الناشطة نغم نوزاد حسن/إرفع صوتك
الناشطة نغم نوزاد حسن/إرفع صوتك

أربيل - بقلم متين أمين:

"مستقبل الناجيات الأيزيديات وكافة المتضررات من تنظيم داعش صعب في العراق لعدم وجود الاهتمام اللازم بهن خاصة من الجانب الحكومي"، بهذه الكلمات بدأت الطبيبة والناشطة الأيزيدية نغم نوزاد حديثها لموقع (إرفع صوتك) عن مستقبل الناجيات من داعش.

وتوضح هذه الناشطة الأيزيدية معاناة الناجيات بقولها "لاحظنا أن أوضاع الناجيات خارج العراق أفضل، لأن وضعهن داخل العراق كان سيئا جدا. فبعد تحرير الناجية من سجون داعش تأتي لتعيش داخل المخيمات فتصاب بصدمة أخرى، حيث تفتقر المخيمات إلى أبسط مقومات الحياة".

وتحدد نغم أنّ أهم ما تحتاجه الناجيات من جرائم داعش هي برامج خاصة بإعادة تأهيلهن ودمجهن في المجتمع وتأمين حياة حرة كريمة لهن.

وتوضح أنّ ما تعرضت له الناجيات من جرائم على يد مسلحي داعش تجعلهن يشعرن بأنهن مهانات ولا قيمة لهن.

وحصلت نغم نوزاد حسن على جائزة (المرأة الجريئة) الدولية من وزارة الخارجية الأميركية في 30 آذار/مارس 2016 لجهودها في مساعدة ضحايا جرائم داعش، وإيصال صوت النساء والناجيات الأيزيديات إلى العالم.

حكاية تركو

ورغم أن غالبية الناجيات اللاتي عالجتهن الدكتورة نغم سافرن إلى ألمانيا لاستكمال العلاج والاستقرار هناك، إلا أننا تمكنا وبمساعدتها أن نلتقي بإحدى الناجيات التي تحررت منذ أكثر من شهرين من قبضة تنظيم داعش بعد أن بقت عندهم مع أطفالها الثلاثة أكثر من عامين ونصف.

هذه الناجية هي تركو كريت (27 عاما)، لم تشأ أن تتحدّث في بداية الأمر. لكنّها عادت لتقول "بعد أن حُررت من مسلحي داعش مع أطفالي الثلاثة كنت منهارة تماما وأود الانتحار وأعاني من صداع شديد وحالتي النفسية سيئة جدا. أشعر بالخوف المستمر وتتراءى لي أحلام مخيفة. أرى أنني في قبضة التنظيم ويعذبونني مجددا، وأهذي خلال النوم وأتكلم بالعربية حتى أنني أنهض مفجوعة في وقت صلاة الفجر".

كان التنظيم قد أجبر تركو على اعتناق الإسلام وتعلم العربية، وكان أحد أفراد التنظيم يوقظها فجراً للصلاة رغما عنها وبطريقة مرعبة ظلت تطاردها حتى اللحظة.

بحسب شهادة تركو، فهي تعرضت لأقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وتعرضت لاعتداءات كثيرة من قبل مسلحي التنظيم بعد أن خطفوها من إحدى المجمعات التي كانت تسكن فيها في شمال سنجار، أثناء احتلال التنظيم للمدينة في آب/أغسطس من عام 2014.

في بداية اختطافها، نقلها التنظيم إلى تلعفر وبقت هناك مدة ثم نقلوها مرة أخرى إلى الموصل. وأخذها هي وبناتها الثلاثة الصغار مسلح داعشي من الموصل، بقت لديه فترة ومن ثم باعها المسلح الموصلي لمسلح سعودي الجنسية كان أميرا لحسبة التنظيم (شرطة داعش). وتنقلت خلال فترة العامين والنصف التي كانت محتجزة فيه لدى التنظيم بين مدن تلعفر والموصل وراوه وعنة وهيت في العراق. أما في سورية، فتنقلت بين مدن حلب والرقة وميادين ودير الزور والشدادي. وفقدت جميع أفراد عائلتها خلال احتلال التنظيم لمدينة ولم يبق سوى زوجها الذي وبحسب قولها يساعدها كثيرا لتتعافى.

