساحة:

الجانب الأيمن أصغر مساحة من الجانب الأيسر، ولا تتجاوز مساحته 40 في المئة من المساحة الإجمالية للموصل. ومع ذلك فهو يضم أكثر من نصف أحياء المدينة (99 حيا ومنطقة سكنية من أصل 183).

الكثافة السكانية:

الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية من حيث السكان بعد العاصمة العراقية بغداد. ويتميز الجانب الغربي بكثافته السكانية العالية، حيث تقدر الأمم المتحدة عدد السكان المتبقين فيه بحوالي 800 ألف نسمة، قرابة نصفهم من الأطفال. وتتوقع المنظمة الدولية أيضا نزوح 250 ألف شخص بالتوازي مع استمرار العمليات العسكرية، علما أنه نزح لحد الساعة 30 ألف شخص. عسكريا، ستعقد الكثافة السكانية العالية في الجانب الغربي كثيرا من مأمورية القوات العراقية وستحد من قدرتها على استخدام الأسلحة الثقيلة.

العمران:

الجانب الأيمن هو أصل مدينة الموصل، ويطلق على بعض أحيائه الموصل القديمة. يمتاز بأحيائه العتيقة وتقارب مساكنه وضيق أزقته، وهي مؤشرات سلبية بالنسبة لحركة الدبابات والعربات الكبيرة. على الأرض، قد تتحول المعارك في الساحل الأيمن إلى حرب شوارع، ما يعني أن الجنود العراقيين سيكونون أمام خطر العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية والطائرات المسيرة، إضافة إلى القناصة. كما أن القوات العراقية لن يكون بإمكانها الاعتماد الكثيف على القصف الجوي والمدفعي، لكثافة المباني السكنية وتقاربها الشديد.

أهم المواقع:

إضافة إلى قرابة 100 حي ومنطقة سكنية، يضم الجانب الأيمن أهم المباني الحكومية (حوالي 20 دائرة حكومية)، وعلى رأسها مبنى مجلس محافظة نينوى، ومطار الموصل الدولي ومعسكر الغزلاني اللذين استعادتهما القوات العراقية، إضافة إلى المقر الرئيسي لمحكمة نينوى ومديرية الشرطة وقيادة عمليات نينوى.

وتؤكد تقارير صحافية أنه يضم أيضا سبعة مستشفيات كبرى، على رأسها مستشفى الموصل العام، و15 مركزا صحيا، إضافة إلى كلية طب الموصل وهي من أقدم كليات الطب وأرقاها علميا في العراق. أما عن الأحياء الاستراتيجية، فهي الفاروق، باب الجديد، الزنجلي، السرجخانة، باب السراي. ويضم الجانب الأيمن أيضا عددا هائلا المساجد على رأسها جامع النوري الكبير الذي أطل منه زعيم داعش أبو بكر البغدادي في أول ظهور علني له بعد احتلال المدينة في العاشر من حزيران/ يونيو 2014.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.