لحظة انفجار سيارة مفخخة في الجانب الأيمن من الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
لحظة انفجار سيارة مفخخة في الجانب الأيمن من الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

الظلام يغمر منزل بحي العامل جنوب الساحل الأيمن للموصل، حيث لا ضوء غير وميض الانفجارات الأحمر الذي يتسلل عبر فتحات ستائر النوافذ. هنا يستدل أنس (خمسة أعوام) عبر هذا الوميض ليصل إلى حضن أمه، "ماما غاح (سوف) نموت"؟، يقولها بخوف يمنعه من البكاء "تجيبه أمه وهي تحبس دموعها "لا ماما ما غاح نموت، وغدا نغوح (نذهب) لبيت جدو محمد تلعب مع ويلاد (أبناء) عمك".

يشتد صوت القصف وإطلاق النار بين القوات الأمنية وعناصر تنظيم داعش، فتشعر أم أنس بأصابع ابنها وقد تشبثت بظهرها بينما يدفع رأسه إلى صدرها بشدة، في محاولة لشعور بأمان بدا شبه مستحيل على عائلة هي من آلاف باتت تواجه هذا التحدي من أجل البقاء على قيد الحياة والكرامة الإنسانية.

في هذه الأثناء يدخل رب العائلة سالم (أبو أنس) الذي كان يتبادل الحديث مع جيرانه عبر فتحة في الجدار الفاصل بين منزليهما، ويخبر عائلته "لا تخافون راح نعيش للصبح، المواجهات لم تصل حيّنا حتى الآن، ولا أعتقد أنها ستصلنا هذه الليلة".

يغفو الطفل أنس بعد هدوء نسبي عرفته خطوط القتال مع ساعات الصباح الأولى، وتغفو معه والدته.

في الصباح تتصل أم أنس بوالدها الحاج محمد الطائي في حي الزهور بالساحل الأيسر، تخبره بما حدث وتطلب منه المساعدة، لكنه يكتفي بتقديم النصح والدعاء لهم بالسلامة.

يقول الطائي الذي ينقل ما حدث مع ابنته في اتصال مع موقع (إرفع صوتك) "الظروف التي يمر بها أهالي الأيمن أقسى بكثير من التي مررنا بها في الجانب الأيسر. فبالإضافة إلى شح الطعام والمياه فأن عناصر التنظيم يتصرفون بقسوة وأجرام مع المدنيين، إنهم منهارون بالكامل".

يعاني الحاج الطائي (71 عاما) من أمراض القلب والسكري، وهي معاناة تتعاظم بتأثير خوفه على ابنته المحاصرة في الجانب الأيمن.

ورغم أن عائلة الحاج محمد لم تغادر منزلها خلال عمليات تحرير حيهم في الجانب الأيسر، إلا أنه بات الآن ينصح زوج ابنته بالاستعداد للنزوح مع وصول القوات العراقية إلى حي العامل.

لم نغادر

يقول الطائي "لم ننزح لأن داعش كان ينسحب من المناطق مع قتال أقل مما يحدث الآن في الأيمن، كانت فرصة نجاتنا كبيرة، لكنه الآن يمارس الأجرام بحق المدنيين في الجانب الغربي ويرفض الهروب لأنه محاصر وليس أمامه سوى القتال حتى الموت".

ووفقا لقرارات داعش فأن منزل عائلة أبو أنس أصبح بلا أبواب كباقي منازل الحي، التي باتت ممرا لتنقل عناصر التنظيم من منزل إلى آخر على مدار اليوم.

ينقل الحاج الطائي عن (أبو أنس) قوله "على غفلة نجدهم قد دخلوا المنزل وبدأوا التنقل عبر الفتحات الموجودة بين المنازل. يدخلون مدججين بالسلاح ولا يمكننا حتى التحدث معهم، الارتباك واضح عليهم ونخشى ردة فعلهم".

كما يبدي أبو أنس مخاوف عائلته من استهداف الطائرات لمنزله بسبب المسلحين الذين يستغلون المنازل للمناورة والاشتباك، غير أبهين بمصير العوائل القاطنة في تلك المنازل.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

متطوعو الإغاثة وعوائل الضحايا تجمعوا امام المستشفى
متطوعو الإغاثة وعوائل الضحايا تجمعوا امام المستشفى

حذر ناشطون من محافظة نينوى العراقية، الثلاثاء، من قلة أعداد المستشفيات المجهزة للتعامل مع ضحايا فاجعة حريق زفاف الحمدانية الذي راح ضحيته المئات من القتلى والمصابين، فيما قال مراسل "الحرة" إن مستشفيات المدينة ملئت بالضحايا، في حين أكدت وزارة الصحة العراقية أن الوضع "تحت السيطرة". 

وقال المراسل إن مستشفيات محافظة نينوى "لم تعد قادرة على استقبال المزيد من الجرحى" وأن بعضهم نقل إلى مستشفيات مدينة أربيل المجاورة.

ولقي 100 شخص من المحتفلين بعرس في العراق، على الأقل، مصرعهم، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي، نتيجة اشتعال النار في قاعة الحفلات التي كان يقام فيها الزفاف في مدينة الحمدانية في الموصل، وفقا لدائرة الصحة في محافظة نينوى.

وقالت الدائرة لوكالة الأنباء العراقية الرسمية إن الحصيلة الأولية لضحايا العرس وصلت إلى 100 شخص.