تحسّن حالتها

بعد وصولها إلى المخيم خضعت هذه الناجية حالها حال كافة الناجيات للعلاج في مركز دعم الناجيات في مدينة دهوك وما زالت مستمرة في العلاج من أكثر من شهرين. وعن وضعها الآن تضيف تركو "وضعي تحسن بشكل كبير. لم أعد أبكي باستمرار كما كنت في السابق، وبدأت أنام بشكل جيد وأنا مستمرة بالعلاج".

من جهتها تؤكد الدكتورة نغم أن حالة تركو تحسنت بنسبة 60 في المئة عما كانت عليه عند مجيئها إلى المخيم.

وتقول "الناجيات الأيزيديات تعرضن لجرائم بشعة على يد داعش، لذا هن بحاجة إلى كل شيء بدءا من العلاج النفسي ووصولا إلى تحسين أوضاعهن الاقتصادية، فهن بحاجة إلى التعليم ومواصلة الدراسة".

الناجيات الأيزيدية

تعمل نغم منذ أيلول 2014 في رعاية الناجيات الأيزيديات من عنف داعش. وتقول "بداية افتتحنا مركزا لرعايتهن بالاتفاق مع المديرية العامة لصحة دهوك، هذا المركز يقدم خدمات صحية ونفسية لأي ناجية تتحرر من سجون داعش".

وتوضح الناشطة أنها بالإضافة إلى عملها في هذا المركز، تقدم الرعاية للناجيات بزيارتهن بصورة مستمرة داخل المخيمات للإطلاع على أوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية. "لاحظت أن أوضاعهن الاقتصادية سيئة جدا، وبحاجة إلى دعم مستمر من قبل الحكومة والمنظمات الدولية".

وتلقي الضوء على عدد النساء الأيزيديات الناجيات اللاتي تلقين العلاج من مركز دعم الناجيات حتى الآن، قائلة "عالجنا حتى الآن أكثر من ألف ناجية أيزيدية كانت تتراوح أعمارهن ما بين تسعة أعوام إلى 60 عاما. كنّ يعانين من حالات صحية ونفسية إثر ما تعرضن له من عنف وجريمة على يد داعش".

وتُشير إلى وجود أكثر من ثلاثة آلاف امرأة وفتاة أيزيدية حتى الآن في سجون داعش، مبينة أن مصيرهن ما زال مجهولا.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

من عروض مسرح الدمى في الموصل
من عروض مسرح الدمى في الموصل

تسعى مؤسسة "السلام المستدام" وهي مؤسسة عراقية غير حكومية، عبر استخدام مسرح الدمى الى إعادة تأهيل الأطفال في الموصل وتخليص أذهانهم من الاثار النفسية للحرب والدمار.

وأطلقت المؤسسة في 5 سبتمبر الحالي مبادرة "مسرح الدمى" التطوعية عبر عرض مسرحي للدمى بالتعاون مع المخرج عادل العمري، بمشاركة أكثر 50 طفلاً تراوحت أعمارهم ما بين 5-12 عاما، وشملت المبادرة التي نظمت في الجانب الأيمن من الموصل تقديم مجموعة من النشاطات الفنية للأطفال المشاركين وجميعهم من وجميعهم من جانب المدينة، الذي مازال يعاني من دمار الحرب.

ويقول مدير مكتب مؤسسة "السلام المستدام" في مدينة الموصل، مهند حازم محمد، لـ"ارفع صوتك" أن فكرة المبادرة هي لـ"نشر السلم المجتمعي والتماسك المجتمعي عن طريق البذرة الأولى وهي الأطفال، لذلك هذه المبادرة تعمل على تنمية قدرات الأطفال وتوعيتهم عبر الاهتمام بالبيئة التي يعيشون فيها بشكل عام والاماكن المخصصة للعب بشكل خاص"، مشيرا الى أن المؤسسة تهدف الى صناعة مسرح ثابت للدمى داخل مقرها أو مقر مركز قليتا للتنوع الثقافي، التابع للمؤسسة الواقع في الجانب الأيمن من الموصل.

