طفل عراقي وسط معارك تحرير غرب الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
طفل عراقي وسط معارك تحرير غرب الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

اشتهرت منطقة حمام العليل (جنوب الموصل) بمياهها المعدنية وحماماتها الإستشفائية لكنها مؤخراً باتت تعرف على أنها منطقة تفتيش للنازحين، حيث يتمركز فيها ضباط عراقيون لتدقيق هويات الفارين من معارك الموصل، للتأكد من عدم ارتباطهم بعناصر داعش أو بتنفيذ الأعمال الإرهابية.

وبعد انطلاق عملية تحرير الموصل، بات حمام العليل الآن نقطة تهرع إليها المنظمات الدولية كونه يضم مخيماً للنازحين، يتسع لأربعة آلاف خيمة، بعدما غصّ مخيم الجدعة القريب بأعداد هائلة. وبيقى الجميع بانتظار المساعدة من المنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية وسط تحديات كبيرة.

كأنهم من أهل الكهف؟

"رأيتهم يقفون في طابور طويل بانتظار الضابط المدقق: رجال بذقون لم تحلق منذ مدة ومن دون استحمام، ونساء يجلسن على الأرض، وعدد كبير من الأطفال. الجميع يشكو الجوع والتعب وكأنهم كانوا يعيشون في كهف"، هكذا يصف حكم الدليمي، الناشط المدني في "خلية شباب نينوى" لموقع (إرفع صوتك) وضع النازحين الذين وصلوا حمام العليل من غرب الموصل.

ويتابع الدليمي "يستقبل المخيم حالياً النازحين من أحياء المأمون وتل الرمان ومنطقة العبور (غرب الموصل) والتي تحررت منذ حوالي أسبوع، وكل هرب من دياره بطريقة مختلفة".

بعض النازحين نجح بالفرار حتى قبل بدء معارك التحرير، يكشف الدليمي، موضحا "كان الناس يهربون من الجانب الغربي إلى الشرقي، عن طريق دفع رشوة لعناصر داعش للسماح بعبور النهر بواسطة الزوارق. أما بعد انطلاق معارك التحرير لم يعد ذلك ممكناً.

كما يوضح الناشط المدني شاهر، (فضل عدم ذكر اسمه الكامل)، زميل الدليمي لموقع (إرفع صوتك) وجود طرق أخرى للفرار، وذلك إما الخروج مشياً على الأقدام باتجاه القوات الأمنية فور بداية الاشتباكات دون اصطحاب الأغراض الشخصية، أو المكوث في المنزل بانتظار تحرير الحي، ثم يتوجهون إلى أقرب نقطة تفتيش ليقرروا وجهتهم بعدها: المخيمات أو الأقارب.

أين المساعدات؟

وينتشر الناشطون المدنيون للكشف عن أماكن تواجد النازحين، وذلك لإبلاغ المنظمات التي تتدخل لتقديم مواد الإغاثة السريعة كالغذاء والماء.

لكن المساعدات قد لا تصل بصورة فورية. يشير الناشطان إلى أن مجموعة كبيرة من النازحين مشوا لمدة يوم أو أنهم تجمعوا في أماكن مهجورة بانتظار العودة إلى مناطقهم المحررة من دون أن يعرف بهم أحد.

كما يشير شاهر إلى أن المساعدات لا تصل المناطق المحررة بنفس الوتيرة، قائلاً "حصلت بعض المناطق على مساعدات أقل من مناطق أخرى وهي تحتاج إلى أمور أساسية ليتمكن الناس فيها من مواصلة الحياة، كمادة النفط الأبيض مثلاً. لكن بالمجمل جميع المناطق تشكو من نقص في المساعدات. أما الجهات الحكومية فمساهمتها خجولة".

"الهجرة والمهجرين": عمل في الأيمن والأيسر

من جهتها، تقول وزارة الهجرة والمهجرين العراقية إن فرقها الميدانية استقبلت 26 ألف نازح فروا من مناطق غرب الموصل منذ انطلاق عمليات تحريرها في 19 شباط/فبراير.

وتمّ استقبال النازحين وفق خطة يشرحها ستار نوروز المتحدث باسم الوزارة، فيقول لموقع (إرفع صوتك) "قمنا بتوسيع المخيمات وزيادة أماكن الإيواء بالتعاون مع المنظمات الدولية وركزنا على مناطق حمام العليل والقيارة باعتبارها قريبة من منطقة النزاع. كما أننا عملنا على تجهيز مناطق قريبة من أربيل ودهوك في إقليم كردستان".

ويضيف "خلال الشهر المنصرم استطعنا إعادة أكثر من 76 ألف نازح إلى مناطقهم المحررة في الجانب الشرقي للموصل"، منوها إلى أن أعداد النازحين ليست بقليلة. ففي الأسبوع الماضي، كان هناك حوالي أربعة آلاف نازح في اليوم الواحد.

ويضيف المسؤول الوزاري أن تحديات كهذه تجعل العراق يطلب الدعم المستمر من منظمات الإغاثة الدولية لحل مشاكله.

أما عن مستقبل النازحين في المخيمات، يشير نوروز إلى أن الوزارة تركز على أهمية العودة الطوعية وتوفير الحد الأدنى من الخدمات والاستقرار الأمني في المناطق المحررة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.