رجال إطفاء عراقيون يطفئون حريقا في إحدى مدن البلاد.. صورة تعبيرية
العراق.. 100 قتيل على الأقل في حريق بقاعة زفاف
لقي 100 شخص من المحتفلين بعرس في العراق، على الأقل، مصرعهم، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي، نتيجة اشتعال النار في قاعة الحفلات التي كان يقام فيها الزفاف في مدينة الحمدانية في الموصل، وفقا لدائرة الصحة في محافظة نينوى.

ووفقا للهلال الأحمر العراقي فإن حصيلة القتلى والجرحى وصلت لأكثر من 450 شخصا حتى الآن.

 

ونقل مراسل "الحرة" عن شهود عيان قولهم إن الحريق اندلع بعد استخدام عدد من المدعوين ألعابا نارية داخل قاعة الزفاف.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني في نينوى في وقت سابق إطفاء الحريق بشكل كامل وإخراج كافة الضحايا من القاعة، لكن الناشط الذي يشارك في تنسيق عمليات الإغاثة في المدينة، صقر آل زكريا، رجح في حديثه لموقع "الحرة" تواجد ضحايا تحت الركام.

وقال زكريا إن "جميع سكان مدينة بغديدا خسروا أقارب في الحريق".

ومدينة بغديدا التي تقع في قضاء الحمدانية في محافظة نينوى هي مدينة تعيش فيها أغلبية مسيحية، وأغلب عائلاتها تربطها صلات قرابة وثيقة ببعضها البعض.

كما قال زكريا إن مدعوين من الأيزيديين قضوا أيضا في الحادث.

حملات إغاثة

وأظهرت تسجيلات أرسلها زكريا طوابير طويلة من السيارات تهرع إلى المستشفى ومكان الحادث، فيما تجمع العشرات من أقارب الضحايا أمام المستشفى، بالإضافة إلى العشرات من المتطوعين.

متطوعو الإغاثة وعوائل الضحايا تجمعوا امام المستشفى

وقال زكريا إن "مذاخر" المدينة (الاسم الشائع لباعة الأدوية بالجملة) وصيدلياتها بدأت فورا بالتبرع بالأدوية والضمادات لتغطية النقص في المستشفيات الحكومية، كما أن المواطنين بدؤوا ينقلون الجرحى بسياراتهم لتوزيعهم على مستشفيات المدينة في ظل النقص بسيارات الإسعاف.

وذكر أن حالة المستشفيات في نينوى "صعبة"، في ظل نقص الإمكانات.

صيدليات الموصل فتحت أبوابها في ساعة متأخرة من الليل للمساهمة بجهود الإنقاذ

الوزارة تطمئن

من جهتها، أكدت وزارة الصحة العراقية، أن الوضع "مسيطر عليه" في دائرة صحة نينوى، مشيرة إلى تطبيق متابعة دقيقة من مركز العمليات في الوزارة لإسعاف المصابين جراء حريق الحمدانية، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء العراقية "واع". 

ونقلت "واع" ما قاله المتحدث باسم وزارة الصحة، سيف البدر، في تسجيل، إنه "بتوجيه مباشر من قبل وزير الصحة فإن جميع دوائر الصحة مستنفرة لتقديم الدعم لدائرة صحة نينوى".

وأكد البدر أن "الوضع مسيطر عليه بحدود دائرة صحة نينوى".

وأضاف أن "الدعم وصل من جميع المحافظات المجاورة وإقليم كردستان إلى دائرة صحة نينوى"، لافتا إلى أن "هناك متابعة للإسعافات الأولية المقدمة للمصابين وحسب نوع الإصابة، حيث بعض الحالات تكون حالتها بسيطة الى متوسطة وأخرى تكون صعبة تحال إلى المراكز التخصصية".

وأشار إلى أن "الإحصائية الأولية نقلا عن دائرة صحة نينوى 100 حالة وفاة ونحو 150 إصابة"، وأعاد التأكيد على أن "الوضع مسيطر عليه وهناك متابعة دقيقة من مركز العمليات في الوزارة".

وبين أنه "تنفيذا لتوجيهات وزير الصحة مخازن الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية في وزارة الصحة تواصل إرسال شحنات الأدوية والمستلزمات الطبية إلى نينوى لإسعاف وعلاج مصابي الحريق".

أسباب الحريق

ووفقا لزكريا، المطلع على حالة قاعة الأعراس قبل الحادث، فإن ما ساهم في الحريق هو كون الجدران مصنوعة من مادة "سندوتش بنل" وهي صفائح معدنية معزولة بنوع من الإسفنج الذي يسهم بالعزل الحراري، لكنه سريع الاشتعال للغاية.

كما أنه يقول إن "السقوف والجدران مغطاة بستائر قماشية للزينة، قد تكون أسهمت أيضا بانتشار الحريق بسرعة".

وكشفت مديرية الدفاع المدني، ليل الثلاثاء الأربعاء، أن ""قاعة الأعراس مغلفة بألواح الايكوبوند سريع الاشتعال"، وقالت إن القاعة "مخالفة لتعليمات السلامة" وقد أحيلت إلى القضاء "حسب قانون الدفاع المدني المرقم 44 لسنة 2013 لافتقارها إلى متطلبات السلامة من منظومات الإنذار والإطفاء الرطبة في منطقة الحمدانية بمحافظة نينوى"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "واع".

ونقلت "واع" عن المديرية قولها إن "الحريق أدى إلى انهيار أجزاء من القاعة نتيجة استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال واطئة الكلفة تتداعى خلال دقائق عند اندلاع النيران".