وعاش أطفال الموصل أوضاعا إنسانية صعبة في ظل الخوف والجوع  خلال أكثر من 3 سنوات من سيطرة تنظيم داعش على مدينتهم، ومازالت مخيلة الأطفال الذين عاصروا التنظيم تحتفظ بمشاهد القتل والتعذيب، الذي كان مسلحو داعش ينفذونها في الموصل ضد أهالي المدينة والمناهضين لـ"داعش"، الى جانب عمل التنظيم الإرهابي  عبر مكاتبه الإعلامية التي كانت منتشرة في احياء المدينة  على نشر فكره بين الأطفال وغسل ادمغتهم، ولم تتوقف مأساة الأطفال هنا، بل زادت عمقا وسط الدمار الذي خلفه التنظيم والمعارك التي شهدتها المدينة للتخلص منه. وكانت للموصل القديمة من اعمال التدمير حصة الأسد لأن المعارك النهائية لتحرير المدينة تركزت فيها.

فريق مسرح الدمى في مؤسسة "السلام المستدام"

ويوضح محمد أسباب تركيز المبادرة على الموصل القديمة، "استهدفت المبادرة المدينة القديمة وتحديدا حي سوق الشعارين المحاذي لجامع النبي جرجيس لان هذه المنطقة عانت ما عانته من دمار ولا توجد فيها ساحات أو مناطق مخصصة للعب الأطفال. تحتوي فقط شوارع، وغالبا أطفال هذه المنطقة يلعبون في الشوارع، لذلك ركزنا على موضوع لعب الأطفال في الأماكن الآمنة".

وتستعد المؤسسة حاليا لتنظيم 3 عروض مسرحية أخرى ضمن مبادرة مسرح الدمى، يشمل الأول التوعية بالنظافة الشخصية، والثاني موضوع القلم والممحاة الذي يحتوي على رسائل حول اهمية الكتابة والقراءة بالنسبة للطفل، واما الثالث سيكون عن النزوح وتأثيره على تنشئة الأطفال وفهم أهمية الاهتمام بالآخرين والاهتمام بالعائلة والقيم وبر الوالدين.

 وتعمل المؤسسة على ترسيخ ثقافة السلم المجتمعي من خلال عرض مسرحيات دمى، التي تهتم مواضيعها بالتعايش السلمي والسلم المجتمعي ونبذ خطاب الكراهية والعنف.

ويضيف محمد "نخطط لمسرح ثابت بأدوات ثابتة وبالتعاون مع أكاديميين متخصصين في مجال مسرح الدمى لتوعية هذا الجيل كي نبدأ بداية صحيحة للنهوض بواقع المدينة وحماياتها من أي فكر يؤذيها ويدمرها".

ويؤكد محمد على أن مشروع المسرح الثابت سيتضمن تصوير مسرحيات الدمى التي تعرض، ومن ثم نشرها على الانترنت ليشاهدها الأطفال في كافة أنحاء العالم وليس فقط الموصل، و"يرى العالم أن هذه المدينة التي كانت منكوبة قادرة على الرجوع لدورها الأساسي".

وفي منتصف يوليو عام 2017 عندما كانت معارك تحرير مدينة الموصل تقترب من الانتهاء، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسف" في بيان أن "جراح الأطفال الجسدية والنفسية العميقة سوف تستغرق وقتاً أطول لتلتئم. وقد تكبد نحو 650,000 طفل من الصبيان والبنات الذين عاشوا كابوس العنف في الموصل، ثمناً باهضاً وعانوا الكثير من الأهوال على مدى 3 سنوات".

وتؤكد المتخصصة في علم النفس هاجر العبدالله الزبيدي، على أن مبادرة مسرح الدمى ولعب الأطفال يعززان من قدرة الطفل على فهم البيئة المحيطة به.

وتضيف الزبيدي لـ"ارفع صوتك": "لهذه النشاطات تأثير كبير جدا يُسهم في تقوية ثقة الطفل بنفسه وبقدرته على حلّ المشاكل التي يمكن أن تعترض سبيله لوحده من خلال مساعدة دميته والتفاعل مع البيئة التي يعيش فيها".

وتشير الزبيدي الى حاجة أطفال الموصل للدعم والمساعدة من أجل التخلص من الصدمات التي تعرضوا لها والتخلص من الماضي واثاره وهذا يكون "عبر إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع عبر مجموعة من الوسائل كممارسة الألعاب ومنها الدمى ومشاهدة المسرحيات وغيرها من الوسائل الترفيهية".